في حوار مع أحد الشباب الذين يتعالجون من إدمان مخدر "الشبو"؛ أشار الشاب إلى السبب الذي دفعه للدخول في هذه التجربة المرعبة؛ يقول إن فضوله بدأ من متابعته لمسلسل أمريكي شهير يتمحور حول صناعة مخدر الميث كريستال أو ما يعرف بـ"الشبو"، وأعتقد أنه يعني مسلسل Breaking Bad؛ أحد أشهر المسلسلات وأكثرها متابعة في تاريخ هوليوود. ورغم أن المسلسل يعرض أحياناً مشاهد للحياة البائسة التي يعيشها مدمنو الميث؛ إلا أنه في مجمله كان بوابة تسويقية ضخمة لعالم الـ"ميث"، سواء لترويجها أو صناعتها أو استهلاكها. ولطالما تساءلت عما يدفع شخصاً للمراهنة باستقراره الذهني وسلامه النفسي لدخول عالم بشع يسلبه أغلى ما يملك، ورغم الحملات الإعلامية والتثقيفية منذ أيام المدارس التي كتبت على جميع جدرانها تقريباً "لا للمخدرات" إلا أن هذا السوق لا يزال يشهد تصاعداً في عدد زبائنه. وبطبيعة الحال الحملات التوعوية الهشة التي كنا نقوم بها في السابق لا تصمد أبداً أمام طوفان الضخ الهائل الذي تقوم به هوليوود؛ إذ إن مشهداً واحداً لبطل الفيلم وهو يستنشق جرعة من الهيروين كما في فيلم The Wolf of Wall Street مثلاً، ينسف جهود عشرات السنوات ومئات الحملات التوعية للتحذير من المخدرات. التحدي الآن في مواجهة هذا المد القذر أصعب من أي وقت مضى؛ وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق الفوضوي من خلالها، تزايد التفاهة والخواء النفسي، سهولة التأثير الجماعي في الجماهير، الألم والهشاشة الروحية التي تعاني منها الأجيال الجديدة، تعد جميعها عوامل تزيد من التحدي أمام العائلة والمؤسسات الاجتماعية والأمنية في مواجهة هذه الأوبئة. مواجهة المخدرات بكل أشكالها هي حرب شرسة، تسرق من الدول شبابها وتكمن المشكلة في أن العدو يطور قدراته بشكل سريع ويضرب في الخواصر الرخوة والمفاصل الضعيفة، وتتطلب مواجهته تطوير أدواتنا وسرعة تحركنا، ولا أعتقد أن أساليب التوعية التقليدية تجدي نفعاً بل يجب التفكير خارج الصندوق واستغلال ذات المنصات ونفس اللغة التي يستخدمونها للترويج. وأخيراً، الحملة الضخمة التي قادتها الحكومة أمنياً وصحياً وتوعوياً ضد مخدر الشبو خصوصاً وكافة المخدرات بشكل عام هي الأكبر والأكثر فعالية منذ بدء حربنا على المروجين، ويجب أن نستمر في خوضها بكل وسيلة ممكنة؛ إعلامياً وتربوياً وثقافياً وأمنياً؛ لأن أي تراخٍ أو غفلة في هذه الحرب ستعيد العدو إلى قوته وتعيدنا إلى المربع الأول.
مشاركة :