تحليل إخباري: قمة الناتو تثير قلقا أمنيا عالميا والانقسامات الداخلية لا تزال قائمة

  • 7/13/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

فيينا 12 يوليو 2023 (شينخوا) اختتمت قمة فيلنيوس لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي استمرت يومين، هنا يوم الأربعاء وسط انقسامات بين أعضائها وانتقادات من المجتمع الدولي. خلال القمة، أعطت تركيا الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى التكتل العسكري، وتبنى الناتو "خطة الدفاع الأكثر شمولا منذ نهاية الحرب الباردة"، في حين تعهد بتقديم المزيد من الدعم طويل الأجل لأوكرانيا. وعلى الرغم من كونه حلفا إقليميا بين أوروبا وأمريكا الشمالية، إلا أن الناتو دعا مرة أخرى بعض القادة من منطقة آسيا والمحيط الهادئ لحضور القمة. بيد أن الجهود المتزايدة الوضوح التي تبذلها الولايات المتحدة لتعزيز سيطرتها على أوروبا من خلال الناتو والضغط على روسيا أثارت المخاوف. ويخشى المراقبون من أن تؤدي محاولة الناتو الخروج من موقعه الجغرافي في شمال المحيط الأطلسي والتدخل في أمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى المزيد من عدم الاستقرار الدولي والإقليمي. -- قلب أمن أوروبا ذكر البيان الصادر عن الحلف في ختام القمة أن الناتو نفذ جيلا جديدا من خطط الدفاع الإقليمية، التي تقوم على الخطط الإستراتيجية القائمة والمحددة المجال. والهدف من هذه الخطط الجديدة هو أن يكون هناك 300 ألف جندي مستعدين تماما للعمل. ورحب البيان أيضا "بالجهود الجارية من جانب الحلفاء لزيادة وجودهم على الجناح الشرقي للناتو"، وبالتزام أعضاء الحلف باستثمار اثنين في المائة كحد أدنى من ناتجهم المحلي الإجمالي سنويا في الدفاع، وهو ما يدل على تكريس دائم للإنفاق الدفاعي. ويحذر المحللون من أن توسع الناتو واستجابته للقضية الروسية الأوكرانية قد يعرضان الأمن العالمي للخطر من خلال إحداث تحولات اجتماعية اقتصادية وسياسية كبيرة. فقد صرح دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، يوم الثلاثاء بأن زيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا من قبل الناتو تجعل الحرب العالمية الثالثة أقرب. كما يقول النقاد إن وجود الناتو ونفوذه قد يقوضان وضع عدم الانحياز والحياد الذي تلتزم به بعض الدول. ويرون أن عضوية الناتو تعمل على تقييد خيارات السياسة الخارجية وكذا استقلالية الدول التي تفضل الحفاظ على موقف محايد في الصراعات الدولية. فمن جانبه أعرب جان أوبيرج، مدير المؤسسة عبر الوطنية للسلام وأبحاث المستقبل، عن مخاوفه إزاء عضوية السويد في الناتو، مؤكدا أن السويد، بدلا من أن تظل منطقة عازلة مهمة في عدم الانحياز أبعدها ذلك عن الحرب لمدة 200 عام، قد تصبح متورطة بشكل مباشر في صراعات. وأضاف أن "السويد ستخسر المزيد من سياستها الخارجية المستقلة وستضطر إلى إنفاق مبالغ طائلة للتأقلم مع الناتو". أما يوخن شولتز، وهو ضابط سابق في سلاح الجو الألماني (لوفتفافه)، فقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن التهديد من روسيا غير قائم وهو مجرد واجهة لوظيفة الناتو كأداة للحفاظ على الهيمنة الأمريكية. ويرى شولتز أنه من الأهمية بمكان أن يدرك الأوروبيون هذه الحقيقة. وحذر أوبيرج من أنه إذا خرج الناتو منتصرا في هذا السيناريو بعد أن كان المنشئ الرئيسي "للبيئة الأمنية الأشد خطورة والتي لا يمكن التنبؤ بها منذ الحرب الباردة"، فمن المرجح أن تقترب بقية بلدان العالم من "لحظة نهاية العالم". -- التدخل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في تحرك واضح للتدخل في الشؤون الإقليمية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، دعا الناتو مرة أخرى قادة استراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، ما يسمى بـ"الشركاء" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لحضور قمته للمرة الثانية وتعهد بـ"مواصلة تعزيز الحوار والتعاون لمواجهة تحدياتنا الأمنية المشتركة"، وفقا لما جاء في البيان. فقد قال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، لدى استقباله "الشركاء" الآسيويين في اجتماع مجلس شمال