مع اقتراب موعد التجديد السنوي لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل»، العاملة في جنوب لبنان، تسعى بعض القوى الدولية إلى تحريك ملف الترسيم البري بين لبنان وإسرائيل لإنجاز هذا الملف، أسوة باتفاق ترسيم الحدود البحرية، الذي وقعه الجانبان في أكتوبر 2022. وتشير معطيات دبلوماسية يجري التداول بها في الكواليس إلى أنه منذ الانتهاء من ترسيم الحدود البحرية، كانت الولايات المتحدة تصرّ على إنجاز الترسيم البرّي. وخلال المفاوضات حول الترسيم البحري، كان لبنان يشترط تلازم مساري الترسيم البرّي والبحرين وكانت المعادلة اللبنانية الأساسية تنطلق من فكرة الردّ على كل المحاولات الإسرائيلية لفرض وقائع برية لمصلحتها. طوال السنوات الماضية عمل الإسرائيليون على تثبيت نقاط حدودية وبناء جدار عازل على طول الحدود مع لبنان، قوبلت باعتراضات لبنانية أجبرت الإسرائيليين على التراجع. وبالتزامن مع الانتهاء من تشييد إسرائيل جدارها الحدودي، عرض الأميركيون إنجاز الترسيم البرّي لكن لبنان رفض واشترط تلازم مساري الترسيم، لكن الترسيم البحري المرتبط بإنتاج الغاز أنجز قبل البري. وحالياً هناك 7 نقاط حدود مختلف عليها، بين لبنان وإسرائيل، إذ يعتبر لبنان أن حدوده أبعد من الخطّ الأزرق، الذي تم وضعه في العام 2000 بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب. يتزامن تحريك هذا الملف في الكواليس مع نقطتين أساسيتين، النقطة الأولى تحركات حزب الله لتجاوز الخط الأزرق والشريط الشائك لجهة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتثبيت نقاط له هناك، في محاولة منه لتأكيد أن هذه الأراضي هي لبنانية، وأنه لا يمكن القبول بأي معطيات ترسيمية لها كما يريد الإسرائيليون، إضافة إلى تحركات من أهالي المنطقة الذين حاولوا الدخول إلى تلك الأراضي على قاعدة أنها تعود لهم وهي محتلة وثمة حاجة لتحريرها. أما النقطة الثانية، فكانت استعداد لبنان وترقبه لمسار التمديد لقوات الطوارئ الدولية، مع محاولة لبنانية لحذف الفقرة التي أضيفت السنة الماضية على صلاحيات عمل هذه القوات، والتي أعطتها الحق في ممارسة مهامها بدون التنسيق مع أي طرف، أي بدون الحاجة إلى التنسيق مع الجيش اللبناني. وبحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن حزب الله لا يمانع تكرار تجربة ترسيم الحدود البحرية والتي يقول الحزب، إنه وقف فيها خلف الدولة اللبنانية، وإنه لجأ الى التهديد والتصعيد وإرسال الطائرات المسيّرة لدعهم موقف الحكومة التفاوضي ومنع الإسرائيليين من قضم أي مساحة بحرية لبنانية، وكذلك الحؤول دون ما كان يطرح حول شراكة إسرائيلية ـ لبنانية في حقول الغاز. حالياً تفهم بعض التحركات العسكرية التي يقوم بها حزب الله في الجنوب، بما فيها إسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية أمس، بأنها تلويح بالتصعيد لإثبات حضور الحزب خارج الخطّ الأزرق بهدف فرض أمر واقع أساسي لا يمكن تجاوزه في حال طرح ملف ترسيم الحدود البرية قريباً، على قاعدة التمسك بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
مشاركة :