أبدى عدد كبير من أساتذة علم النفس والإرشاد النفسي دهشتهم من اقتحام غير المتخصصين لمهنة الإرشاد النفسي، مؤكدين عزمهم رفع خطاب إلى الجهات المعنية في وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية للحد من انتشار ظاهرة التكسب المادي من خلال استغلال عواطف الناس. وذكر أستاذ علم النفس الدكتور إبراهيم الصباطي، أنه ومع الأسف الشديد، فإن مهنة الإرشاد بكافة مجالاته أصبحت مرتعاً خصباً للمتطفلين عليه دون أي تصريح رسمي أو رخصة مزاولة مهنة لديهم، وأوضح أنه من العجيب أن تجد رجلاً تخصصه في البكالوريوس علم أرض " جيولوجيا" وتفاجأ به ينصح ويقيم دورات إرشادية ويدرب مرشدين ويرصّع سجله الذاتي بالألقاب والدورات غير المعتمدة، وهو في المقابل ربما لم يدرس أي مقرر تربوي في حياته، ومن الأسباب التي ساعدت على انتشار هذه الظاهرة المؤسفة الوهج الإعلامي المصطنع والتزاحم على الفلاشات لكي يصبح الشخص معروفاً أمام الناس ولدى العامة منهم، الأمر الذي يجعلهم سفهاً يثقون بأنه مؤهل أكاديمياً وهو خلاف ذلك، إضافة إلى إقامة عدد من الدورات التي لا تستند إلى مرجع أكاديمي معتمد ولا يقوم بها أساتذة متخصصون في مجالهم الإرشادي الصحيح، وأضاف الصباطي أنه ومع الأسف الشديد أن ترى أكاديميين في تخصصات شرعية وأدبية لم يدرسوا مقرراً أو فصلاً دراسياً في التربية ويتصدرون الساحة مستغلين بريق أسمائهم في المجتمع. وأضاف د. الصباطي بأنه يجب ألا يمارس هذه المهنة إلا رجل متخصص لديه ما لا يقل عن شهادة الماجستير أو الدكتوراه لتتاح له الفرصة، لأنه أعدّ أكاديمياً ومعرفياً وبقي عليه اكتساب الخبرة العملية من الميدان، وبين الصباطي أن غير المتخصصين هؤلاء يطلعون بشكل تام على أسرار أسرية ومعلومات عن البيوت ومع الجهل الناشئ عن عدم تعلم أخلاقيات العمل الإرشادي ودراسة أصوله ربما يقع هذا المنتسب إلى الإرشاد في مشكلة أو قضية والأحداث الدارجة في المجتمع تدلل على ذلك. وأشار أستاذ علم النفس الدكتور صالح الزهراني، أن الساحة أصبحت سوقاً سوداء تباع فيها تجارة الاستشارات والإرشاد بشتى جوانبه،مؤكداً أنه لا يتحدث عن عيادات إرشادية أو علاجية نفسية، وإنما بعض المنتسبين للمراكز الاجتماعية في الأحياء أو في الجمعيات وغيرها الذين يقيمون دورات تدريبية ويتقاضون مبالغ مالية نظير تدريبهم للمعلمين أو المرشدين أو غيرهم، وأضاف، أنه يجب أن تقف الجهات الرقابية موقفاً صارماً من هذه التجاوزات كما يجب توعية أبناء المجتمع بأنه لا يمكن أن يقدم الخدمة الإرشادية بالشكل الصحيح إلا متخصص مؤهل تأهيلاً أكاديمياً، ومن الخطأ النظر إلى البريق الإعلامي للشخص دون معرفة أساسه من حيث الإعداد النظري والخبرة العملية، وأشار الزهراني إلى أن مرتادي هؤلاء المنتسبين إلى الإرشاد أغلبهم من النساء والفتيات وهذه إشكالية ربما توقع غير المتخصص في مشكلة إذا ما استغل معلومات مسترشديه في أمور لا تليق . من جانبه، ذكر المشرف العام على مجمع الأمل للصحة النفسية الاستشاري النفسي محمد الزهراني، أنه ومع الأسف الشديد أصبح الإرشاد وخصوصاً الزواجي والأسري مهنة من لا مهنة له، وترك الحبل على الغارب للكثير من المتطفلين للدخول في عالمه دون وجود ترخيص لمزاولة المهنة، وأشار إلى أن من يمارس هذا النوع من الإرشاد يجب أن يكون حاصلاً كحد أدنى على درجة الماجستير في الإرشاد النفسي أوالعلاج الاكلينيكي، ولديه خبرة وشهادة مزاولة مهنة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وأشار إلى أن هؤلاء مخالفون ويجب إيقاف أنشطتهم والعتب في المقام الأول على الجهات التي تحتضنهم وتتيح لهم المجال لا سيما بعض وسائل الإعلام التي تساعدهم في ذلك بنشر مسمياتهم المزيفة.
مشاركة :