نظام دولي جديد .. أخفى الثنائية القطبية

  • 7/6/2023
  • 06:04
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

نحن نشهد حشدا غير مسبوق من الأزمات الكبرى والثانوية. من جائحة مرض فيروس كورونا 2019 كوفيد - 19، وارتفاع أسعار الطاقة، وعودة التضخم في الاقتصادات المتقدمة والنامية، إلى سلاسل التوريد المتصدعة، والحرب الروسية - الأوكرانية، وتغير المناخ، يشكل عديد من هذه الأزمات علامات، ليس فقط على الاضمحلال، بل أيضا على مولد نظام عالمي جديد. مع اختفاء بقايا النظام ثنائي القطبية الذي ساد خلال القرن الـ20 أخيرا، يبرز في الصدارة نظام خماسي. في هذا النظام ستكون الولايات المتحدة والصين -القوتان العظميان عسكريا وتكنولوجيا واقتصاديا في هذا القرن- اللاعبين المهيمنين، لكن أوروبا واليابان والهند سيمارس كل منها نفوذا حقيقيا على مساحات شاسعة من كوكب الأرض. وتظل علامة استفهام كبيرة معلقة حول الحرب الدائرة في شرق أوروبا، وموقفها الاستراتيجي في المستقبل، وستظل في الأرجح مصدرا رئيسا لعدم الاستقرار في النظام العالمي الجديد، خاصة في القارة الأوروبية. لكن من الواضح الآن أن ترسانة روسيا النووية الضخمة لم تعد كافية لتأمين وضعها الجيوسياسي في القرن الـ21. فقد تمكن الضعف من اقتصادها على نحو قاطع مع تحرك بقية العالم نحو التخلص التدريجي من النفط ـ العمود الفقري للاقتصاد الروسي. من ناحية أخرى، فإن القوة التي تشكلها الصين ترجع إلى تزايد ثروتها وقوتها. فبسبب موجة العولمة الهائلة التي بدأت أوائل العقد الأول من القرن الحالي، تمكنت الصين من انتشال نفسها من براثن الفقر وتهيئة نفسها لاكتساب وضع الدولة ذات الدخل المرتفع. ومع أزمة 2008 المالية التي انتقصت من مكانة الغرب جزئيا، كانت الصين قادرة على توسيع دورها القيادي العالمي، وتقديم نفسها كقوة عالمية عظمى إلى جانب الولايات المتحدة. لكن على النقيض من الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة، لم ترتكب الصين خطأ التركيز فقط على قوتها العسكرية. على العكس من ذلك، يعكس صعودها العالمي احتضانها الاندماج في الأسواق العالمية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة والغرب من خلال العمل كطاولة عمل العالم الممتدة، بينما استثمرت بكثافة في التنافس مع الغرب على الحدود التكنولوجية والعلمية. من المؤكد أن الصينيين لم يحجموا عن الاستثمار العسكري، لكنهم لم يسمحوا للإنفاق على الدفاع والأمن بمزاحمة كل شيء آخر. الاختلاف المميز بين الصين وروسيا اليوم هو أن القيادة الصينية، على عكس الروسية، كانت تعيش في القرن الـ21 لفترة طويلة. كشفت قمة مجموعة العشرين، بوضوح، عن هذا الاختلاف الأساسي في الرؤية والغرض. ففي حين وجدت روسيا نفسها معزولة دبلوماسيا، كانت الصين مركزية في كل المناقشات وصياغة البيان الختامي. ورغم أن دولا كبيرة، مثل الصين والهند، لم تتبن الخط الغربي بشأن أزمة أوكرانيا، فإنها استغلت المناسبة للحفاظ على المسافة بينها وبين الكرملين بشكل ملحوظ، وشجبت سياسته الحربية وتهديداته النووية. إذا ساعدت المحادثات الشخصية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس الصيني شي جين بينج، على تهدئة التوترات الصينية - الأمريكية، فإن القمة ستكون بهذا فتحت الباب لإعادة تشكيل العلاقات الدولية في القرن الـ21. تقدم نتيجة انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة سببا آخر للأمل، حيث فشلت "الموجة الحمراء" الجمهورية التي كانت منتظرة على نطاق واسع في التحقق. وفشل الحزب الجمهوري في الاستيلاء على مجلس الشيوخ، وحصل بالكاد على الأغلبية في مجلس النواب. وكما حدث في 2018، ثم في 2020، تسبب الرئيس السابق دونالد ترمب، مرة أخرى، في إيقاف تقدم حزبه. ولا يريد معظم الأمريكيين العودة إلى سياساته الانعزالية المتمثلة في شعار "أمريكا أولا". تقدم انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة وقمة العشرين معا سببا للتفاؤل في لحظة مشحونة بالتوترات، لكننا في احتياج إلى إحراز قدر أكبر كثيرا من التقدم نحو التعاون العالمي. ففي نهاية المطاف، لن نتمكن من التغلب على أكبر أزمتين في مواجهتنا -الحرب الروسية الأوكرانية، وتغير المناخ- إلا إذا وجدت القوى الرئيسة في العالم السبيل إلى العمل معا. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.

مشاركة :