تعرية لفساد المسؤولين داخل النظام القانوني السويدي في 'الانتقام'

  • 7/3/2023
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تكشف رواية "الانتقام" للروائية السويدية إميلي شيب أبعاد وملامح الشخصيات الحياتية والمهنية للشرطيين والمدعين العام السويديين وغيرهم من المسؤولين رفيعي المستوى داخل النظام القانوني، وما تحمله من اضطرابات نفسية وفساد أخلاقي وانحراف سلوكي وعداوات قديمة متجذر فيما بينهم، فالمدعية العامة جانا برسيليوستكافح ماضًا شريرًا لا تتذكره تمامًا وعلاقة مع تاجر المخدرات والمهرب دانيلو، ورئيس المباحث "هنريك ليفين" يشعر بالقلق حيال ولادة طفله الوشيكة،وتشعر الخبيرة في الطب الشرعي أنيلي ليندغرين وشريكها المحلي من كشف فسدهما فيما يتعلق بالمتاجرين بالأطفالوتهريب المخدرات، وكبير المحققين جونار أورن بالقلق بشأن علاقته الزوجية المضطربة التي دامت 20 عامًا، ومفتشة المباحث ميا بولاندر التي هي عبارة عن حطام قطار يمشي في كل جانب من جوانب حياتها الشخصية تقريبًا، الأمر الذي يؤدي إلى طردها من فريقالتحقيق بسبب اضطراب حياتها. الرواية التي ترجمتها هند حسني وصدرت عن دار العربي مستوحاة من قصة بثتها إحدى قنوات الأخبار عن رجل وصل إلى مطار صغير في السويد تم القبض عليه ومعه حوالي 50 كبسولة من مخدر الهيروين في بطنه. اتخذتهاشيب للتغلغل في الحياة التعيسة لهؤلاء المسؤولين وتلاعبهم فيالإجراءات القانونية، وتكشف أكثر الجوانب فسادا ودناءةفي الجرائم خاصة المتعلقة بتهريب المخدرات ووالاتجار بالأطفال.حيث تتحرك الحبكة في اتجاهات كثيرة للغاية مع مزيد من التركيز على القضايا الشخصية لمجموعة المحققين بدلاً من أعمال التحري حيث يبدو أن النتائج تظهر في أوقات مناسبة. تنطلق الرواية من قضية شابة تايلندية وجدت ميتة في مرحاض قطار كوبنهاغن إلى ستوكهولم. توفيت بسبب جرعة زائدة عرضية أثناء تهريبها 50 كبسولة هيروين في بطنها وانحل بعضها.تحتاج المدعية العامة "جانا برسيليوس" إلى التعامل مع القضية وكشف ملابستها، وكذلك محاولة حماية هويتها القديمة. إنها تخشى أن يكشف المجرم الشهير دانيلو هذه الهوية. رفيق الفتاة التيلندية في السفر"بيم"يختفي من مكان الحادث وسرعان ما يلتقطه رجل مجهول مسؤول عن الشحنة من الخارج. إنه لا يريد أن تضيع توصيلات بيم أيضا، كما يقوم باحتجاز فتاة أخرى كانت برفقة الفتاة التليندية في مبنى مهجور بجوار الماء. ومع ذلك، تمكنت من الفرار وينتهي بها الأمر في المستشفى حيث استجوبتها الشرطة، وتشير إلى أن فتاة ثالثة استخدمت أيضًا كحامل مخدرات. "جانا برسيليوس" المدعية العامة اللامعة والغامضة؛ قويةالجسد، والمقاتلةالمتدربةعلى مختلف فنون القتال، والمهنيةالناجحة جيدًا التي يتبع سيادة القانون. إنها صعبة ومستقلة ومتضاربة. لكنها على الجانب الآخر تتمتع بعلاقة صعبة مع والديها بالتبني، وخاصة والدها، المدعي العام كارل برسيليوس الذي يكرهها علانية، والذي كان مساره الوظيفي المستقيم كالسهم محظوظًا بشكل غير عادي. أيضا "جانا" مجندة سابقة غير قادرة على التعامل مع ماضيها بسبب الذكريات المكبوتة، وتحاول أن تفهم ما حدث لها. ثلاثة أحرف منحوتة على رقبتها: كير (إلهة الموت) هي تذكير مادي بعلاقتها مع المهرب دانيلو بينيا الخطير، الذي ينتمي أيضًا إلى نفس الخلفية الاجتماعية السيئة السمعة. تم استخدام "جانا" من قبل قائد العصابة جافريل بولاناكي، بارون المخدرات الذي تم استبداله بالرجل العجوز الغامض الذي يتحكم في السوق المتغيرة باستمرار، وهي مقتنعة بأن