أدلى بيرني ماركوس، أحد مؤسسي شركة «هوم ديبو»، ببعض العبارات السلبية عن بني جلدته من أميركيين في مقابلة في ديسمبر الماضي. فقد رأى أن «الاشتراكية» دمرت أخلاقيات العمل لأن «لا أحد يعمل. لا أحد يبالي... فقط أعطني هذا. أرسل لي المال. لا أريد أن أعمل - أنا كسول جدا، وبدين جدا، وغبي جدا». ومن السذاجة الاعتقاد تخيل أن هذا القول استثنائي. فمما لا شك فيه أن الأثرياء يدأبون على قول أشياء مماثلة في الأندية الريفية في جميع أنحاء أميركا. والأهم من ذلك، أن السياسيين المحافظين مهووسون بفكرة أن المساعدات الحكومية تجعل الأميركيين كسالى، وهذا هو السبب في أنهم يواصلون محاولة فرض متطلبات العمل على برامج مثل ميديكآيد وإعانات الغذاء على الرغم من الأدلة الدامغة على أن هذه المتطلبات لا تعزز فرص العمل؛ لكنها تقيم حواجز روتينية تحرم الأشخاص الذين يحتاجون المساعدة حقا. وأنا لا أتوهم أن الحقائق ستغير رأي هؤلاء الناس. لكن يجب أن يعلم الجميع أنه خلال العام الماضي، أجرينا، في الواقع، اختبارا كبيرا للاقتراح القائل بأن الأميركيين أصبحوا كسالى. واتضح أنهم ليسوا كذلك. وبالنظر إلى الفرص التي أوجدها اقتصاد العمالة الكاملة، يمكننا القول إنه أول اقتصاد يعمل بكامل طاقته حقا نعمنا به منذ ما يقرب من ربع قرن. فالأميركيون، في الواقع، على استعداد للعمل وأكثر استعدادا للعمل مما تخيله أي شخص تقريبا، حتى من المتفائلين. وقوة أخلاقيات العمل الأميركية لها تداعيات هائلة على السياسة. وقبل الدخول في الأرقام، إليكم تذكير بشأن التقسيم السكاني. ويوجد في أميركا سكان متقدمون في السن، مما يعني أن الأمور الأخرى متساوية، ويجب أن نشهد اتجاها هبوطيا في جزء من البالغين الذين ما زالوا يعملون. وفي الواقع، المعدل الإجمالي للمشاركة في القوى العاملة، النسبة المئوية للبالغين سواء العاملين أو الباحثين عن عمل، أقل إلى حد ما الآن مما كانت عليه عشية جائحة كوفيد-19. لكن مثل هذا الانخفاض كان متوقعا وممكن التنبؤ به، على سبيل المثال، وفي توقعات ما قبل الجائحة من مكتب الميزانية في الكونجرس. والمشاركة في القوى العاملة اليوم هي في الواقع أعلى مما توقعه مكتب الميزانية، وهو أمر رائع حقا بالنظر إلى أن كوفيد دفع بعض العمال إلى التقاعد المبكر، في حين أن فيروس كورونا المستجد لفترة طويلة قد ترك عددا كبيرا من العمال يعانون من إعاقات مزمنة. وتتمثل إحدى طرق النظر إلى التغييرات الديموغرافية في الماضي في التركيز على مشاركة الأميركيين في القوى العاملة في سنوات عملهم الأولى، وهي أعلى الآن مما كانت عليه منذ 20 عاما. وأفاد بوبي كوجان من مركز التقدم الأميركي أنه إذا قمت بالتعديل على أساس العمر والنوع، فإن التوظيف الأميركي الإجمالي الآن في أعلى مستوى له في التاريخ، مرة أخرى، على الرغم من الآثار المستمرة للجائحة. ومن ثم هناك مبالغة في أن الحكومة الكبيرة جعلت الأميركيين كسالى، أو حتى الحديث عن تقاعدات كبيرة عن العمل. الأميركيون يعملون أكثر من أي وقت مضى. فمن أين يأتي هؤلاء العمال الإضافيون؟ إحدى الإجابات هي أنه في سوق العمل الضيق، يكون أرباب العمل أكثر استعدادا للنظر في الفئات المهمشة، التي يتضح أن كثيرين من أعضائها قادرون تماما على العمل المنتج. وشهدنا، على سبيل المثال، ارتفاعا مذهلا في التوظيف بين الأميركيين أصحاب الاحتياجات الخاصة. وشهدنا أيضا ارتفاعا في عدد العمال المولودين في الخارج. وبغض النظر عما قد يعتقده أمثال رون ديسانتيس، فإن المهاجرين يمثلون إضافة كبيرة للاقتصاد الأميركي: فهم عادة يميلون إلى أن يكونوا أشخاص في سن العمل ولديهم دوافع عالية. والواقع أن سياسات ديسانتيس المعادية للمهاجرين لها بالفعل تأثير سلبي واضح على اقتصاد فلوريدا. فما الذي يخبرنا به نجاح أميركا الاستثنائي في إعادة الناس إلى العمل، بصرف النظر عن حقيقة أننا لم نصبح كسالى؟ شيء واحد يخبرنا به هو أن الانتعاش البطيء الذي أعقب الأزمة المالية لعام 2008 – وهو ركود إلى حد كبير لأن الأشخاص الجادين جدا كانوا مهووسين بالديون بدلا من الوظائف - حرموا من التوظيف ملايين الأميركيين الذين كان بإمكانهم العمل. كما أن المكاسب الأخيرة في الوظائف تجعل إدارة بايدن للاقتصاد تبدو أفضل بكثير مما كانت عليه قبل عام. وبدأ الرئيس جو بايدن فترة ولايته بحزمة إنفاق كبيرة قال الكثيرون إنها تسببت في اشتداد سخونة الاقتصاد، مما أدى إلى تغذية التضخم. وربما هناك حقيقة كبيرة في هذا الادعاء. لكن كانت هناك أيضا مزاعم بأن التخلص من التضخم الزائد يستلزم سنوات من البطالة المرتفعة. وكما اتضح، مع ذلك، فإن التضخم - بما في ذلك المعايير التي تحاول استبعاد العوامل المؤقتة - ينحسر على الرغم من ارتفاع معدلات التوظيف. لذا فإن مثل هذه الادعاءات تبدو أقل إقناعا من أي وقت مضى. وعلى الرغم من أن الاقتصاد الساخن ربما أدى إلى زيادة التضخم مؤقتا، لكنه دفع بالأميركيين أيضا إلى فرص العمل؛ ليس فقط الذين فقدوا وظائفهم أثناء الجائحة وما تلاها، لكن أيضا بعض الذين كانوا لا يقومون بعمل. لقد أنتج أيضا مكاسب كبيرة بشكل خاص للعمال ذوي الأجور المنخفضة. وإذا تمكنا من تجنب ركود حاد، فمن المحتمل أن يستمر كثير من هذه المكاسب الوظيفية. والنقطة الأكبر هي أنه على الرغم مما قد يقوله الأثرياء الغاضبون، فإن الأميركيين لم يصبحوا كسالى. وعلى العكس من ذلك، فهم مستعدون، بل متحمسون، لتولي وظائف إذا كانت متاحة. وعلى الرغم من أن السياسة الاقتصادية في السنوات الأخيرة كانت بعيدة عن الكمال، لكن شيئا واحدا فعلته لصالح الأمة وتمثل في إعطاء فرصة للعمل. أكاديمي أميركي حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
مشاركة :