تحرير الحياة من سجنها - نجوى هاشم

  • 2/28/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أغلقت صديقتي حسابها في تويتر فجأة.. وهي التي كانت مميزة في طرحها وتبتعد كثيراً عن الجدل وعن التفاهات التي أحياناً تُطرح.. والتعصب والعنصرية التي تبثها.. أغلقت حسابها وهي التي دخلت منذ سنوات طويلة ولديها متابعون تجاوزوا العشرة آلاف إعجاباً بما تكتب وليس بالشراء.. أمس تحدثنا بحميمية الأصدقاء.. فقالت لي: خرجت من تويتر من شهور وأشعر أنني أفضل وفي راحة منه ومن متابعة الناس.. أو متابعتهم لي.. أو تلقفهم أحياناً على حياتي.. فنحن وإن شعرنا بفضاء الحرية في تويتر إلا أنها حرية مشروطة.. ومقننة.. فلا توجد حرية كاملة.. خاصة في مجتمعات لا تزال تنمو.. وتتنفس هواء الحرية التي لم تعرفها.. وعاشت سنوات طويلة بعيدة عنها.. ولذلك هي لا تستطيع أن تفصل بين ما هو عام وما هو خاص.. أو ما بين حريتي وما بين حدود حريتك.. فماذا يعني أن يعتقد أحدهم وأنت كاتب في صحيفة أن ما تغرد به هو انعكاس لشخصك أو هو أنت.. أو معاناتك الشخصية.. من السذاجة أن يعتقد أحدهم أن الكاتب يكتب فقط أحاسيسه أو مشاكله.. التي لا بد أن تنتهي ذات يوم طالما هو مرتبط بالكتابة اليومية أو شبه اليومية.. عكس المغرد العادي الحر والأكثر انطلاقاً وبالذات هؤلاء الذين يتدثرون بأسماء وهمية ويغردون بحرية من هم خلف الأبواب.. أراك ولا تراني.. ينظرون في كل شيء السياسة والأدب، والحب والدين.. ويشتمون ويتعدون على الآخرين.. وكأن الحرية هي التي أجازت كل ذلك.. فطالما هو هنا وفي كنف طائر تويتر سيغرد كما يشاء دون اعتبار لحدود حريته.. أو حرية الآخر التي ينبغي أن يعرف أنه لا يمكن التعدي عليها.. يهدد الآخر وقد تصل إلى القتل.. ويدعي عليه وعلى أعز ما عنده.. ويكفره ويغدق عليه بالاتهامات لمجرد أنه اختلف معه.. دون أن تكون هناك ضوابط رادعة أو أحكام فورية لمحاسبة هؤلاء.. وهم يخرجون عن سياق الأدب والأخلاق.. ويهددون الآخرين.. بسعادة المنتصر.. يقابل ذلك انسحاب البعض من المستنيرين من هذه الأجواء الملغمة بالعنصرية والتخويف نأياً بأنفسهم وحياتهم وحفاظاً على وقتهم من أن يهدر فيما لا يعود بالنفع ويتلف الأعصاب..! منذ يومين شاهدت دون تركيز برنامجاً وثائقياً على العربية عن إدمان وسائل التواصل الاجتماعي وكيف يقضي الإنسان وقتاً طويلاً معها من فيس بوك وتويتر وسناب وانستغرام وماسنجر والواتس أب مشتتاً بينها تاركاً كل أنواع الحياة العادية والحقيقية والملموسة لمصلحة ما هو ليس حقيقي وافتراضي ولا يمكن أن يتحول إلى حقيقي أو يكون كذلك.. وتتحول الأمور الى إدمان من الصعب التخلص منه.. وبالذات عند الشباب والمراهقين خاصة أنه يصبح أسيراً لساعات طويلة ودون نوم يطارد العالم الافتراضي والبشر الذين لا يعرفهم.. وقد أنشأ مركزاً لعلاج مدمني وسائل التواصل.. وتحدث المراهقون والشباب عن تلك الحقبة التي يتمنون أن ينسوها لأنها