د. رشا سمير تكتب: وانقلب السحر على الساحر!

  • 6/15/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هذا المثل القديم المعبر جدا معناه البسيط هو أن المسئول عن الفعل هو ذاته المسئول عن تحمل تداعياته، لكن وبكل أسف كان الموقف دوما هو أن الفعل لا يتحمل تبعياته سوى من لا ناقة لهم ولا جمل، ولأن لكل فعل رد فعل فقد أصبح البشر مفعول بهم في عصر إنزلق كل شئ فيه إلى مستنقع من القبح، ليصبح دور القوى الناعمة مثل الفنون والدراما والأدب هي محاولة إنقاذ ما يمكن انقاذه لمعالجة التردي الذي أصاب الحياة. "أنا روث" هو فيلم بريطاني مدته ساعتين يندرج تحت سلسلة من الأفلام عنوانها "أنا …. ". إنها مجموعة افلام أو عروض تلفزيونية تتناول المرأة..مشاكلها،تحدياتها وقضاياها، هذه المرة كانت البطولة للممثلة الإنجليزية الشهيرة كيت وينسليت التي عرفها العالم من خلال فيلم تيتانيك، الفيلم تدور قصته حول موضوع خطير يواجه كل البيوت، ولو كان إعتقادنا في وقت ما أن ما أحدثته السوشيال ميديا هزم البيوت العربية فقط إلا أن الفيلم يؤكد على أن المأساة طالت الجميع. الفيلم يدور حول مشاكل المراهقين والمراهقات مع السوشيال ميديا، أو دعوني أكون أكثر دقة وأقول بل حول فكرة إدمان الشباب للسوشيال ميديا وعلاقتها بالصحة النفسية والعقلية للمراهقين، ودور الأم مع أبنائها داخل هذه الحرب الهادرة المشتعلة. الأم هي كيت وينسليت وما أضفى على الفيلم صدق حقيقي وجعله يمس قلوب من شاهدوه بل ويمنحه جائزة خاصة هو أن بطلة الفيلم هي إبنة كيت وينسليت في الحقيقة وهي التي تقوم بدورها في الفيلم، كما أن من قام بدور أخاها في الفيلم هو في الحقيقة إبن الممثلة ذاتها. هكذا بدا للموضوع مصداقية وحميمية لدى المشاهد لكون الأبطال أسرة واحدة خارج الشاشة وعليها. قصة الفيلم كتبتها كيت وينسليت بالإشتراك مع دومينيك سافاج، والفكرة كما جاء على لسان الممثلة المبدعة هي طرح المشكلة التي عاصرتها مع كل من حولها وإيجاد حلول لها،  الأم تراقب ابنتها كل يوم وهي تذبل وتتآكل بسبب الضغط النفسي الذي تضعه مواقع التواصل الإجتماعي عليها، وكيف تتابع الأم وتستمع وتوجه الإبنة للخروج من تلك الأزمة. السيناريو مكتوب بدقة وبراعة، وجاء معبرا عن أزمة حقيقية هي أزمة العصر، اعجابي بالفيلم نابع من أن الغرب الذي تصور يوم أنه على الشاطئ تم إستدراجه بسهولة إلى منطقة الدوامات وبات لزاما عليه أن يصارع هو أيضا من أجل النجاة، وكأن السحر انقلب على الساحر، فالميديا وتوابعها من فيسبوك وتويتر وانستاجرام وتيك توك وغيرها هي صناعة بشر، هي محاولات من الغرب للسيطرة على العقول وتوجيه العالم في المسارات التي قرروها لنا. البيوت أصبحت في خطر، الأمراض النفسية هاجمت الشباب بقوة وأصبح ذهابهم للأطباء النفسيين حدث عادي ولكنه خطير، حالات الاكتئاب والانتحار والانطواء على النفس ناهينا من الامراض العضوية التي تسببت فيها الجلسة الطويلة أمام الشاشات..العلاقات الغريبة والألعاب الخطيرة..صور غير حقيقة لبشر يزيفون الحقائق وشباب يبحث عن المال والشهرة دون مجهود..جريمة متكاملة الأركان..فعلى من نطلق الرصاص؟. أحتاح إلى مئات الصفحات لأسطر ما أراه حولي كل يوم. الفيلم هام وخطير وكم أتمنى أن يكون لدى صناع الدراما الغربية والعربية الشجاعة الكافية لتسليط الضوء على محاولات الغرب لتغيير الطبيعة والفطرة التي خلقنا عليها الله، بدعم الشذوذ الجنسي وتدريسه في المدارس وهو ما رفضه المتحفظون في أمريكا على سبيل المثال محافظ كاليفورنيا وغيره من أصحاب المبادئ، كما حاول بعض الاعلاميين وعلى استحياء شديد رفضه وتصنيفه بأنه ضد الانسانيه لكن خوف صاحب المبدأ من التشهير والهجوم جعل الكل يقبل حتى وإن لم يدعم، ومجرد القبول هو بلا شك إنهزام للإرادة وتعميم الخطأ لمجرد أن أصحابه يملكون الصوت الأعلى والسوشيال ميديا!. كم هو محزن أن يصبح شهر يونيو هو شهر تلك الإحتفالات الماجنة بل ويسمى "شهر الكرامة"! ويتم إختطاف قوس قزح من بهجة العيون التي تعودت رؤيته والسماء التي كانت ترسل لنا به رسالة إطمئنان عقب إنتهاء المطر وسطوع الشمس. ما أصعب العصر وما أصعب التحديات التي تواجهها الأسرة..إنه دور كل من له قلم وكل من يحمل ريشة وكل من أعطاه الله صوتا ومنبرا ليصنع موقفا.. إنه دورنا جميعا لننقذ جيل يترنح ما بين الخطأ والصواب.. كونوا لأبنائكم طوق نجاة، مدوا أيديكم إليهم في لحظة ربما تكون فارقة.                                                           [email protected]

مشاركة :