إبراهيم السعافين: بين المؤهل والمتطفل الحركة النقدية لا تزال بخير

  • 6/25/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يضيء الناقد والأديب الأردني الدكتور إبراهيم السعافين، في حديثه مع «البيان»، على تفاصيل وعوالم المشهد النقدي العربي، مؤكداً أن النقاد الجيدين قلة، والبقية يتطفلون. ولا يحسنون النقد، وهم الأغلبية، وعلى مستوى الرواية الإماراتية رأى أنها تشهد نهضتها الواضحة، وأخذت تواكب الرواية العربية والعالمية، ناصحاً إياهم بمعاينة الواقع والبيئة المحلية والشعبية، مشيراً إلى أن المعرفة الإنسانية في تطور، وكذلك الدراسات الأدبية والنقدية واللغوية. كيف يتولى الدكتور إبراهيم دوره في المجتمع (ناقد وأديب وأكاديمي)؟ الجمع بين هذه الأمور سهل وصعب في آن معاً؛ فمن الطبيعي والمعتاد أن يمارس المثقف في حياته دور الأديب، وحين يتخصص يجمع في الأغلب الأعم بين العمل الأكاديمي والنقد، وقد يكون النقد كما هو في حالتي ذا علاقة بتخصصي بالضرورة. كثير من الأكاديميين يشغلهم العمل الأكاديمي، ويظل اشتغالهم بالنقد باهتاً، وربما يتوقفون لأسباب مختلفة عن ممارسة الإبداع. لحسن الحظ اجتهدت في أن أوازن ما استطعت بين هذه المجالات الثلاثة المتجاورة والمتداخلة، لما لها من مساس شديد بالحياة والإنسان والمجتمع والواقع، ربما يفرض هذا الجمع بذل جهد أكبر حتى لا يغيب العمق، ويظهر خطر التسطيح. الأدب والثقافة يلعبان دوراً مهماً في تشكيل المجتمع، لكن نلحظ في عالمنا العربي شح النقاد الجيدين وكثرة الكتاب والشعراء، لماذا برأيك هذه الظاهرة؟ وكيف تصنف الحركة النقدية العربية؟ نعم، النقاد الجيدون قلة، ولكن الوسط الثقافي والأدبي يعاني من كثرة النقاد الشداة أو ضعيفي التأهيل والموهبة، ومن المتطفلين، الذين لا يحسنون اللغة، ولا يلمون بالمعارف الأولية، والملاحظة نفسها تنسحب على الكتاب والشعراء، فالمجال مفتوح على مصراعيه لكل من هب ودب، ليقدم نفسه كاتباً وشاعراً، ولا يبخل المتطفلون وأشباه النقاد من كيل المدح والثناء والتبجيل بلغة تبلغ حد التقديس. تبقى الحركة النقدية ولا تزال بخير، وثمة نقاد مؤهلون تأهيلاً عالياً، ولكن مزاحمة المتطفلين جعلتهم يتمركزون في مواطن مهمة، ومؤثرة في جسم الحركة الثقافية وظواهرها المختلفة. قرأتُ لك نصوصاً أدبية فائقة الجمال بمنهاج أولادي بمادة اللغة العربية بدولة الإمارات. حدثنا عن هذه التجربة المهمة؟ تشرفت بأن أسندت إلي مهمة رسالة لجنة وثيقة اللغة العربية بوزارة التربية بدولة الإمارات العربية المتحدة، ثم عضوية لجنة المناهج والكتب المدرسية بمركز المناهج، ورئاسة لجنة تطوير مناهج اللغة العربية. هذه المواقع جعلت بعض رؤساء لجان التأليف، وزملائي من المؤلفين. وعلى رأسهم الزميلة الدكتورة لطيفة النجار الفلاسي، يستعينون بي لتغطية بعض نواتج التعلم، فحاولت أن أكتب نصوصاً تفي بالمطلوب من حيث الناحية الفنية والمضمونية، وتستجيب لحاجات المنهج، وقد سعدت حين سمعت من بعض أولياء الأمور ثناء وإعجاباً، وقد رأيت الاحتفاء بهذه النصوص في شكل فيديوهات، أنتجتها بعض المدارس الخاصة. لقد كانت تجربة مهمة ومثيرة، تعلمت منها الكثير. تشارك دائماً في محافل الإمارات الثقافية ومتابع أيضاً. فكيف ترى الرواية في دولة الإمارات؟ وبماذا تنصح الأدباء الجدد والجادين منهم في رحلتهم الأدبية؟ تشهد الرواية في الإمارات منذ عقود نهضة واضحة، وفي هذه الآونة تواكب مسار الرواية العربية والعالمية، وتعيش تحولات في التشكيل والمضمون، تواكب ما طرأ على الرواية من تحولات مختلفة في التقنيات السردية، وفي رؤيتها للحياة والوجود والواقع والعالم. وإذا جاز لي أن أكون في مقام الناصح للأجيال الجديدة من الروائيين فعلى الروائي الجاد أن يقرأ كثيراً من مخزون الرواية لأدباء مكرسين من مختلف الأجيال، وأن يعاين الواقع والبيئة المحلية والشعبية. فالحياة هي منجم للأفكار والأحداث والشخصيات لا ينضب، وأن يعالج قضية أو حالة أو شخصية تشغله وتسكن أعماقه. الكاتب الجاد لا يحاكي ولا يقلد، ولكن التأثر أمر طبيعي، ونصيحتي للكاتب الجاد أن يتسلح بمعرفة عميقة باللغة وأسرارها، فهي أداته التي يشكل بها عمله. أشرفت على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه لباحثين طلبة، من شعر ورواية والعناوين الدائرة في بنية الأدب فكيف ترى الأجيال الجديدة في الإبداع اللغوي؟ ليس من شك في أن المعرفة الإنسانية في تطور، وينسحب هذا على الدراسات الأدبية والنقدية واللغوية، فثمة تجديد في عناوين الرسائل تبعاً لما استجد من مجالات وتقنيات في هذا الصدد، فالحركة النقدية واللغوية العالمية الموارة تمد الدارسين بأفكار وموضوعاتٍ جديدة، ولكن ثمة فروق فردية بين الباحثين بطبيعة الحال، وثمة سلبيات في بعض الجوانب، ولكن في المحصلة النهائية هناك تطور وإبداع. التفكير النقدي يكشف مكونات الإنسان. كيف نمارسه في مجتمعاتنا، ومدى تأثيره؟ التفكير النقدي مطلب أساسي للإنسان في سلوكه وفي رؤيته للحياة وللواقع وللأشياء والعالم، وبغير هذا التفكير تختل المعادلة بين الفرد والأسرة والمجتمع والمؤسسة والسلطة. قد يكون ثمة جانب فطري لدى الإنسان، ولكن معظمه مكتسب، وتقع مسؤولية تعزيزه على كاهل الأسرة والمدرسة والجامعة والمؤسسة والمجتمع، والتفكير النقدي قرين الحرية والمسؤولية معاً. التفكير النقدي شرط أساسي لتوافر كل شروط التقدم في المجتمع والأمة. وماذا عن الحوار؟ كيف يمكن تطبيقه في مؤسساتنا؟ خاصة الحوار الاستراتيجي للمدارس، بوصفك بروفسوراً ومتخصصاً؟ الحوار منظومة شاملة من القيم، تحتاج إلى تربية، تبدأ من الأسرة والمدرسة والجامعة، وتشمل كل مؤسسات المجتمع والدولة. لا أظن أن الأمر في غاية اليسر، فهو يحتاج إلى تربية منهجية قد تقف في طريقها بعض القيم السائدة، ولكنها ممكنة في نهاية الأمر. الحوار قيمة أساسية في أي مجتمع لن يتحقق أي تطور أو تقدم حقيقي في غيابها. تراثنا الشعري يتغذى على الأمكنة والحب فهل بمقدور شاعر اليوم (شعراً ونثراً) ترويض المكان والحب كما كان في تراثنا الشعري؟ المكان والحب موضوعان شعريان أساسيان في القيم والحديث، وثمة علاقة جدلية بينهما كما نرى بين الحبيبة والطلل، وبين المنزل والحبيبة في الشعر الرومانتيكي ولا أظن أن شاعراً يمكنه أن يعزل هاتين الثيمتين عن شعره، فهما مرتبطتان بمجمل الموضوعات والأفكار الشعرية في القديم والحديث، وهذا الأمر ينسحب على الأدب بأجناسه كافة. ما أهم التحديات التي يواجهها البروفيسور إبراهيم السعافين في الوقت الراهن؟ الزمن أهم التحديات. لدي مشروعات آمل إنجازها في عدد من المجالات النقدية والإبداعية والترجمة، بعضها على وشك الانتهاء منه مثل رواية ومجموعة شعرية، وبعضها يحتاج إلى لمسات نهائية، وبعضها يحتاج إلى جهد كبير، آمل أن يمنحني الله العزم والطاقة لإنجازه. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :