يرى مراقبون فلسطينيون أن تكثيف الجيش الإسرائيلي نشاطه الميداني في الضفة الغربية ينذر بانفجار الأوضاع ما يهدد بإضعاف السلطة الفلسطينية. ويقول المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن اقتحامات الجيش الإسرائيلي شبه اليومية لمدن الضفة خاصة مدينتي جنين ونابلس في شمالها وما يصاحبه من عمليات "مقاومة مسلحة توقع خسائر بشرية ومادية في صفوف جنوده تنذر بتصاعد الأوضاع الميدانية". وشهدت جنين ومخيمها للاجئين الفلسطينيين الاثنين الماضي عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي ما أدى لمقتل 7 فلسطينيين بينهم طفل وفتاة وإصابة نحو 90 آخرين بينهم 23 بجروح خطيرة وفق وزارة الصحة الفلسطينية. كما أسفرت العملية عن إصابة 7 جنود إسرائيليين بجروح متفاوتة جراء انفجار عبوة ناسفة محلية الصنع، أعلنت فيما بعد سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في جنين مسؤليتها عن الحادث. وأثناء العملية العسكرية التي استمرت قرابة 8 ساعات استخدم الجيش الإسرائيلي إطلاق نيران من مروحية عسكرية تجاه منطقة مدنية في المدينة بعد رصد مسلحين فيها في حادثة هي الأولى من نوعها منذ عشرين عاما. -- الوضع الميداني يتجه إلى التصعيد-- ويقول الكاتب والمحلل السياسي في رام الله أشرف العجرمي إن نتائج العملية الإسرائيلية على جنين مثلت صدمة كبيرة للقوات الإسرائيلية المهاجمة وللمستويات الأمنية والسياسية الإسرائيلية. ويضيف العجرمي لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الجهات الأمنية في إسرائيل لم تتوقع أن يكون مستوى تطور صنع المتفجرات في جنين قد وصل إلى مستوى تفجير وإعطاب الآليات العسكرية المدرعة جيدا. وأشار إلى أن إصابة سبعة جنود كانت ضربة كبيرة للاحتلال ليس فقط من حيث الفشل الاستخباري بمعرفة إمكانية وجود عبوات ناسفة بهذا الحجم وإنما أيضا لأن إسرائيل لم تتعود على مثل هذا العدد من الإصابات في الاجتياحات التي نفذتها في الضفة الغربية السنوات الأخيرة. ويتابع أن العملية في جنين أثبتت أن مجموعات المقاومة الفلسطينية التي غلب عليها طابع العمل العفوي باتت أكثر تنظيما من حيث الوعي والقدرات القتالية والتنظيم والمناورة في مواجهات لساعات طويلة. ويرى العجرمي أن الأحداث في جنين ومدن أخرى مثل نابلس وطولكرم ورام الله ربما تقود لانتفاضة جديدة خاصة إذا عمدت إسرائيل إلى التصعيد وأوغلت في عمليات القتل في صفوف الشبان الفلسطينيين. وفي أعقاب العملية العسكرية في جنين ومخيمها قتل 4 إسرائيليين في عملية إطلاق نار نفذها فلسطينيان داخل محطة وقود بين مدينتي رام الله ونابلس عصر الثلاثاء الماضي ، قتل أحدهما في المكان والأخر في طوباس بعد ملاحقته، فيما تبنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المسؤولية عن العملية. وعلى إثر ذلك نفذ مستوطنون إسرائيليون هجمات واسعة في عدة بلدات وقرى فلسطينية ما أدى لحرق عشرات المركبات والمنازل وقتل فلسطيني بالرصاص الحي وإصابة آخرين بجروح. ولاحقا قتل ثلاثة نشطاء فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف مركبة في جنين ليلة الأربعاء الماضي اثنين منهما يتبعان لحركة الجهاد الإسلامي، بينما الثالث لكتائب الأقصى الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح). -- تحديات تواجه إسرائيل في الضفة الغربية-- ويقول الكاتب والمحلل السياسي