الدكتور باهمام يكشف لـ«عاجل» أسباب ومخاطر نقص النوم ويوجه نصائح لنوم مريح

  • 7/17/2023
  • 19:15
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

اضطرابات النوم أصحبت هاجسا يقلق العديد من افراد المجتمع، فيما تغيب أسباب هذه الحالة ومخاطرها عن الكثيرين، الذين قد لا يبالون بالنتائج التي قد تسفر عنها. مخاطر سلطت صحيفة «عاجل» الضوء عليها، في حوارها مع الدكتور أحمد باهمام استشاري أمراض الصدر وطب النوم ومدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم في المدينة الطبية لجامعة الملك سعود. وإلى نص الحوار: ما هو النوم؟ هناك اعتقاد سائد بأن النوم هو خمول في وظائف الجسم الجسدية والعقلية يحتاج إليه الإنسان لتجديد نشاطه، إلا أن الواقع المثبت علميًا خلاف ذلك، فخلال النوم يمارس الجسم العديد من الأنشطة المعقدة، بالإضافة إلى أنه يتعرض خلال النوم لبعض الأمراض التي قد تحدث خلال النوم فقط وتختفي مع استيقاظ المريض. فالنوم ليس فقدانًا للوعي أو غيبوبة، وإنما حالة خاصة يمر بها الإنسان، تتم خلالها أنشطة معينة. وعندما يكون الإنسان مستيقظًا فإن المخ يكون لديه نشاط كهربائي معين، ومع حلول النوم يبدأ هذا النشاط يتغير. إن دراسة النوم تساعدنا على تحديد ذلك تحديدًا دقيقًا؛ فالنائم يمر خلال نومه بعدة مراحل من النوم لكل منها دورها. فالمرحلتان الأوليان من النوم، يكون الجسم في حالة سبات خفيف، فيما المرحلة الثالثة، تسمى بالنوم العميق، وهذه المرحلة مهمة لاستعادة الجسم نشاطه ولتعزيز الذاكرة وراحة القلب والجهاز الدوري. ونقص هذه المرحلة من النوم ينتج عنه النوم الخفيف غير المريح والتعب والإجهاد خلال النهار. وبعد نحو التسعين دقيقة تبدأ مرحلة الأحلام أو ما يعرف بمرحلة حركة العين السريعة. إن مرحلة الأحلام هذه مهمة لاستعادة الذهن نشاطه، والتخلص من المشاعر السيئة، وكذلك تعزيز الذاكرة، ويعرف المرور بجميع مراحل النوم بدورة نوم كاملة، والتي يقدر عددها بنحو 4 إلى 6 دورات نوم كاملات، خلال نوم الإنسان الطبيعي (6 إلى 8 ساعات). لماذا ننام؟ النوم إحدى وظائف الجسم المهمة، مما يعني أن الحرمان منه أو نقص أو قصر فترته بالليل ينتج عنها زيادة بالنعاس في النهار، وتغيرات فسيولوجية مهمة في كل أعضاء الجسم الحيوية. ما أسباب نقص النوم؟ نقص النوم قد يكون بسبب نقص مدة أو ساعات النوم الناتج عن السهر على سبيل المثال، أو نقص في جودة النوم بسبب بعض الأمراض التي تؤثر في جودة النوم مثل الشخير وتوقف التنفس أثناء النوم. أما السبب الرئيس لنقص النوم في مجتمعنا فهو السهر. وقد أظهر أكثر من بحث محلي أننا ننام أقل من كثير من المجتمعات الأخرى، وهذا يسري على مختلف الفئات العمرية، فمجتمعنا بجميع فئاته العمرية يحب السهر. السبب في ذلك ذو شقين: الشق الأول هو السهر المبالغ فيه بالليل وهذا أمر واضح وجلي لجميع القراء، والشق الثاني في أن المدارس في المملكة تبدأ مبكرة جدًا. وأظهرت دراسة حديثة أُجريت على أكثر من 1000 تلميذ ابتدائي أن أكثر من 71٪ من أطفال المدارس السعودية لم يحصلوا على قسط كافٍ من النوم الموصى به في الليل. وقد قدرت دراسة محلية أن انتشار الحرمان من النوم والعوامل