خصمها دانيلو تولى إدارة أعمال "جافريل بولاناكي" الذي قتل نفسه قبل أن يستجوبه فريق القومي لمكافحة الجرائم. وينوي دانيلو تدميرها في عملية. ظهر في حيها وقت انفجار كبسولات الهيروين، وفشل في ضربها حتى الموت بفضل تدخل الشاب روبن ستينبرغ. في غضون ساعات قتل في شقته الخاصة. زملاء "جانا" غير مدركين للصلة بينها وبين الضحية الجديدة، ويقاتلون مع قضاياهم الشخصية والشخصية، ويكافحون من أجل العمل كفريق، مع المنافسات وسياسات المكتب والاستياء الذي يلوث عملهم. لكن سرعان ما أدركوا أن الخلل في الفريق أحبط محاولات الاختراق في التحقيقات في وفاة بيم وستينبرغ. يدرك "دانيلو"أن "جانا" سوف تطاردهلمحو أي دليل على طفولتها الدنيئة، أنهالعدو المميت الذي يشاركها ماضيهاالمروع، وفي هذه الأثناء تركز الشرطة على عليه باعتبارهالرجل المراوغ لتجارة المخدرات السويدية الراسخة منذ فترة طويلة، والذي يطلق عليه "الرجل العجوز" ويعد العقل المدبر الشيطاني، حيث لم يسبق لأحد أن واجهه شخصيًا؛ إنه مثل الظل، لكنه ظل يحظى باحترام شديد. من هو سيد المخدرات هذا؟ تتوق"جانا"لمعرفة هويته، حتى وهي تتعقب سرا"دانيلو"، الذي هددها بفضح هويتها الحقيقية. إنها تعلم أنها يجب أن تقتله أولاً، قبل أن يتمكن من الكشف عن أسرارها، وإذا فشلت ذلك فإنها ستفقد كل شيء. بينما تستعد جانا للقتال من أجل حياتها، تكتشف خيانة أكثر تفجرًا وغدرا، خيانة تتشابك معها بشكل لا ينفصم في شبكة الجريمة الدنيئة بأكملها. يذكر أن "إميلي شيب" كاتبة روايات جريمة سويدية، بدأت مشوارها الأدبي عام 2013 مع هذه الرواية كأول رواية جريمة أطلقتها عبر دار االنشر الخاصة بها. والتي باعت أكثر من 40 ألف نسخة. بعدها أصدرت خمسة كتب في سلسلة من بطولة المدعي العام "جانا برسيليوس". حققت السلسلة نجاحًا كبيرًا وبيع منها أكثر من مليوني نسخة في 30 دولة. مقتطف من الرواية تسارعت دقات قلبها رغمًا عنها، لكنها حاولت السيطرة على هدوء أنفاسها بقدر الإمكان. إنه "دانيلو"! غمرت "جانا" موجة عنيفة من المشاعر التي تخلط بين الحيرة والدهشة والغضب. لقد كانت هي و"دانيلو" بمنزلة أشقاء في أحد الأيام، حيث تشاركا العديد من الأيام والذكريات معًا. لكن السنوات مرت على أيام طفولتهما المهجورة، حتى لم يعد يربطهما سوى ماضٍ في غاية القسوة، وندبة على رقبة كل منهما تتشكل من حروف حُفرت بالدماء. لم يعد يربطهما سوى تلك الندبة التي لا تتردد في تذكيرهما بطفولتهما الحالكة طوال الوقت. لم يكن هناك مَن يعلم مَن هي حقًّا، أو من أين أتت، سواه. لقد دفعتها حاجتها إلى المساعدة خلال الربيع الماضي عند ظهور صناديق الشحن التي تنقل الأطفال اللاجئين في "أركوسوند" إلى ملاحقته. بدا متعاونًا في البداية، لكنه خانها في النهاية وحاول قتلها قبل أن يختفي تمامًا. ظلت تبحث عنه أو عن أي أثر له منذ ذلك الحين دون جدوى، كأنه تبخر في الهواء، فطغى شعورها بالإحباط على رغبتها في الانتقام، وظلت تحلم باليوم الذي سيتسنى لها قتله. حتى أنها رسمت وجهه على ورقة بيضاء، وظلت تعدل فيها حتى طابقت ملامحه الحقيقية تمامًا. وعلقت رسمتها تلك في شقتها كي لا تنسى الكره الذي تكنه له. توقفت في النهاية عن البحث، وعادت إلى حياتها معتقدةً أنها لن تراه مجددًا، وأدركت أنه فلت من يديها إلى الأبد. لكنها لم تكن محقة. ها هي تقف على بعد خمسة عشر مترًا منه. حثَّها كل جزء في جسدها على أن تدنو منه وتأخذ بثأرها، لكنها تعلم أنه يتوجب عليها التصرف بتمهل وعقلانية. فحبست أنفاسها كي تتمكن من سماع حديثهما، لكنها لم تتمكن من سماع كلمة واحدة نظرًا للمسافة الكبيرة. أشعل "دانيلو" سيجارة، ثم ترك الرجل الآخر الحقيبةَ القماشية المهترئة على الأرض، وانحنى الرجل ذو الشامة بجانبها فاتحًا إياها وكاشفًا عما تحتويه. أومأ "دانيلو" وأشار بيده اليمنى، فهرعا إلى داخل الزقاق الذي ابتلعهما وهما يتجهان نحو "سترومباركين". جزَّت "جانا" على أسنانها دون أن تعلم ما يتوجب عليها فعله. هل عليها العودة إلى منزلها والتظاهر بأنها لم ترَه؟ هل يجب أن تدعه يفلت مرة أخرى؟ هل تسمح له بالاختفاء من حياتها بهذه البساطة؟ عدت بصمت إلى رقم عشرة قبل أن تقودها قدماها لملاحقتهما. *** فتحت مفتشة المباحث "ميا بولاندر" عينيها، وتحسست رأسها الذي سيطر عليه شعورها بالدوار. نهضت من الفراش ووقفت عاريةً تنظر إلى الرجل النائم على بطنه، وواضعًا يديه أسفل الوسادة. حاولت تذكر اسمه، لكنها فشلت. ظل يؤلم رأسها لمدة عشرين دقيقة، ويخبرها كم هو عديم الجدوى ولا يستحقها، وهو يسير ذهابًا وإيابًا داخل الغرفة في توتر. لكنها أخبرته مرارًا وتكرارًا أن ذلك ليس حقيقيًّا، ونجحت أخيرًا في إقناعه بالانضمام إليها في الفراش. سألها بلطف بعدها إذا كانت تسمح له بتدليك قدميها، فوافقت لأنها كانت في غاية الإرهاق. لكن فاض كيلها عندما وضع إصبع قدمها الأكبر داخل فمه، وطلبت منه المضاجعة مباشرةً، فخلع ملابسه على الفور وقبَّل عنقها. هذا الأحمق! حكَّت "ميا" صدرها، ونظرت نحو كومة ملابسها الملقاة على الأرض، وبدأت ترتديها بسرعة دون مراعاة لنومه، أو اهتمام بعدم إحداث ضوضاء قدر الإمكان. رغبت في العودة إلى منزلها وحسب. كل ما أرادته هو قضاء بعض الوقت في الحانة، حيث أقام "هاري" ليلة "كاريوكي" للاحتفال بالكريسماس. اكتظ المكان بالنساء المتأنقات في فساتين لامعة، والرجال الذين يرتدون البدل الأنيقة. كما ارتدى البعض قبعات "بابا نويل"، وبدت عليهم الثمالة. وقف الرجل الذي لا تتذكر اسمه على البار حاملًا البيرة في يده، وبدا لها أنه في حوالي الأربعين من عمره، ذو شعر أشقر أملس غريب، مفترق عند منتصفه. كما لاحظت وشمًا لجمجمة ملونة وعظمتين متقاطعتين على رقبته. عدا ذلك، بدا أنيقًا في معطفه الرياضي ذي الأكتاف العالية وربطة العنق. جلست "ميا" بعيدًا عنه ببضعة مقاعد، مداعبةً كأسها بإصبعها كي تلفت انتباهه، حتى نجحت أخيرًا. لكنه استغرق المزيد من الوقت حتى تمكن من الذهاب نحوها وسؤالها إذا أمكنه الجلوس برفقتها. فأجابته بابتسامة دون أن ترفع إصبعها عن كأسها، فأدرك أن عليه أن يطلب لها مشروبًا آخر. بعد احتساء ثلاثة أكواب من البيرة وكأسي كوكتيل بنكهة الزعفران، تشاركا سيارة تاكسي واتجها إلى منزله. ما تزال تشعر بنكهة الزعفران في حلقها. غادرت غرفة النوم إلى الرواق، ثم منه إلى المرحاض وأشعلت الضوء. أصابت المصابيح عينيها بحدة، فأغلقت عينيها وشربت الماء من يدها مباشرةً تحت الصنبور. نظرت إلى المرآة، وأعادت شعرها إلى الخلف، فبرزت رقبتها، وبرز معها علامتان حمراوان نتيجةَ قبلاته على أحد الجوانب وأسفل ذقنها. فهزت رأسها بامتعاض وأطفأت النور. أمسكت بمعطفه المُعلق في الرواق، وبدأت تتفقد جيوبه حتى عثرت أخيرًا على محفظته التي لم تحتوِ على نقود، ولا كرونة واحدة. لم تحتوِ على شيء عدا البطاقات الائتمانية. تفقدت رخصة قيادته وعرفت أنه يُسمى "مارتن سترومبرج"، ثم أعادتها إلى مكانها مجددًا وارتدت حذاءها وسترتها، وقالت وهي تشير بإصبعها نحو المرحاض: - أنت على حق يا "مارتن". أنت حقًّا عديم الجدوى.. ثم أغلقت الباب وغادرت شقته.

مشاركة :