'جريمة الذئب الوحيد' تعري مؤامرة لاغتيال نيلسون مانديلا

  • 11/8/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

اطلق رواية "جريمة الذئب الوحيد" للروائي السويدي هينينج مانكل من اختفاء السويدية لويز أوكربلوم الوكيلة العقارية، حيث تكشف عمليات البحث عنها عن جريمة مقتلها بطريقة وحشية وأسلوب الإعدام، ولكن الأخطر أن وراء مقتلها مؤامرة لاغتيال نيلسون مانديلا يشارك فيها جهاز المخابرات في جنوب إفريقيا وعميل روسي سابق مجنون وغير أخلاقي من المخابرات السوفياتية. في عام 1990 أُطلق سراح نيلسون مانديلا من سجن جزيرة "روبن"، إذ كان سجينًا سياسيًّا إلى ما يقرب من 30 عامًا.بينما ابتهج العالم، اعتبر العديد من الأفريكانيين أن إطلاق سراح "نيلسون مانديلا" بمنزلة إعلان غير صريح للحرب. أصبح الرئيس "دي كليرك" خائنًا مكروهًا. في وقت الإفراج عن "مانديلا"، اجتمع مجموعة من الرجال سرًّا ليأخذوا على عاتقهم المسؤولية من أجل مستقبل الأفريكانيين.كانوا رجالًا قساة، ولن يخضعوا أبدًا.التقوا سرًّا وتوصلوا إلى قرار.قرروا تهيئة الظروف التي من شأنها أن تطلق شرارة حرب أهلية يمكن أن تنتهي بطريقة واحدة فقط: حمام دم. الرواية تدور خلال العام 1992 في أواخر عهد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حيث كان الرئيس دي كليرك، زعيم الأقلية الأفريكانية على وشك فقدان السلطة للأغلبية الأفريقية تحت قيادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وانتهاء 44 عامًا من الحكم القمعي العنصري. يبدأ كبير المفتشين كيرت فالاندر في التحقيق باختفاء الوكيلة العقارية "لويز أوكربلوم" في مدينة "يستاد"ثم مقتلها، وكذلك اكتشاف إصبع أسود مقطوع في مسرح الجريمة، وهنا يدرك أن القضية لها جذور عميقة في التاريخ والتطور الحالي في جنوب إفريقيا، وأن هناك مؤامرة تقودها عدة أطراف داخلية وخارجية لإغراق البلاد في حرب أهلية طويلة ومدمرة. قام المتآمرون بتجنيد قاتل أسود لقتل مانديلا، على أمل إشعال حرب عرقية تمكن البيض من الاستمرار في السيطرة على البلاد. لقد جندوا عميلاً سابقًا في KGB لتدريب القاتل وخلصوا لسبب ما إلى أن التدريب سيكون على أفضل وجه في السويد، ومن هنا تُروى أحداث الرواية من عدة وجهات نظر مختلفة، وتقفز ذهابًا وإيابًا من السويد إلى جنوب إفريقيا. إنها طويلة ومعقدة إلى حد ما مع مجموعة كبيرة من الشخصيات. الرواية التي ترجمتها نهى مصطفى وصدرت عن دار العربي تعد ثالث سلسلة المفتش كبير المفتشين كيرت فالاندر، وهي سلسلة تضم ثماني روايات، ترجمت إلى أكثر من 55 لغة، وتحولت إلى مسلسل تليفزيوني من بطولة "كينيث براناج" من قبل BBC عام 2016. يذكر أن هينينج مانكل كاتب روائي ومسرحي سويدي وُلِد عام 1948 في ستوكهولم، وتُوفي في أكتوبر 2015. اشتُهِر "مانكل" برواياته في أدب الجريمة، وأحب متابعيه سلسلة كبير المفتشين "كيرت فالاندر" في قسم شرطة "يستاد". وتحمل رواياته حسًا قويًا بالمكان، فهي دائمًا ما تكون مظلمة تعكس ما يعنيه أن تكون سويديًا، وأن تكون إنسانًا في عالم قاسٍ وكئيب. مقتطف من الرواية عندما تختفي أم لطفلتين، وهي من النوع الذي يذهب إلى الكنيسة، فأخشى أن كثيرًا من الأشخاص الذين لم يروا شيئًا على الإطلاق سيتصلون، ليمنحوا رجال الشرطة بركاتهم ودعائهم. إلى جانب أولئك الذين نأمل أن يكون لديهم حقًّا شيء مفيد لإخبارنا به. قال "بيورك": -هذا بافتراض أننا لم نجدها خلال يوم. قال "فالاندر": -أنا لا أصدق ذلك، وكذلك أنت. ثم أخبره بكل ما يعرفه عن الحريق، الانفجار تقييم، رجل الإطفاء. استمع "بيورك"، وهو يبدو قلقًا أكثر وقال: -ماذا يعني كل هذا؟ مدَّ "فالاندر" ذراعيه: -لا أعرف. سأعود لرؤية "أوكربلوم" الآن، لمعرفة ما سيقوله أيضًا. قال "بيورك" وهو يقف في مدخل الباب: -لدينا اجتماع لتبادل المعلومات في مكتبي الساعة 5. كان "فالاندر" على وشك مغادرة مكتبه، عندما تذكر أنه نسي أن يطلب من "سفيدبري" أن يفعل شيئًا من أجله. اتصل بموقع الحريق مرة أخرى: -هل تتذكر أن سيارة شرطة كادت تصطدم بسيارة "مرسيدس" الليلة الماضية؟ قال "سفيدبري": -أجل. قال "فالاندر": -اكتشف كل ما تستطيع بشأن السيارة، لديَّ شعور قوي بأن تلك الـ"مرسيدس" لها علاقة بالحريق، لكنني لست متأكدًا أكانت لديها أي علاقة بـ "لويز أوكربلوم". قال "سفيدبري": -حسنًا، هل يوجد أي شيء آخر؟ -لدينا اجتماع هنا الساعة 5. وضع "فالاندر" السماعة. بعد ربع ساعة عاد إلى مطبخ "أوكربلوم"، جلس على الكرسي نفسه الذي شغله قبل ساعات قليلة، وشرب كوبًا آخر من الشاي. -في بعض الأحيان تُستدعَى في حالة طوارئ، كان هناك حريق كبير، لكنه تحت السيطرة الآن. قال "أوكربلوم" بتهذيب: - أتفهم هذا، ليس سهلًا أن تكون شرطيًّا. راقب "فالاندر" الرجل الذي جلس قبالته إلى الطاولة. في الوقت نفسه، شعر بالقيود في جيب بنطاله. لم يكن يتلهف على بدء التحقيق الذي كان على وشك الشروع فيه مع الرجل. قال: -لديَّ بعض الأسئلة، يمكننا التحدث بسهولة هنا كما في أي مكان آخر، صحيح؟ قال "أوكربلوم": -طبعًا، اسألني عن أي شيء. لاحظ "فالاندر" أنه منزعج من اللطف الحذر في لهجته ومع ذلك قال: -لستُ متأكدًا من السؤال الأول، هل عانت زوجتك مشكلات طبية؟ نظر إليه الرجل في دهشة: -لا، ماذا تقصد؟ - خطر لي أنها ربما عرفت أنها تعاني مرضًا خطيرًا. هل زارت الطبيب مؤخرًا؟ -لا. إذا كانت مريضة، لأخبرتني. قال "فالاندر": -توجد بعض الأمراض الخطيرة التي يتردد الناس في الحديث عنها، أو على الأقل يحتاجون إلى بضعة أيام لتجميع أفكارهم وعواطفهم، غالبًا ما يكون الشخص المريض هو الشخص الذي يتعين عليه أن يواسي من يخبره بمرضه. فكر "أوكربلوم" لحظةً قبل الإجابة، وقال: -أنا متأكد من أن هذا ليس هو الحال هنا. أومأ "فالاندر" برأسه واستمر: -هل كانت لديها مشكلة في شرب الكحوليات؟ جفل "أوكربلوم": -كيف يمكنكَ طرح مثل هذا السؤال؟ قال بعد دقيقة صمت: -لا أحد منَّا يلمس قطرة من الكحول. قال "فالاندر": -لكن الخزانة تحت الحوض مليئة بزجاجات الكحول. قال "أوكربلوم": -ليس لدينا شيء ضد شرب الآخرين، في حدود المعقول، طبعًا. يأتينا ضيوف في بعض الأحيان. حتى وكالة عقارات صغيرة مثلنا تحتاج إلى الترفيه عن عملائها من حين إلى آخر. أومأ "فالاندر"، لم يكن لديه سبب للتشكيك في رده. أخرج القيود من جيبه ووضعها على الطاولة. راقب رد فعل "أوكربلوم" طوال الوقت. كان هذا بالضبط ما كان يتوقعه. عدم الفهم، سأله: -هل تعتقلني؟ قال "فالاندر": -لا، لكني وجدت هذه القيود في الدرج السفلي بالمكتب، تحت كومة من ورق الكتابة، في غرفة مكتبك بالطابق العلوي. قال "أوكربلوم": -لم أرها من قبل في حياتي. -لا أعتقد أن إحدى بناتك هي من وضعتها هناك، علينا أن نفترض أنها زوجتك. -أنا لا أفهم سبب وجود هذه القيود. عرف "فالاندر" على الفور أن الرجل يكذب؛ يوجد تحول ملحوظ في صوته، وخوف مفاجئ في عينيه بما يكفي ليلاحظه "فالاندر"، قال: -هل يمكن لأي شخص آخر وضعها هناك؟ قال "أوكربلوم": -لا أعلم، الزوار الوحيدون لدينا من الكنيسة وبعض العملاء. ولم يصعدوا إلى الطابق العلوي أبدًا. - لا أحد آخر على الإطلاق؟ -والدانا، وعدد قليل من الأقارب، وأصدقاء الأطفال. قال "فالاندر": -هذا عدد كبير جدًّا من الأشخاص. قال "أوكربلوم" مرة أخرى: -لا أفهم سبب وجودها. "ربما لا تفهم كيف يمكن أن تنسى إخفائهم بعيدًا"، فكر "فالاندر". "في الوقت الراهن، السؤال هو: ماذا يعنى وجود هذه القيود؟". أول مرة يسأل "فالاندر" نفسه أكان يمكن أن يقتل "أوكربلوم" زوجته. لكنه رفض الفكرة. القيود والكذبة ليست كافية لاتهامه. سأله: -هل أنت متأكد من أنك لا تستطيع تفسير وجود هذه القيود؟ قال "فالاندر" مرة أخرى: -ربما يجب أن أشير إلى أن الاحتفاظ بزوج من القيود في منزلك ليس مخالفًا للقانون. أنت لا تحتاج إلى رخصة لذلك. لكن من ناحية أخرى، طبعًا، هي وسيلة لتقييد الأشخاص. قال "أوكرلوم": -هل تعتقد أنني لا أقول لك الحقيقة؟ قال "فالاندر": -لا أفكر في أي شيء من هذا القبيل، أريد فقط أن أعرف لماذا أُخفيت هذه القيود في درج المكتب. -قلت لك فعلًا إنني لا أعرف كيف دخلت إلى المنزل. أومأ "فالاندر". لم يعتقد أنه من الضروري أن يضغط عليه أكثر، ليس الآن على الأقل. لكنه كان متأكدًا من أنه يكذب. ربما يخفي هذا الزواج حياةً جنسية غريبة وربما درامية؟ وهو ما يمكن أن يفسر بدوره لماذا اختفت السيدة "أوكربلوم". دفع "فالاندر" فنجان الشاي الخاص به جانبًا، مشيرًا بذلك إلى انتهاء الحديث. أعاد القيود إلى جيبه ملفوفة في منديل. ربما يكشف تحليل الطب الشرعي المزيد حول الغرض الذي استُخدمت من أجله. قال "فالاندر"، وهو يقف على قدميه: -هذا كل شيء حاليًّا. سأتصل بك في اللحظة التي يكون لديَّ فيها أي شيء مهم. من الأفضل أن تكون مستعدًّا لبعض الجلبة الليلة، عندما تصدر الصحف المسائية وتبث الإذاعة المحلية الأخبار. نأمل أن يساعدنا كل هذا طبعًا. أومأ "أوكربلوم" برأسه، لكنه لم يقل شيئًا. صافحه "فالاندر" وخرج إلى سيارته. كان الطقس يتغير، الجو ممطر، لكن الرياح هدأت. توجه "فالاندر" بالسيارة إلى مقهى "فريدولف" بالقرب من موقف الحافلات لتناول القهوة والشطائر. كان الوقت ظهرًا عندما وصل إلى مكان الحريق. أوقف سيارته، وعبر الحواجز، ورأى أن المنزل والحظيرة قد تحولا إلى أنقاض. لن يستطيع فريق المعمل الجنائي بدء تحقيقاته بعد. وقف رجل شرطة مع كلبه على بعد أمتار قليلة. كان يأكل شطيرة، وبدأ الكلب يحفر في الحصى الرطب الأسود بفعل الحريق بمخلب واحد. فجأة بدأ الكلب يعوي. شده الشرطي بفارغ الصبر من الطوق بضع مرات، ثم نظر ليرى ما يبحث عنه الكلب. ثم رآه "فالاندر" يتراجع ويسقط الشطيرة من يده. لم يستطع "فالاندر" كبح فضوله، وتوجه نحوهما، وسأل: -ماذا وجد الكلب؟ استدار الشرطي لمواجهة "فالاندر"، كان وجهه أبيض كالورقة، ويرتجف. أسرع "فالاندر" وانحنى. في الوحل كان هناك إصبع. إصبع أسود. ليس إبهامًا ولا إصبعًا صغيرًا. لكنه إصبع بشري. شعر "فالاندر" بالغثيان، وطلب من الشرطي أن يتواصل مع "سفيدبري" و"مارتينسون" على الفور. قال: -أحضرهما إلى هنا فورًا، حتى لو كانا في منتصف وجبتهما. يوجد كيس بلاستيكي فارغ على المقعد الخلفي لسيارتي. أحضره. فعل الشرطي ما قيل له. "ماذا يحدث هنا؟"، فكر "فالاندر". إصبع أسود. إصبع رجل أسود مقطوع، في أعماق "سكونا". عندما عاد الشرطي بكيس بلاستيكي، وضع غطاءً مؤقتًا لحماية الإصبع من المطر. انتشرت أنباء الاكتشاف، وتجمع العديد من رجال الإطفاء حول الإصبع. -علينا أن نبدأ البحث عن رفات الجثث بين الرماد. الله وحده يعلم ما يجري هنا. قال "فالاندر" لـ"إدلر" قائد المطافئ الذي رد غير مصدق: -إصبع! بعد عشرين دقيقة وصل "سفيدبري" و"مارتينسون"، جاءا ركضًا إلى المكان. حدقا في حيرة من أمرهما إلى الإصبع الأسود. في النهاية كان "فالاندر" هو من كسر الصمت، وقال: -يمكننا التأكد من شيء واحد، هذا ليس أحد أصابع السيدة "أوكربلوم".

مشاركة :