في غزة طلال عوكل إن التحدي الذي تواجهه إسرائيل في الضفة يزداد تعقيدا لأن الجماعات المسلحة نفذت منذ بداية العام 147 عملية وتحول العمل الفدائي الفردي إلى عمل منظم وتحد علني. ويضيف عوكل لـ ((شينخوا)) أنه مع تصاعد "الحملات العسكرية لقوات الاحتلال، تتصاعد قدرات وتكتيكات وعمليات المقاومة، ويزداد الثمن الذي يدفعه المستوطنون". ويتابع عوكل أنه بعد عمليتي التفجير في جنين وإطلاق النار في منطقة عيلي ظهر الارتباك الشديد على مستويات صنع القرار في إسرائيل وتنحصر خياراتها في احتواء المقاومة. وفي أعقاب عملية عيلي تعالت أصوات سياسية في إسرائيل للمسارعة في شن عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية خاصة المدن الشمالية ردا على هجمات الفلسطينيين. ودعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في تصريحات صحفية قبل يومين لشن عملية عسكرية في الضفة وقصف المباني في الجو، فيما قالت نائبة وزير المالية ميخال ميريام فولديغير في بيان إننا بحاجة إلى عملية كبيرة تعيد الهدوء والردع إلى جنين، آمل أن نحقق ذلك. ويقول عوكل إن إسرائيل تعرف بأن عملية اجتياح لشمال الضفة ستؤدي إلى انخراط الفصائل المسلحة بغزة في المواجهة ما يجعلها أمام ساحتين ساخنتين". ومع تصاعد التوتر كشفت الإذاعة العبرية العامة أول أمس الخميس أن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار عقد في نيويورك قبل نحو أسبوعين اجتماعا استثنائيا مع مسؤولين في منظمة الأمم المتحدة. وقال بار خلال اللقاء بحسب الإذاعة إن السلطة الفلسطينية فقدت سيطرتها على مناطق واسعة في شمال الضفة الغربية، الأمر الذي دفع الجيش الإسرائيلي إلى تكثيف نشاطاته فيها، محذرا من تدهور وضع السلطة وفقدان قدرتها على العمل في تلك المناطق. وتعقيبا على ذلك أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ في أن دور السلطة الفلسطينية التي تشكلت في العام 1994 وفقا لاتفاق أوسلو هو إنجاز المشروع الوطني في الحرية والاستقلال وحماية الشعب الفلسطيني ولن ترضى بغير هذا الدور الوطني والتاريخي. وأضاف أنه على إسرائيل الاعتراف بأن المشكلة في الاحتلال ولا خيار إلا الحل السياسي الذي ينهي هذا الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967. وتابع الشيخ أن ما نتعرض له حرب شرسة وشاملة يتطلب وحدة شعبنا وتماسكه بكل قواه، داعيا المجتمع الدولي للتحرك العاجل قبل فوات الأوان وإرسال لجان تحقيق وحماية في جرائم الاحتلال الإسرائيلي. -- الحكومة الإسرائيلية خيارها الوحيد استخدام القوة -- ويقول عصمت منصور المختص بالشأن الإسرائيلي إن الحكومة الإسرائيلية لا تملك أي خيارات سوى القوة ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. ويضيف منصور لـ ((شينخوا)) أن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية ليس لديها توجه لفتح أفق سياسي أو خطوات تخفف حالة الاحتقان السائدة منذ بداية العام الجاري. ويرى أن تصاعد عمليات القتل والهدم ومصادرة الأراضي ودخول المستوطنين في تنفيذ هجمات واسعة ضد الفلسطينيين ينذر بالذهاب لمواجهة مفتوحة ما لم يحدث ضغط دولي حقيقي يوقف كافة تلك الممارسات. ومنذ بداية العام الجاري، قتل 24 شخصا في إسرائيل في هجمات نفذها فلسطينيون، في المقابل قتل أكثر من 175 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية.
مشاركة :