حتى زمن قريب كانت البحرين محظوظة بظاهرة الإبداع والمبدعين في مجالات عديدة، حتى كانت بلادنا تُصدّر، رسمياً وشعبياً، إلى دول الجوار العديد من المبدعين المتفوقين، كما كانت تُصدّر لهم الفكر والفن والأدب... كانت أسماء كثيرة تشرق في سمائنا الإبداعي الأدبي والفني والصحفي والتعليمي وحتى الدبلوماسي وغيرها من القطاعات التي تعتمد أساساً على قواعد علمية وفكرية وثقافية ومعرفية... أولئك المبدعون الذين كان إخلاصهم لإبداعهم يعلو أحياناً على اهتمامهم بمصالحهم الشخصية التي كانت تتضرر مادياً واجتماعياً لأسباب معلومة حينها. وفجأة اختفت ظاهرة الإبداع البحريني العظيم عن مجتمعنا، واختفى معها المبدعون في الفن الأصيل والفكر العميق والأدب الرفيع، وبالمقابل سادت ظاهرة التكريم التي لا تخلو صحيفة محلية من أخبارها وصورها يومياً... ونضع هذه المقارنة فقط للتمييز بين الإبداع وبين المساهمات الكثيرة التي تزخر بها المجتمعات عادة في جميع المجالات، منها الفنية والأدبية وغيرها... وللتمييز أيضاً بين الأمرين، نوجز هنا تعريفا لغويا بسيطا، ومقتبسا، للإبداع وهو «الإتيان بشيء لا نظير له من حيث الجودة والإتقان، أو القيام بتحويل الأفكار الخيالية إلى واقعية»... ويطول الحديث في وصف الإبداع بما لا يدع مجالاً للربط بين المساهمات اليومية والعادية في أي أمر عملي أو خيالي وبين تلك القدرة الإبداعية للعقل. ولإن الإبداع يعد من أهم المؤشرات الحيوية للمجتمعات، ومؤشرا رئيسيا على الازدهار الحضاري وعلى قوة البنية التنموية والتعليمية والفكرية، فإننا نتساءل ألا يستحق أمر التراجع الإبداعي في بلادنا النقاش والاهتمام لكشف الأسباب، وتصحيح المسار، أم إنه أمر عابر لا يُرى كما هو مطروح في هذه المدونة البسيطة؟؟؟ ولأن صعود وخفوت الظواهر، بجميع أنواعها، أمر ملفت لعقول المهتمين، فإننا نتساءل: تُرى ما الأسباب التي أدت إلى تراجع ظاهرة الإبداع في بلادنا!؟ وسيبقى للحديث بقية.. مي زيادة
مشاركة :