نظم اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات بالتعاون مع النادي الثقافي العربي في الشارقة مساء أمس الأول أمسية أدبية بعنوان ملتقى قصيدة النثر، وذلك في مقر النادي، بحضور الشاعر حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، والدكتور عمر عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة النادي، وكرّم الملتقى الشاعرين الإماراتيين أحمد العسم والهنوف محمد، كوجهين بارزين في ساحة قصيدة النثر في الإمارات، يمتلكان تجربة طويلة في هذا المجال، وقدم الدكتور هيثم يحيى الخواجة، والدكتور أحمد عقيلي ورقتين حول قصيدة النثر، وألقى كل من أحمد العسم والهنوف محمد ونصر بدوان وحسن أبودية قصائد نثرية، وأدار الملتقى الشاعر محمد إدريس. ركزت ورقة د. هيثم الخواجة أولاً على تحديد ما يعنيه مصطلح قصيدة النثر، فقال إنها تعتمد على التكثيف والرمز والتعبير الخلاق والخيال المجنح والتقطيع الدقيق والاقتصاد اللغوي، وفيها تناغم بين الشكل والمضمون، ومضمونها بوح أشبه باللهاث، وتحدٍّ للمصاعب، وتتبع الخواجة مراحل نشأة قصيدة النثر والمصاعب التي اعترضتها والتطورات التي حدثت فيها، وتوقف عند قصيدة النثر ليقول إنها خطت خطوات متقدمة وأصبحت قادرة على المنافسة، وتغلغلت في حنايا النفس الإنسانية، وعبرت عن غربة الإنسان الداخلية، ورسمت مشاهد للأمل، وقال الخواجة إن شاعر قصيدة النثر العربية شأنه شأن أي أديب آخر عليه أن يستنبت موهبته داخل التجربة الإبداعية العربية، كي يكتسب المهارات اللغوية والفنية اللازمة للإبداع. وتوقف الخواجة عند تجربتيْ الشاعرين المكرمين أحمد العسم والهنوف محمد، فقال عن العسم إنه يخترق بإبداعه الشعري وجدان الإنسان، لأنه يومض مسافرا عبر الذات التي تنقدح بروية لكي يتسامى مع إنسانية الإنسان وهذا لم ينشأ من فراغ، لكنه نشأ عبر طاقاته الكامنة التي تنفجر عبر لغة متميزة ودلالات تستشرف الحب وتتحصن به، وقال عن الهنوف محمد إنها: تسعى من خلال تكريس حداثتها الشعرية إلى تقديم الجديد والمعاصر، وإلى تحقيق هدفها الشعري من خلال المضمون والشكل، فهي تؤمن بتأثير الشعر في المتلقي، وتؤكد أن الشعر فن ولهذا فإنها تقتنص اللحظة المناسبة، لكي تخاطب الفكر والوجدان وتتمسك بالإدهاش لما له من دور في الكشف والتأثير ومد لغة الشعر بالدفء، لأن لغة الشعر برأيها حليفة المخيلة الخصبة التي تنهض بالفنيات والدلالات الشعرية. بدوره قال د. أحمد عقيلي إن تحول النثر إلى قصيدة يعني أنه قد تخلص من أوزان الشعر القديم وقوافيه، واكتفى بشعرية الجملة، مع محافظته على الإيقاع الداخلي، الذي هو الأساس في العملية الشعرية لأنه ينبع من أعماق النفس ليلامس وجدان القارئ، وأضاف العقيلي أن من سمات قصيدة النثر أنها تكتب كما يكتب النص النثري، وتحتوي على صور شعرية تتوافر فيها الشفافية والكثافة في آن واحد، وتعوض الوزن بعناصر الاختلاف والتماثل والتناظر في المعنى، وفق موسيقى داخلية تحسُّ ولا تُقاس. واستعرض د. عقيلي نماذج شعرية لكل من أحمد العسم والهنوف محمد ومحمد إدريس لاستجلاء طرق اشتغال المعنى والإيقاع في قصيدة النثر، وكيف يتحقق فيها الإيقاع الداخلي والكثافة الشعرية، والوحدة العضوية التي تجعل عناصر القصيدة متلاحمة ومتماسكة. وألقى أحمد العسم قصائد مختارة من مختلف مراحله الشعرية، منها (من فضلك افتحي يدي، ملل في يدي اليسرى، المفقود فينا)، وركز في قراءاته على معاناته مع المرض، وتمسكه بالأمل وتحدي آلامه، يقول العسم من قصيدة: بالتأكيد سنتخلص من الأنانية يوما ما نطفئ الضوء وننام مبكرا لكن قبل أن ننهي الأنانية علينا أن نجد مكانا خاصا وواضحا حتى لو سهرنا الليل وذهبنا بقلبينا للعمل متأخرين. الهنوف محمد قرأت عدة قصائد منهاعزلة، أطفال، يتبعهم الغاوون، لأول مرة، تقول الهنوف من قصيدة عزلة، ركزت فيها على معاني الفرح والوجدانيات: أخاف على الجدران أحنو عليها أداعب ملمسها، من أنت أيها الآخر حقيقتك الطينية لا تثيرني كل هذا فقط لأنني بدلت الشعر بك نثرت رخص التراب، احتفلت به وكأنه الماء أُرطّب أوراقه الشتائية. وقرأ حسن أبودية عدة قصائد منها: ميلاد، شرفة، ما لم يبح به فنجاني، حانه، وتناول فيها غربة الفلسطيني ومعاناته وبشاعة الاحتلال، ومعاناة البسطاء، يقول أبو دية من قصيدة شرفة: على شرفة الروح تقف أيلون حزينة تهمس: حين تلملم الريح بأناملها عشق السواحل أشم رائح الفلاحين والبيادر وتلوح في القلب دمعة في القلب على شرفة الروح تترنم أيلون بصلوات الزوايا وتهمس: حين يقبض الليل عنق النجمات أشتاق لشموس الأسرجة على أضرحة الأولياء. بدوره قرأ نصر بدوان عدة قصائد منها: نرجسي الغواية، يقول الموت، وكان في قراءاته الحنين والإيحاء بمعاناة الإنسان الذي يرمز إلى فلسطين، يقول بدوان من قصيدة نرجسي الغواية: ستأتي امرأة في رداء من غمام ترف على عينيك حلما وتختفي ستبثّها آخر ما في العين من لهف وتقول: قفي قليلا عند حد النظر البعيد تلفتي وعدي بلقاء قريب