الأطلسي يوم الأربعاء، إن "الناتو حلف إقليمي بين أوروبا وأمريكا الشمالية، لكن التحديات التي نواجهها عالمية، وأمننا مرتبط ببعضه البعض. إن ما يحدث في المنطقة الأوروبية الأطلسية يهم منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وما يحدث في منطقة المحيطين الهندي والهادئ يهم المنطقة الأوروبية الأطلسية". بيد أن قادة الناتو بعثوا بإشارات متضاربة. فقد صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحفي في ختام القمة بأنه يتعين على الناتو مواصلة تركيزه على على منطقة شمال الأطلسي. وذكر ماكرون "إنها لا تزال منظمة حلف شمال الأطلسي، ومهما قالوا، فإن الجغرافيا مستعصية: فمنطقة المحيطين الهندي والهادئ ليست شمال الأطلسي. ولا نريد أن يبدو الأمر وكأن الناتو يخلق الشرعية ليكون حاضرا جغرافيا في مناطق أخرى". وأعرب أوبيرج عن قلقه إزاء توسع الناتو خارج نطاقه الأصلي. وأشار إلى أن المعاهدة التأسيسية للناتو لا تتضمن أحكاما لإنشاء مكاتب خارج ولايته الأطلسية، وسلط الضوء على أن اليابان ليست عضوا في الناتو. وانتقد أوبيرج قرار الناتو بإنشاء فئة جديدة من "الشركاء" دون أي ذكر لذلك في المعاهدة. وفي معرض تعليقه على الوضع، قال شولتز إنه يأمل أن تدرك الدول الآسيوية، بما في ذلك اليابان، أنه "سيتم إساءة استخدامها لاحتواء الصين من أجل الحفاظ على الهيمنة الأمريكية العالمية". في البيان، قام التكتل العسكرية بذكر الصين 15 مرة، قائلا إن "طموحات الصين المعلنة وسياساتها القسرية تمثل تحديا لمصالحنا وأمننا وقيمنا" وإن الصين تشكل "تحديا منهجيا" للحلف. وردا على ذلك، رفضت الصين يوم الأربعاء مثل هذه الادعاءات. وقال وانغ ون بين المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحفي "إن ما جاء في بيان الناتو هو عكس الحقيقة تماما ونتاج لعقلية الحرب الباردة والتحيُّز الأيديولوجي. والصين تعارضه بشدة". وأضاف "إننا نحث الناتو على الكف عن توجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة وتصريحات استفزازية تستهدف الصين، وعلى نبذ عقلية الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن وكذا النهج الخاطئ المتمثل في السعي إلى تحقيق أمن مطلق. لقد رأينا ما فعله الناتو بأوروبا، ويجب على الناتو ألا يسعى لزرع الفوضى هنا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ أو أي مكان آخر في العالم". -- تمديد الذراع الأمريكية خلال القمة التي استمرت يومين، وعلى الرغم من تكرار ذكر عبارة "العمل معا" في البيان، ظهر عدد من الخلافات، بما في ذلك انقسام وجهات النظر حول عضوية أوكرانيا، واختيار أمين عام للناتو، وتزويد أوكرانيا بقنابل عنقودية. وقد لاحظ المحللون تناقضا ملحوظا في موقف الناتو فيما يتعلق بدعم أوكرانيا. ففي الوقت الذي تدعو فيه بعض الدول الأعضاء في أوروبا الشرقية إلى التزام قاطع بالإطار الزمني المحدد لانضمام أوكرانيا إلى الناتو، فإن الولايات المتحدة وألمانيا تظهران عزوفا عن تجاوز وعدهما السابق بأن تصبح أوكرانيا عضوا في نهاية المطاف. وبدوره وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فشل الناتو في وضع إطار زمني لعضوية بلاده في الحلف بأنه "غير مسبوق وسخيف". وعلق الخبير الإسباني بير أورتيغا قائلا إنه طالما الناتو موجود، فإن تحقيق السلام في أوروبا سيظل أمرا بعيد المنال بسبب عدم قدرة الحلف على الحد من التدخل العسكري الأمريكي. وفي هذا الصدد، ذكر المحلل السياسي الكرواتي ملادين بليسي أن "الولايات المتحدة استفادت من الصراعات المسلحة في أوكرانيا، لذلك تأمل في أن تستمر الصراعات في أوكرانيا". وقال بليسي إن "قمة الناتو، التي تهيمن عليها الولايات المتحدة، لن تسهم في حل سلمي للأزمة الأوكرانية، كما يتضح من قرار الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بقنابل عنقودية"، مضيفا أن "الناتو تسيطر عليه الولايات المتحدة، وسيصبح حتما ذراعا ممتدة للولايات المتحدة وأداة لها، ولذلك فإن مستقبل الناتو سيكون موضع تساؤل". وأشار بيلسي إلى أن الحل الوحيد القابل للتطبيق للأزمة الأوكرانية يتطلب جمع جميع الأطراف المعنية حول طاولة المفاوضات للانخراط في حوار هادف.

مشاركة :