مدونة مي زيادة: كنا عُمْياً فأبصرنا...

  • 7/8/2023
  • 02:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نعم،‭ ‬عشنا‭ ‬سنوات‭ ‬طوالا‭ ‬لم‭ ‬نبصر‭ ‬لما‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬من‭ ‬خيرات،‭ ‬ولم‭ ‬نلمس‭ ‬فروقات‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬شرقاً‭ ‬وغرباً،‭ ‬ولم‭ ‬نعلم‭ ‬إن‭ ‬الرفاه‭ ‬والحياة‭ ‬الانسانية‭ ‬الكريمة‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬هي‭ ‬الأفضل‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭- ‬نعم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭- ‬وخصوصاً‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬شعوبها‭ ‬كيف‭ ‬يعيش‭ ‬الإنسان‭ ‬حراً‭ ‬بما‭ ‬يجني‭ ‬من‭ ‬مال،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يرث‭ ‬من‭ ‬عقار،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يربح‭ ‬من‭ ‬أرباح،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بما‭ ‬يشتري‭ ‬بعرق‭ ‬جبينه‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬هدايا،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬مفهوم‭ ‬التعليم‭ ‬المجاني‭ ‬والطب‭ ‬والدواء‭ ‬بدون‭ ‬مقابل،‭ ‬ولا‭ ‬يعي‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬حق‭ ‬دستوري‭ ‬في‭ ‬سكن‭ ‬لائق،‭ ‬وغيره‭ ‬وغيره‭... ‬نعم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬النعم‭ ‬نعيش‭ ‬فرداً‭ ‬فرداً‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬الخليجية‭ ‬مقارنة‭ ‬بالدول‭ ‬التي‭ ‬أرهقت‭ ‬كاهل‭ ‬شعوبها‭ ‬بكل‭ ‬أنواع‭ ‬الضرائب‭ ‬وبالقيود‭ ‬المجحفة‭ ‬بدعوى‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والليبرالية‭ ‬والمساءلة‭ ‬والتنوع‭ ‬والتعددية‭ ‬ونظام‭ ‬السوق‭ ‬الحر‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬يوماً‭ ‬تملك‭ ‬مضموناً‭ ‬حقيقياً‭ ‬ولم‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬ما‭ ‬يحفظ‭ ‬كرامة‭ ‬وإنسانية‭ ‬الإنسان،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬باتت‭ ‬أدوات‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬الفقير‭ ‬يزداد‭ ‬فقراً‭ ‬ليدوروا‭ ‬في‭ ‬ماكينة‭ ‬الأثرياء‭ ‬الذين‭ ‬يزدادون‭ ‬ثراءً‭.‬ نعم‭ ‬كنا‭ ‬عمياً‭ ‬فأبصرنا‭ ‬ما‭ ‬انتجته‭ ‬تلك‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الزائفة‭ ‬من‭ ‬ثورات‭ ‬الجياع،‭ ‬واضرابات‭ ‬وعصيان‭ ‬الاقليات‭ ‬والأثنيات‭ ‬ضد‭ ‬العنصرية‭ ‬المتأصلة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتها،‭ ‬وكيف‭ ‬تصعد‭ ‬الأحزاب‭ ‬العنصرية‭ ‬المتطرفة‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬السلطة‭ ‬لتزداد‭ ‬ازدراء‭ ‬الأعراق‭ ‬والأديان‭ ‬والفقراء‭... ‬وأبصرنا‭ ‬مرات‭ ‬ومرات‭ ‬كيف‭ ‬تواجه‭ ‬الديموقرطيات‭ ‬المطالب‭ ‬المشروعة‭ ‬لشعوبها‭ ‬بالرفض‭ ‬والعنف‭ ‬والدموية‭ ‬والسحل‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭... ‬أبصرنا‭ ‬وتعلّمنا‭ ‬وآمَنّا‭ ‬بأننا‭ ‬نعيش‭ ‬بقيم‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬تلك‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الليبرالية‭ ‬المشوهة‭ ‬لطبيعة‭ ‬البشرية‭ ‬والمهينة‭ ‬لكرامة‭ ‬الإنسان‭. ‬ بهذه‭ ‬الافكار‭ ‬الشامتة‭ ‬تابعنا‭ ‬ثورة‭ ‬البؤساء‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬ثورة‭ ‬شعب‭ ‬لا‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬النور‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬النور،‭ ‬ثورة‭ ‬مواطنين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬أصول‭ ‬أخرى‭ ‬تعيش‭ ‬حياة‭ ‬مزرية‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬المجتمع‭ ‬المخملي؛‭ ‬ثورة‭ ‬غضب‭ ‬الفقراء‭ ‬والعاطلين‭ ‬والأجيال‭ ‬التي‭ ‬كُتِبَ‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬الأحياء‭ ‬والأزقة‭ ‬الوسخة‭ ‬والملاذات‭ ‬غير‭ ‬الآمنة‭ ‬في‭ ‬أوطانها‭... ‬تلك‭ ‬الثورة‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بالقمع‭ ‬والسحل‭ ‬والعنف،‭ ‬وبالصمت‭ ‬الإعلامي‭ ‬أمام‭ ‬مطالب‭ ‬الثائرين‭ ‬المساكين،‭ ‬والسكوت‭ ‬على‭ ‬انتهاكات‭ ‬حرية‭ ‬التعبير،‭ ‬وتجاهل‭ ‬مشاهد‭ ‬سحل‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬الشوارع،‭ ‬واختفاء‭ ‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬المشهد،‭ ‬أمام‭ ‬مصائر‭ ‬ومآلات‭ ‬اولئك‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬تظاهروا‭ ‬غضباً‭ ‬وإنصافاً‭ ‬لحقوقهم‭ ‬المسلوبة‭ ‬وراحوا‭ ‬وراء‭ ‬الشمس‭... ‬ على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬أعمتنا‭ ‬اضواء‭ ‬مدينة‭ ‬النور،‭ ‬وأبهرتنا‭ ‬روايات‭ ‬ثورة‭ ‬‮«‬البؤساء‮»‬‭ ‬فيها‭ ‬ضد‭ ‬النبلاء،‭ ‬وأغوتنا‭ ‬حكايات‭ ‬‮«‬طه‭ ‬حسين‮»‬‭ ‬حول‭ ‬جمال‭ ‬مقاهي‭ ‬حيها‭ ‬اللاتيني،‭ ‬وعروض‭ ‬صالونات‭ ‬الأزياء‭ ‬‮«‬الراقية‮»‬،‭ ‬ورومانسية‭ ‬الأضواء‭ ‬المتلألئة‭ ‬بين‭ ‬ضفتي‭ ‬نهرها‭ ‬الشهير،‭ ‬حتى‭ ‬كنا‭ ‬نحسد‭ ‬مَن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الديار،‭ ‬واعتقدنا‭ ‬بأنها‭ ‬جنات‭ ‬عَدْنْ‭.‬ وبفضل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬انكشفت‭ ‬‮«‬الديمقراطيات‭ ‬العريقة»؛‭ ‬وانكشف‭ ‬مدى‭ ‬تدني‭ ‬أخلاقياتها،‭ ‬وحقيقة‭ ‬ثقافتها‭ ‬العنصرية‭ ‬البشعة،‭ ‬وقيمها‭ ‬المتأصلة‭ ‬بالعنف‭ ‬والاضطهاد‭ ‬وازدراء‭ ‬الأديان‭ ‬والمعتقدات،‭ ‬وطفح‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬مشهداً‭ ‬مزرياً‭ ‬من‭ ‬الانحلال‭ ‬الأخلاقي‭ ‬الذي‭ ‬أباح‭ ‬تشريع‭ ‬المثلية‭ ‬والاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬للأطفال،‭ ‬وفرضها‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬الأخرى‭... ‬ ألا‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬القاسي‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬البشرية‭!!! ‬المدن‭ ‬المريضة‭ ‬بالقسوة‭ ‬والعنف‭ ‬والاستغلال‭ ‬والإباحية‭.‬ ألا‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتباهى‭ ‬بأننا‭ ‬شعوب‭ ‬أصحاب‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭ ‬ملتزمة‭ ‬بتعاليم‭ ‬الله‭ ‬والرُسل‭ ‬والأديان‭ ‬في‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف‭ ‬والرحمة‭ ‬والمحبة‭ ‬والتسامح‭ ‬وتخاف‭ ‬من‭ ‬عقاب‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭!!!‬ ألا‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفخر‭ ‬بأننا‭ ‬شعوب‭ ‬مؤمنة‭ ‬بالله‭ ‬والإنسان‭ ‬والتكاثر‭ ‬الإنساني‭ ‬السَوِيْ،‭ ‬إيماناً‭ ‬راسخاً‭ ‬يرفض‭ ‬الظلم‭ ‬والانحراف‭ ‬والشذوذ‭!!!‬ ألا‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬للمقارنة‭ ‬بين‭ ‬أسلوب‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬أدائه‭ ‬أمام‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البلاد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬العنصرية،‭ ‬وبين‭ ‬تلك‭ ‬الآليات‭ ‬الإعلامية‭ ‬والحقوقية‭ ‬المبتذلة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تسليطها‭ ‬على‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الغوغاء‭ ‬والحركات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وكأنهم‭ ‬ممثلين‭ ‬الشيطان‭!!!‬ أليس‭ ‬من‭ ‬حقنا‭ ‬كشعب‭ ‬ودولة‭ ‬أن‭ ‬نسلّط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬لنعرف‭ ‬كيف‭ ‬تعيش‭ ‬تلك‭ ‬الشعوب‭ ‬الكادحة‭ ‬المضطهدة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬المتعالية‭ ‬المزيفة،‭ ‬وكيف‭ ‬يعيش‭ ‬شعبنا‭ ‬عزيزاً‭ ‬كريماً‭!!!‬ أتوقف‭ ‬هنا‭ ‬لأضع‭ ‬سؤالي‭ ‬الأزلي،‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يحرك‭ ‬اعلامنا‭ ‬الخليجي‭ ‬أدواته‭ ‬للتركيز‭ ‬على‭ ‬فضح‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬والمقارنات‭ ‬الكبرى،‭ ‬الغائبة‭ ‬عن‭ ‬المشهد‭ ‬الاعلامي‭ ‬بسبق‭ ‬الإصرار‭ ‬والتعمد؟؟ وإلى‭ ‬حين‭ ‬معرفة‭ ‬الرد‭ ‬المقنع‭ ‬على‭ ‬تساؤلاتنا،‭ ‬سيبقى‭ ‬للحديث‭ ‬بقية‭..‬ مي‭ ‬زيادة

مشاركة :