أضاعت عليهم الكثير من الحياة الاجتماعية والدراسية والصحية.. والآن في المركز لا يوجد سوى هاتف عمومي يتحدثون فيه إلى أسرهم ليطمئنوهم عن حالتهم.. وهم سعداء بالتغيير والنمط الحياتي الحديد الذي سوف يسلكونه مستقبلاً..! وقد كشفت دراسة أن الاستخدام المفرط للشبكات الاجتماعية على الإنترنت يمكن أن يتحول إلى إدمان حقيقي وقد يترافق مع اضطرابات السيطرة على الانفعالات.. وتحديداً الفيسبوك.. الذي لديه العديد من الخصائص التي قد تشجع على تطوير متلازمة إدمان خاصة به ووجدت الدراسة أن الإخطارات الجديدة وعدم القدرة على التنبؤ بما ينشر من محتوى جديد يجعل ذلك المستخدمين باستمرار مرتبطين بأجهزتهم وأحد أهم المخاطر في تحول هذا الارتباط إلى إدمان هو إنكار المستخدم نفسه لحقيقة أنه أصبح مدمناً بالفعل.. بينما يتحول الفيسبوك إلى جزء مهم من حياته اليومية.. لا يمكنه التخلي عنه بسهولة.. ما يشبه الإدمان الفعلي..!! وأول من وضع مصطلح إدمان الإنترنت هي عالمة التفس الأميركية "كيمبر لي يونغ" التي تعد اول أطباء علم النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة في أميركا منذ م وتعرف يونغ "إدمان الإنترنت" بأنه استخدام الشبكة أكثر من ساعة أسبوعياً.. وأرجعت أسباب ذلك إلى الملل والفراغ والوحدة والمغريات التي يوفرها الإنترنت للفرد وغيرها الكثير حسب ميول الفرد.. وحددت أكثر المواقع استخداماً وهي حجرات الدردرشة، ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر، وبرامج المحادثات الواتس أب والماسنجر والفايبر ولاين والياهو والسكاي بي، ومواقع الألعاب والمنتديات، والمواقع الاخبارية والسياسية..! لكن كيف تعرف أنك مريض بالإدمان على الإنترنت.. ويكون ذلك ب: - زيادة عدد الساعات أمامه متجاوزاً الفترات التي حددتها لنفسك.. - التوتر والقلق في حالة وجود أي عائق للاتصال بالشبكة قد تصل للاكتئاب إذا طال عدم وجودها والسعادة حين تعود.. - إهمال الواحبات الاجتماعية والأسرية والوظيفية بسبب استعمال الشبكة.. - التكلم عن الشبكة في الحياة اليومية.. - عدم القدرة على مواجهة المشكلات.. - استمرار استعمال الشبكة مع وجود مشكلات مثل التأخر في العمل وفقدان العلاقات الاجتماعية.. - الجلوس من النوم بشكل مفاجئ والرغبة في فتح البريد الإلكتروني أو رؤية قائمة المتصلين على المسنجر.. - الانشغال بالتفكير الشديد في الإنترنت أثناء انغلاق الخط.. - عدم القدرة على التعامل نع الضغوط الحياتية اليومية.. - عدم القدرة على شغل الوقت بهوايات متنوعة.. - عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية جيدة بسبب الخجل أو الانطواء! أخيراً هل أنت مدمن على هذه الوسائل؟ وهل لديك بعضاً من الأعراض السابقة؟ الإدمان يبدأ من قضاء ساعات إما مجتمعة أو متفرقة على هذه الوسائل.. راجع ساعتك وستعرف.. وستجد أن الحياة أجمل كثيراً خارج هذا الجهاز، وأروع، وأكثر راحة، وهدوءاً، واسترخاء!!

مشاركة :