دبي مصعب شريف: على امتداد جي بي أر التابعة لمجموعة دبي العقارية، تتواجد لوحات فنية ثلاثية الأبعاد، تكشف للزوار مدى إبداع أعمال النسخة الثانية من مهرجان دبي كانفس، الذي ينظمه براند دبي، الذراع الإبداعي للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، ومنذ الوهلة الأولى يبدو المشهد العام للواجهة التي تتزين جدرانها وأرضياتها برسومات 30 فناناً من أبرز رواد الفن العالميين، مثيراً للتساؤلات حول القيم الجمالية، ومع كل لوحة تتسع دائرة التساؤلات التي تجد أجوبتها بشكل متكامل لدى فريق من المتطوعين، الذي يشرف على 60 عملاً فنياً، فجميع أعضائه، وهم: شباب إماراتيون من مختلف إمارات الدولة، يضعونك مباشرة أمام تفصيلات العمل الفني وملابساته، ويبسطون أمامك معلومات متكاملة عن الفنانين المشاركين. مهام المتطوعين الذين يستقبلون الجميع بابتسامة عريضة عنوانها الترحاب والبشاشة، لا تتوقف عند هذا الحد، فهم في كل مكان من أرجاء المهرجان، يرشدون الزوار إلى أماكن الفعاليات وورش العمل، وتتجاوز أدوارهم شرح الرسومات على الأرض والجدران وتوضيح الزوايا المثلى لالتقاط الصور معها، ليقوم فريق منهم بنقل كل هذه الفعاليات والتفاعلات المختلفة إلى الفضاء الافتراضي على منصات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، في جهد توثيقي عبر الصور ومقاطع الفيديو، إضافة لكل هذه المهام يعكس المتطوعون صورة زاهية للجهد المبذول في تنظيم الفعالية، فكل شيء نظم بدقة ويمكن لأي زائر أن يقضي أطول وقت بين الرسومات ثلاثية الأبعاد، ويتعرف إلى تفاصيلها الفنية المختلفة بسهولة ويسر دون أي عناء. من زاوية أخرى تتسم تجارب المتطوعين مع زوار المهرجان، بثراء كبير فهنالك قصة مع كل زائر كما أن التساؤلات المتباينة عن الأعمال الإبداعية، تدفع بالجميع للتعرف أكثر إليها حتى تأتي إجابته متكاملة، لذلك يقضي المتطوعون أوقاتاً طويلة مع الفنانين العالميين، الذين يشرحون لهم ملابسات الأعمال الفنية شارحين لدلالتها والفكرة التي استوحت منها، وهو ذات الأمر الذي أكدته ريم النقبي، إحدى المتطوعات، مشيرة إلى أنها تعرفت إلى معلومات كافية عن اللوحات التي تشرف عليها، لتصف التجربة بالممتعة، وتروي النقبي قصة التحاقها بالمهرجان، قائلة:منذ فترة بدأت أهتم بمتابعة الفن ثلاثي الأبعاد، وعندما علمت من صديقاتي أن هنالك فرصة للتطوع في المهرجان، لم أتردد وتقدمت على الفور، لقضاء 14 يوماً بين اللوحات ثلاثية الأبعاد، وهي تجربة جديرة بأن تعاش لأنها تضيف لنا الكثير، وتنمي قدرتنا على التلقي الفني. حول إحدى اللوحات التي تمتد على مساحة كبرى تتجاوز 5 أمتار، يلتف حشد من الزوار الذين يتبادلون التقاط الصور، فيما يشرح إبراهيم محمد علي، وهو متطوع من رأس الخيمة، لكل هذه الحشود الزوايا المناسبة لالتقاط الصور مع اللوحة، وينظم الجميع ويساعد في التقاط الصور، ثم يروي قصة العمل الفني وأبعاد الجمالية المختلفة، ويقول علي: أتواجد مع فريق المتطوعين منذ الرابعة مساء ونقوم بهذه المهام مع السياح والجمهور بمختلف فئاتهم، وهي تجربة ممتعة فرغم الصعوبات التي تواجهنا إلا أنها تضيف لنا الكثير. على بعد أمتار عدة، تقف زميلته مدية سيف، وهي متطوعة تدرس بجامعة زايد، تستقبلنا بذات الابتسامة وتشرع في توضيح العمل الفني الذي تقف بجواره، تقول سيف بدقة ناقد فني: إننا أمام عمل فني ثلاثي الأبعاد للفنان الروسي فيليب، يجسد العمل بعض أجواء الأحياء الفقيرة في