من المهم قبل أن نخوض في مسببات وتحديات رياضة الفروسية في المملكة أن نتفق أن ملاك الخيل في المملكة لا يمثلون شريحة اقتصادية أو اجتماعية بعينها إنما هم شريحة متنوعة جمعتهم محبة الخيل ورياضات الخيل، كما جمعتهم هموم الفروسية وما تعانيه من تهميش وقصور إعلامي وإخفاقات استراتيجية لشؤونها وسياسات تنميتها لتكون مواكبة للحراك الوطني نحو تحقيق الرؤية. ورغم ما مضى من وقت على آخر مقالة كتبتها حول إعلام الفروسية فإني ما زلت أرى في الإعلام المؤهل لقيادة قاطرة النمو في الوعي والاهتمام برياضة الفروسية التي لو أخذت نصف حقها من الاهتمام والرعاية الإعلامية والإعلاميين الذين يتراكضون في كل محفل لتغطية أنشطتها وفعاليتها لكان من الممكن أن نحقق الريادة على مستوى المنطقة وننافس عالمياً في هذا المضمار الذي هو بالأصل مزيج من أصالتنا وشغفنا، لكن الأمور -للأسف- حتى هذه اللحظة تراوح مكانها بين اهتمام إعلامي سرعان ما ينتشر ويأخذ مكانه في وقت الفعاليات ليعود ويخبو بانتهاء كل فعالية، ما يعني أننا لا نملك استراتيجية إعلامية واضحة للتعريف والاهتمام برياضات الفروسية وتكاد تكون أنشطتنا أقرب إلى ردود الفعل التي تنتهي بانتهاء الفعل أو الحدث. إن الإعلام هو سيد الموقف في الرياضة بشكل عام، وهو الذي مهّد مثلاً لرياضة مثل كرة القدم لأن تكون الأكثر جماهيرية، ووجه كل الانتباهات والاهتمامات نحوها، ومع وجود استراتيجية واضحة حققت هذه الرياضة غاياتها وأهدافها ولمس الجميع التحول نحوها من كل الاتجاهات والتي كان آخرها تحوّل عدد من الأندية الرياضية السعودية شركات مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة ومؤسسات رياضية غير ربحية لكل نادٍ، وهي خطوة بلا شك ستؤتي ثمارها في تنوع الفرص وتعزيز مساهمة قطاع الرياضة في الناتج المحلي، وتعزيز حجم المحتوى المحلي محلياً وإقليمياً وعالمياً. وعلى الصورة النقيضة ما زالت رياضة الفروسية قاصرة عن أداء هذا الدور، ولا تملك تلك الجاذبية الدافعة باتجاه أن تحظى بما حظيت به رياضة كرة القدم مثلاً، وتقوم على مجموعة من الاجتهادات في تنفيذ الإطار الاستراتيجي لها، وهي التي إن نجحت تنتهي بالتصفيق لمن فاز والمواساة لمن خسر، وإن أخفقت تنتهي باستقالات إدارية، وكان الأساس هو الاجتهاد والاستثناء هو التخطيط. والفروسية كرياضة لن تقوم لها قائمة ذات شأن إلا إذا بدأنا مرحلة التفكير الجدي في استقطاب من يقودها من خارج بيئتها بحيث لا يتأثر في تراكماتها بقدر ما يفكر في حلول لها خارج الصندوق ومملكتنا تزخر بالكفاءات القيادية المؤهلة لذلك والتي تعي نتائج وأثر مساهمة قطاع الفروسية في الإنتاج السعودي وما يملكه من مقومات منافسة عالمياً، مع العمل على حل المشكلات القائمة بالدور الإعلامي والاهتمام بالإعلاميين في شأن رياضة الفروسية بما يمكنهم من تقديم دورهم الحقيقي في إبراز هذه الرياضة ومساهمتها الوطنية ودعمهم بالامتيازات والممكنات، وإشراك الإعلام ضمن خطة منهجية في بناء الصورة الذهنية عن رياضة الفروسية، إضافة إلى التعامل السريع والمعالجة العاجلة للمشكلات التنظيمي القائمة مثل تأخر صرف الجوائز وضعف البينية التحتية في الميادين، وتطوير المسار المستقبل للمدربين والجوكي السعودي وحصولهم على المكتسبات الأساسية، ومعالجة التحديات التي تواجه الملاك، وتطوير المنتج التسويقي وخاصة الرقمي للإنتاج السعودي في هذا المجال. إن المطلوب هو تحسين بيئة قطاع الفروسية وكسبها الجاذبية سواء لصندوق الاستثمارات العامة أو غيره، والوعي لدى من يكلفون بإدارة هذه المنظومة باحتياجاتها ونقاط ضعفها وتحدياتها، ونقاط قوتها وفرصها بالمقابل، وتحديد مجمل القضايا الرئيسة التي يجب التعامل معها وأولياتها والتي تأتي في مقدمتها شؤون إعلام الفروسية والعاملين فيه.
مشاركة :