المرتبطة به داخل عينة تمثيلية على الصعيد الوطني من المراهقين (أكثر من 1200 شاب)، في المملكة العربية السعودية مرتفع جدا، فقد تم الإبلاغ عن الحرمان من النوم (النوم أقل من 7 ساعات / يوم) بنسبة 46٪ في أيام الأسبوع و 33٪ في عطلات نهاية الأسبوع. وأفاد ثلاثة أرباع المراهقين بأنهم شعروا بعدم الانتعاش عند الاستيقاظ. وهدفت دراسة سعودية حديثة إلى توصيف النوم لدى المراهقين ذوي النمو الطبيعي في المملكة العربية السعودية، ومقارنة ملفات نومهم بمراهقين ذوي النمو الطبيعي في المملكة المتحدة. وقد أفادت نتائج الدراسة الحالية أن مدة النوم أقصر للمجموعة السعودية مقارنة بالدراسات السابقة ومجموعة المملكة المتحدة، والتي قد تُعزى إلى سوء سلوكيات اليوم التي تؤثر على النوم. ما مخاطر نقص النوم؟ نقص النوم ينتج عنه نقص في التركيز والذاكرة وبطء في ردة الفعل واتخاذ القرارات الصحيحة، كما أنه يسبب زيادة النعاس في النهار وتعكر المزاج والتوتر والاكتئاب. وقد أظهر أكثر من بحث، أحدها أجريناه على طلاب المدارس في الرياض أن نقص النوم يؤثر في التحصيل الدراسي عند الطلاب. وقد ذكر آباء ومعلمو طلاب المدارس الابتدائية الذين شملهم المسح في مدينة الرياض أن 13.5% من الأولاد و6.9% من البنات ينامون في الفصول، وهذا ومن دون شك يعود في جله إلى نقص ساعات النوم. ويؤثر نقص النوم على التحصيل العلمي للطلاب في مختلف المراحل بما في ذلك المرحلة الجامعية وهذا مثبت في أبحاث محلية وعالمية. كما أظهرت الأبحاث، أن حوادث السيارات المميتة تزداد في الساعات المتأخرة من الليل، وليس في أوقات الذروة، ويعزى ذلك إلى نعاس ونوم السائق أثناء القيادة. ويُعتقد أن الكثير من الكوارث التي حدثت حديثًا للإنسانية مثل حادثة تشيرنوبيل في الاتحاد السوفيتي وحادثة بوبال في الهند، نتجت بسبب سوء في التقدير واتخاذ القرار من العاملين بسبب النعاس والإجهاد. وتشير الأبحاث إلى أن الاستيقاظ المتواصل لمدة 24 ساعة يوصل القدرة العقلية لاتخاذ القرار السريع والصحيح عند الإنسان إلى نفس الدرجة عند المخمور. ونقص النوم عملية تراكمية، فمثلا عدم الحصول على نوم كافٍ لعدة ليال يؤثر تأثيرًا مشابهًا للبقاء مستيقظًا لمدة أربع وعشرين ساعة متواصلة. ويسبب السهر ونقص النوم اختلالا في إفراز الكثير من الهرمونات المهمة، ويفقد الجسم القدرة التنظيمية والإيقاع اليومي لإفراز الهرمونات. ومن الهرمونات التي تتأثر: الكورتيزول والأدرينالين، وهرمون النمو المهم جدًا للجسم؛ حيث إنه مهم لنمو الأطفال ومهم لإصلاح وتكاثر الخلايا عند الكبار، كما أن السهر يؤثر في الهرمونات الجنسية. وقد يزيد نقص النوم من مقاومة الجسم للأنسولين وبالذات عند مرضى السكري، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم. وثبت حديثًا أن نقص النوم المزمن يزيد الوزن لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالهرمونات مثل هرموني اللبتين والغريلين. ما الذي على الوالدين فعله؟ هذا الأمر مهم جدًا بالنسبة إلى الأطفال والشباب؛ فعلى الوالدين مراقبة ذلك، فقد أظهرت نتائج بحث ميداني على طلاب الثانوية في إحدى الولايات الأمريكية ونشر في مجلة النوم والتنفس، أن 90% من طلاب الثانوية ينامون أقل من ثماني ساعات في اليوم، و19% ينامون أقل من 6 ساعات يوميًا. وخلصت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة قوية بين الإكثار من شرب القهوة ونقص عدد ساعات النوم من جهة وزيادة الوزن من جهة أخرى؛ فقد وجد الباحثون أن احتمال السمنة عند الطلاب الذين ينامون أقل من خمس ساعات يوميًا كان 8.5 ضعف احتمال زيادة الوزن عند الطلاب الذين ناموا أكثر من 8 ساعات. في حين كانت الاحتمالات الأخرى 2.8 ضعف للذين ينامون 5 إلى 7 ساعات و1.3 للذين ينامون 7 إلى 8 ساعات. لذلك نقول: إذا أردتم أوزانًا مثالية فاحصلوا على نوم مثالي. وتظهر الأبحاث الحديثة أن السهر ونقص النوم قد ينتج عنهما ضعف في الجهاز المناعي وقدرة الخلايا المناعية على التعامل مع الأجسام الغريبة والميكروبات. ويعتقد المختصون أن نقص النوم يزيد من احتمالات الإصابة بنزلات البرد والالتهابات الفيروسية بما فيها كورونا. وفي دراسة سابقة، وجد باحثون أن نقص ساعات النوم لمدة أسبوعين زاد خطر الإصابة بفيروس الزكام (Rhinovirus) عن طريق وضع نقط في الأنف، مقارنة بعينة ضابطة ناموا ساعات كافية بالليل. وزاد خطر الإصابة بثلاثة أضعاف عند الذين ناموا أقل من سبع ساعات مقارنة بالذين ناموا ثماني ساعات أو أكثر. وعند المصابين بمشكلات التنفس المزمنة قد يزيد السهر من ظهور بعض الأعراض. فقد أظهرت الأبحاث أن توقف التنفس أثناء النوم يزداد عند المصابين بالشخير عند السهر أو الإجهاد. أما بالنسبة إلى القلب والجهاز الدوري، فإن بعض الدلائل تشير إلى أن السهر قد يرفع ضغط الدم. كما أن السهر قد يؤثر مباشرة في القلب، فقد فحصت فرق طبية من جامعتي ووريك وجامعة كوليدج لندن البريطانيتين أنماط النوم لدى عشرة آلاف و308 موظفين حكوميين وقارنوها بمعدلات الوفاة. ووجد الباحثون تضاعفًا لخطر مرض القلب بين الذين قلصوا ساعات نومهم من سبع ساعات إلى خمس في الليلة، أو الذين زادوا عدد ساعات نومهم عن ثماني ساعات، مقارنة بالذين التزموا بسبع ساعات كل ليلة. وحديثًا (2023)، أضافت الكلية الامريكية للقلب «مدة النوم» إلى المقاييس السبعة الأخرى الأساسية لصحة القلب. كما أن الأبحاث تشير إلى أهمية النوم للحفاظ على القدرات المعرفية وتقليل خطر الإصابة بالخرف والزهايمر عند كبار السن، وسأستعرض هنا بحثين درسا علاقة نقص النوم بالخرف (مرض الزهايمر). وأجريت الدراسة الأولى على عينة من الشباب (15 متطوعاً)، ونشرت في مجلة «النوم»، حيث وجد الباحثون أن عدم النوم لليلة واحدة رفع مستوى جزيء حيوي يوجد في الخلايا العصبية في المخ بنسبة 20%، ويرتفع مستوى هذا الجزيء الذي يعرف بجزيء (NSE & S-100B) في العادة عند وجود تلف في خلايا المخ أو خلل في حاجز الدم عن الدماغ. دراسة أخرى أجراها باحثون من جامعة جون هوبكنز على مجموعة من كبار السن، بينت أن نقص مدة النوم أو سوء جودة النوم، نتج عنهما زيادة في بروتين بيتا أميلويد (beta-amyloid) ، وهو البروتين الذي يعتبر السمة المميزة لمرض الخرف «الزهايمر». نتائج الدراستين تبين أن النوم الصحي والكافي مهم لصحة خلايا المخ لجميع المراحل العمرية. وبينت الدراسات على حيوانات التجارب أنه خلال النوم العميق (المرحلة الثالثة من النوم)، قد يكون الدماغ قادرًا على إزالة النفايات الأيضية مثل بيتا أميلويد، بشكل أكثر فعالية. يتم خلال النوم التخلص من الخلايا المعطوبة في الجسم والخلايا السرطانية، وقد ربط نقص ساعات النوم بزيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض. ما سبق ما هو إلا غيض من فيض، والأبحاث الطبية تظهر لنا لك كل يوم دلائل جديدة على أهمية النوم وعلى الإعجاز الكبير في آية النوم. ويبدو أن النوم هو أول شيء يخرجه معظم الناس من أولوياتهم عندما يكونون مشغولين؛ فالخطوة الأولى للنوم الصحي هي تخصيص وقت للنوم. كيف يتفاعل الجسم والدماغ وقت النوم؟ قد يعتقد الكثيرون أن النوم هو الوقت السلبي من اليوم، عندما لا يتم عمل أي شيء في قائمة المهام اليومية. لكن يرى الدماغ والعديد من الأنظمة الأخرى في الجسم الأمر بشكل مختلف تمامًا. النوم مهم لعدد من وظائف الدماغ، بما في ذلك كيفية تواصل الخلايا العصبية مع بعضها البعض. في الواقع، يظل الدماغ والجسم نشيطين بشكل ملحوظ أثناء النوم. وتشير النتائج الحديثة إلى أن النوم يلعب دور التدبير المنزلي الذي يزيل السموم الموجودة في عقلك والتي تتراكم أثناء استيقاظك؛ فكل شخص يحتاج إلى النوم، لكن الغرض البيولوجي منه يظل لغزًا. فالنوم يؤثر على كل نوع من أنسجة وأنظمة الجسم تقريبًا - من الدماغ والقلب والرئتين إلى التمثيل الغذائي والوظيفة المناعية والمزاج ومقاومة الأمراض. وتظهر الأبحاث أن قلة النوم المزمنة، أو قلة النوم، يزيد من مخاطر الاضطرابات بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية والأيض (التمثيل الغذائي)، والسكري، والاكتئاب، والسمنة. والنوم عملية معقدة وديناميكية تؤثر على طريقة العمل بطرق بدأ العلماء في فهمها حديثًا. ما دروات النوم وكم مدتها؟ وكم دورة يحتاجها الإنسان خلال نومه؟ مع تقدم العلم وخاصة في مجال العلوم العصبية والرسم الكهربائي للدماغ Electroencephalogram (EEG)، أصبح لدينا بعض العلم بما يحدث من إعجاز خلال النوم وخفي عنا الكثير. ومن المعلومات التي عرفناها أن النوم يتكون من أنشطة دماغية يحدث من خلالها الكثير من العمليات البيولوجية مثل تنشيط خلايا الدماغ (neuronal plasticity) ودعم وتعزيز الذاكرة. ماذا يحدث خلال النوم الطبيعي؟ يمكن تقسيم النوم على نطاق واسع إلى: مرحلة انعدام للحركات السريعة للعين (NREM)، وتمثل 75 % من إجمالي النوم وتتكون من ثلاث مراحل: الأولى (حوالي 5%)، والثانية (45-50%)، والثالثة التي تُعرف تجاوزاً بالنوم العميق (20-25%). مرحلة الحركات السريعة للعين (وتعرف تجاوزًا بمرحلة الأحلام) (REM)، وتمثل 25% من إجمالي النوم وتتكون من مرحلة واحدة. وتتغير نسب المراحل أعلاه في فترات العمر المختلفة، فقد تتعدى نسبة مرحلة الأحلام الـ50% عند حديثي الولادة، كما تقل وقد تختفي مرحلة النوم العميق عند كبار السن أو المصابين ببعض الأمراض التي تؤثر على جودة النوم. كما خلص العلماء إلى أن الإنسان يمر خلال نومه على أربع الى ست دورات نوم، تتفاوت مدة كل منها بين التسعين دقيقة والمئة وعشر دقائق من النوم. وفي العادة ينام الإنسان ما بين سبع إلى تسع ساعات يومياً، أي بمعدل أربع إلى ست دورات نوم تقريباً. وفي ساعات النوم الأُول تكون مراحل النوم الثلاث الاولى (NREM) أطول خلال الدورة الواحدة، من مرحلة نوم الأحلام (REM). ومع استمرار النوم تبدأ مراحل (NREM) بالقصر لحساب مرحلة الأحلام (REM) والتي تصبح أطول. لماذا لا ينصح المختصون وأطباء النوم بالأعمال التي تتطلب السهر وnightshift؟ طبيعة الحياة المدنية الحديثة تتطلب العمل على مدار 24 ساعة؛ فنظام العمل بالورديات أصبح واقعًا يجب علينا التعايش معه، فهناك الطبيب الذي يجب أن يعمل بالليل، وهناك الممرضة ورجل الأمن وغيرهم كثير. وبصورة عامة، كلما تقدم بنا السن أصبح التكيف مع نظام الورديات أكثر صعوبة، لكن هناك استراتيجيات عامة يمكن أن تساعد العامل على الحصول على نوم أفضل. نظام الورديات يؤثّر في حياتنا بعدة طرق؛ فالموظف الذي يعمل بالليل وينام بالنهار عادة ما ينام ساعتين إلى أربع ساعات أقل من الموظف الذي يعمل بالنهار وينام بالليل. وهناك اختلاف كبير بين نوعية النوم بالنهار مقارنة بالليل. فالنوم بالنهار عادة ما يكون خفيفًا (ربما لا يحصل الموظف على حاجته من النوم العميق) ومتقطعاً مما ينتج عنه عدم استعادة الجسم لنشاطه ومن ثم التعب والخمول والتوتر، وفي بعض الأحيان الأرق، وهذا بدوره ينعكس على إنتاجية الموظف وتركيزه في عمله، وفي بعض الأحيان قد يسبب بعض الأعراض العضوية. فعلى سبيل المثال، إفرازات الجهاز الهضمي تتبع نظام الإيقاع اليومي، فعندما يأكل الموظف في ساعات الليل المتأخرة فإنه يملأ معدته بالأكل في الوقت الذي يكون جهازه الهضمي غير مستعد لذلك، ويتركها خالية بالنهار وهي في قمة نشاطها وإفرازاتها الحمضية. وهذا يفسر نسبيًا كثرة شكوى العاملين بالليل من الحموضة. إن العاملين في نظام الشفتات قد يكونون عرضة أكثر من غيرهم لبعض الاضطرابات الصحية ومنها زيادة الوزن، حيث يحدث خلل في إفراز الهرمونات، فتزداد الهرمونات التي تزيد الشهية مثل هرمون الغريلين وتقل الهرمونات التي تقلل الشهية كاللبيتين. كما وجد الباحثون أن السيدات اللاتي عملن بنظام الشفت مارسن الرياضة بشكل أقل ممن عملن بنظام ساعات عمل مريح، وربطت بعض الدراسات بين نظام عملت الورديات واضطرابات الجهاز الدوري والقلب وأمراض أخرى. وموظفو الورديات يعانون الكثير من الضغوط العائلية والاجتماعية التي يجب عليهم التكيف معها؛ حيث يجب عليهم العمل عندما يكون أغلب الناس نائمين والنوم عندما يكون الآخرون في أعمالهم، أو يقضون أوقاتًا ماتعة مع أقاربهم وأصدقائهم. ويشتكي هؤلاء الموظفون عادة من عدم القدرة على قضاء أوقات كافية مع أبنائهم أو أصدقائهم أو حتى من ترتيب بعض الأنشطة الترفيهية. لذلك يجب أن ينظم نظام الوردية (أو الشفت) ليساعد الموظف على النوم بصورة أفضل. ويمكن أن ينجز ذلك بحيث يتبع وقت تغيير الورديات عقارب الساعة، بمعنى إذا كان الموظف يعمل في وقت النهار فإن الوردية التالية تكون في المساء، والثالثة تكون بالليل وهكذا. وهذا الاتجاه في وقت تغيير الورديات هو أكثر ملاءمة لطبيعة الإنسان، ويساعد الموظف على التكيف السريع مع الإيقاع اليومي الجديد. ما أهمية فترات الراحة؟ ويجب إيجاد فترات للراحة خلال ساعات العمل، وهذا قد يساعد في زيادة التركيز والاستيقاظ لدى الموظف. وهذا النظام أثبت فاعلية في كثير من الشركات التي تتطلب العمل على مدار الساعة. كما أن زيادة الفترة قبل تغيير وقت الوردية قد يساعد العامل على التكيف مع الوردية الجديدة، بمعنى أن تغيير وقت الوردية كل ثلاثة أسابيع أفضل من تغييرها كل أسبوع. ويجب أن يساعد جو العمل على تنشيط الموظف وزيادة وعيه الحسي، فالإضاءة يجب أن تكون جيدة وقوية، والحرارة يجب أن تكون مناسبة، علمًا أن الجو الدافئ يؤدي إلى الخمول. فبعض الموظفين يحب تناول المشروبات المحتوية على الكافيين لزيادة نشاطهم، ولا أرى أي مانع من تناول هذه المشروبات كالقهوة مثلاً بشرط ألا يتم تناولها قبل وقت النوم بثلاث إلى أربع ساعات، لأنها قد تزيد من مشكلة الأرق عند الموظف. على موظفي الورديات البدء في تعديل وقت نومهم عند اقتراب انتهاء فترة الوردية الحالية للتكيف مع فترة الوردية القادمة؛ ففي الأيام الأخيرة من الوردية الحالية يبدأ الموظف في تغيير مواعيد نومه تدريجيًا للتكيف مع الفترة الجديدة. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الوردية الحالية في النهار والقادمة في المساء، فإنه على الموظف تأخير نومه ساعة إلى ساعتين كل يوم ومن ثم وقت استيقاظه إن أمكن حتى يساعده على التكييف مع وقت النوم الجديد. أما إذا كانت ورديته بالليل ونومه بالنهار، فعليه أن يحاول أن يخلق جو الليل في غرفة نومه، بمعنى أن يجعلها مظلمة وهادئة دون أي ضوضاء. وقد يكون من الصعب القضاء على الضوضاء في وقت النهار. وللتغلب على ذلك يمكن استخدام ما يعرف بالضوضاء البيضاء، وهي أن يكون في الخلفية الصوتية صوت ثابت الشدة ومتواصل، كصوت مروحة أو مكيف الهواء. وهذا الصوت تعتاد عليه الأذن وهو في الوقت نفسه يغطي على الأصوات الأخرى التي قد تؤثر في النوم. ويجب على موظف الورديات أن يلتزم بنظام النوم والاستيقاظ الخاص بورديته بقدر الإمكان حتى في عطلة نهاية الأسبوع. ويحاول أن يجد وقتًا محددًا لقضائه مع عائلته وأقاربه دون أن يحدث تغييرًا كبيرًا في نظام نومه واستيقاظه. ويجب أن يعرف القارئ أن تغيير نظام النوم خلال عطلة نهاية الأسبوع تحت ضغوط الالتزامات الاجتماعية يؤثّر في نوم الموظف خلال الأسبوع الذي يليه. والموظفون الذين يعملون في وظائف تتطلب منهم الاستيقاظ المتكرر خلال الليل كالأطباء قد يستفيدون من فترات نوم قصيرة خلال النهار. كيف يؤثر الطعام في نوم الإنسان؟ يؤثر الطعام في نوم الإنسان، لذلك على موظفي الورديات أن يأكلوا الوجبات الغنية بالبروتين والكربوهيدرات والابتعاد على الوجبات الدهنية والمقلية، ولا ينصح القارئ بالذهاب للنوم عندما يكون جائعًا أو بعد وجبة ثقيلة. كم عدد المصابين باضطرابات النوم عالميا ومحليا؟ هناك أكثر من 87 اضطرابا للنوم، وقد ضمها التصنيف العالمي لاضطرابات النوم تحت 7 مجموعات كبيرة وهي: الأرق اضطرابات التنفس المتعلقة بالنوم الاضطرابات المركزية لفرط النعاس اضطرابات النوم والاستيقاظ بسبب إيقاع الساعة البيولوجية الباراسومنياس (“خطل النوم”، ومنها المشي والكلام أثناء النوم، واضطراب الأحلام السلوكي، والكوابيس, ورعب النوم، وأنين النوم, وغيرها) اضطرابات الحركة المرتبطة بالنوم اضطرابات النوم الأخرى أيهما أكثر عرضة له.. النساء أم الرجال؟ تشير دراستان سابقتان قامتا بتقييم انتشار خطر انقطاع التنفس أثناء النوم والأعراض المرتبطة به بين الرجال والنساء السعوديين عند مرضى الرعاية الأولية باستخدام استبانة برلين إلى أن 3 من بين 10 رجال سعوديين و4 من بين 10 نساء سعوديات يتعرضون لخطر عالٍ من اضطراب التنفس أثناء النوم. وفي دراسة لاحقة تم استخدام مراقبة النوم الشاملة بواسطة مراقبة النوم بشكل موضوعي لتقييم انتشار انقطاع التنفس أثناء النوم في عينة مكونة من 346 من موظفي المدارس السعودية في الفئة العمرية من 30 إلى 60 عامًا، وكان انقطاع التنفس أثناء النوم 11 % في الرجال و 4% في النساء. دراسة أخرى أجريت لتقييم انقطاع التنفس أثناء النوم باستخدام دراسة النوم الموضوعية الشاملة من النوع الثاني في مرضى سعوديين تم إدخالهم إلى وحدة العناية المركزة القلبية مع متلازمة الشريان التاجي الحادة خلال الفترة الحادة وبعد ستة أشهر، وتبين أن 56% من هؤلاء المرضى يعانون من اضطراب التنفس أثناء النوم. وتعتبر السمنة، التي هي عامل خطورة مهم لانقطاع التنفس أثناء النوم، منتشرة أيضًا بين الجنسين وفي مختلف فئات العمر في المملكة العربية السعودية؛ ففي مسح وطني أجري بين عامي 1995 و2000، تم الإبلاغ عن أن نحو نصف (50%) من النساء السعوديات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 40 و 49 عامًا كن يعانين من السمنة (مؤشر كتلة الجسم ≥ 30). وتعتبر السمنة منتشرة بشكل أكبر في النساء السعوديات في متوسطات العمر مقارنة بالدول الغربية. كما أن السمنة منتشرة بين الأطفال والمراهقين وأصبحت مشكلة شائعة في معظم دول العالم ومن ضمنها السعودية. ويظهر انقطاع التنفس أثناء النوم أيضًا في الأطفال السعوديين بنسب مشابهة للغرب، فضلاً عن زيادة معدلات السمنة في الطفولة في المملكة العربية السعودية، حيث إن معدلات السمنة عند الأطفال في المملكة قد يكون أعلى من الأطفال في الغرب أو في شرق آسيا. إن انتشار متلازمة تململ الساقين بين السعوديين بين 5 -8%، وهذا يندرج في النطاقات المبلغ عنها سابقًا لانتشار المتلازمة في الدول الأخرى (3%-12%). وأظهرت دراسة وطنية أن أيا من المصابين بمتلازمة تململ الساقين لم يشخص بالمرض خلال مراجعته لمراكز الرعاية الأولية، مما يعكس نقص معلومات بعض الممارسين الصحيين بالمرض وقد أفادت دراسة حديثة أن انتشار الأرق مع اضطراب الوظائف النهارية في المرضى الذين يراجعون مراكز الرعاية الأولية بلغ 57%، في حين أن دراسة حديثة أخرى لتقييم انتشار الأرق (الذي يُعرف بصعوبة بدء النوم والاستيقاظ في الصباح الباكر أو الاستيقاظ المتكرر المصاحب لوظائف نهارية غير طبيعية) في الموظفين والزوار في مركز طبي بلغ 78% (75-79%)، مع انتشار أعلى في النساء 89%، مقارنة بالرجال 70%. ماذا نعرف عن مرض النوم القهري؟ مرض النوم القهري وهو مرض مناعي يسبب نوبات من النوم لا يمكن مقاومتها، وأعراض أخرى مثل شلل اليقظة، وهلوسة بداية النوم، والنوم المتقطع ليلًا، والجاثوم، ويصيب عادة المراهقين، فيتوقع أن يكون 40 في كل مائة ألف سعودي حسب النتائج المتوفرة حاليًا.

مشاركة :