الولايات المتحدة، مشيرة إلى المجسمات المتنوعة التي تتوزع على امتداد العمل، موضحة أن الفنان الروسي استوحى هذا العمل من إحدى زياراته للولايات المتحدة، ليعود وينقله لبلده روسيا، وتنقل سيف الأصداء التي أحدثها العمل الفني في روسيا والدعم الكبير الذي وجده الفنان فيليب بسببه، وتردف:هكذا نستقبل الزوار بشكل يومي ونجني فوائد كبرى من هذا العمل، وأسهمت التجربة في تقوية طريقة تواصلي مع الناس، وبالتعامل مع جنسيات مختلفة وهي إضافة ثرية بالنسبة لي، فقبل مشاركتي في دبي كانفس كنت أواجه مشاكل في التواصل مع الآخرين، لكن هذه المشاركة حطمت كل هذه الحواجز وجعلتني أكثر قدرة على التفاعل. في ذات الاتجاه تمضي ريم سيف الكتبي، متطوعة من جامعة زايد، مشيرة إلى أن التعريف بفعاليات المهرجان وورش العمل المختلفة، يعد جزءاً من مهمتها اليومية، إضافة لإرشاد الزوار لمنصات العروض وتسهيل مهتمهم في الوصول للأعمال الفنية، وترى الكتبي أن فائدة كبرى تعود عليهم كمتطوعين من هذه الجولات لكونهم يتعرفون في كل زاوية إلى شكل إبداعي جديد يفتح آفاقهم نحو عوالم فنية متنوعة، أما زميلتها مريم محمد، فترى أن ثمة متعة كبرى وفائدة فنية ومعرفية في الأمر، وتضيف أن الفائدة المباشرة بالنسبة لها تتمثل في تنمية مهارات التواصل مع الآخرين، الأمر الذي يصب في مصلحتها لكونها تدرس العلاقات العامة. ويرى حمدان البلوشي أن التواجد في أجواء مهرجان عالمي مثل دبي كانفس، يعد في حد ذاته تجربة مميزة، ويتابع البلوشي: نقضي أوقاتاً ممتعة مع الفنانين وأعمالهم والزوار، كما أن هذه المشاركة تتيح لنا فرصة التعرف إلى أناس من ثقافات مختلفة، فالعالم بفنونه المختلفة موجود هنا، لذلك أعتقد بأننا من المحظوظين بهذه الفرصة، قد يبدو الأمر للكثيرين مجرد نزهة فنية إلا أن التعامل مع الزوار الذين يتزايد عددهم يومياً يتطلب مهارات خاصة، ومع كل لقاء مع الزوار نكتشف طريقة جديدة للتعامل معهم، لذلك تمضي الأمور حتى الآن بشكل جيد وتجربة ال3 أيام منحتنا ثقة مضاعفة للمواصلة حتى النهاية. ترويج للفعاليات وورش العمل تؤكد شيماء السويدي، عضو اللجنة التنظيمية للمهرجان، أن دعم الشباب الإماراتيين يعتبر أحد أبرز الأهداف بالنسبة لبراند دبي، والمكتب الإعلامي لحكومة دبي، وتشير إلى أنهم قاموا باستحداث تجربة المتطوعين هذا العام، لإتاحة الفرصة للمواطنين الشباب لتنمية مهاراتهم في التواصل والتعرف على الفنانين العالميين. وتضيف السويدي أن هناك أكثر من 25 متطوعاً تم اختيارهم من جميع إمارات الدولة، تتراوح أعمارهم بين ال18 إلى ال30 عاماً، ويتنوع دورهم بين الإشراف على اللوحات الفنية، وتعريف الزوار وإرشادهم إليها، بالإضافة إلى مهام التصوير والتوثيق لفعاليات المهرجان عبر الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والترويج للفعاليات وورش العمل، وترى السويدي أن ما يقوم به المتطوعون حتى الآن يعتبر أمراً مشرفاً، يدلل على أن الشباب الإماراتي قادر على تنظيم الفعاليات العالمية، فالفريق التطوعي العامل في جميع أركان المهرجان يتلقى منذ اليوم الأول الإشادة تلو الأخرى، كما أن الإقبال الجماهيري الكبير الذي تشهده فعاليات المهرجان يوماً بعد الآخر، يدلل على أنهم نجحوا في الترويج له على أرض الواقع، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتضيف السويدي: جهود المتطوعين أثمرت حتى الآن في زيادة الإقبال على مسابقة المهرجان السنوية لأفضل صورة.
مشاركة :