يومًا بعد يوم، تتزايد العقبات التي يواجهها اللاجئون في طريقهم نحو «الأمل الأوروبي» هربًا من موت يحصد الأرواح في بلادهم، بالنسبة للبعض، وسعيًا إلى تحسين الظروف المعيشية بالنسبة لآخرين وصلوا من دول فقيرة، مستفيدين من استقطاب الدول الأوروبية للاجئين من الدول التي تشهد نزاعات عسكرية خطيرة. وإلى جانب تشديد إجراءات المرور على الحدود داخل دول الاتحاد الأوروبي، وقيام سلطات بعض دول البلقان بنصب حواجز وأسلاك شائكة على طول الحدود لمواجهة تدفق اللاجئين الواصلين إلى اليونان من تركيا عبر البحر الأبيض المتوسط، اتخذت السلطات الفنلندية إجراءات من جانبها جعلت من «الممر القطبي» الذي يستخدمه عدد محدود من اللاجئين، «مصيدة قطبية» علقوا فيها، وذلك على خلفية قرار اتخذته السلطات في هلسنكي بإغلاق الحدود الفنلندية مع روسيا أمام اللاجئين، أو بعبارة أخرى عدم استقبال طلبات لجوء عند المخافر الحدودية مع روسيا. واحتشد، صباح أمس (الخميس)، عشرات من اللاجئين، في مدينة كاندالاشك التابعة لمحافظة مورمانسك الروسية في القطب الشمالي، على مقربة من الحدود مع فنلندا، حاملين أوراقًا كلافتاتٍ كُتبت عليها عبارات باللغات الإنجليزية والروسية والعربية، مثل «نريد الذهاب إلى فنلندا»، و«افتحوا الحدود» و«هيل أنقذينا - ساعدينا»، في إشارة إلى «هيلسنكي». ووصف اللاجئون قرار السلطات الفنلندية بأنه غير مقبول وغير إنساني، وأشار بعضهم إلى أن هذا القرار خلق لهم أزمة إضافية كبيرة، فضلاً عن أزمة عاشوها طيلة أسابيع بانتظار أن يصل دورهم لعبور الحدود، ذلك أن السلطات الفنلندية لم تكن تستقبل في اليوم الواحد أكثر من عشرة طالبين لجوء قادمين من روسيا. يُذكر أن النرويج جارة روسيا في المنطقة القطبية، سبق أن اتخذت خطوة مثيلة نهاية العام الماضي حين أغلقت حدودها مع روسيا أمام اللاجئين مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2015، مما اضطر حينها عشرات من اللاجئين الذين لم يحالفهم الحظ باجتياز الحدود نحو النرويج، للتوجه إلى المعبر الحدودي الروسي مع فنلندا في مقاطعة مورمانسك ذاتها، وبذلك أصبحت فنلندا الوجهة الوحيدة التي تستقطب طالبي اللجوء القادمين عبر روسيا. بينما لم تكن وجهة مفضلة في السابق، نظرًا لطول المسافة بين المخفرين الحدوديين الروسي والفنلندي، حيث تفصل بينهما خمسة كيلومترات، يتطلب اجتيازها سيرًا على الأقدام ساعة ونيفًا، بينما لا تتجاوز المسافة لبلوغ المخفر الحدودي النرويجي 150 مترًا، تكفي دقائق معدودة لاجتيازها. وكانت السلطات الفنلندية قد اتخذت الخطوة الأولى للحد من تدفق اللاجئين نهاية العام الماضي، حين أصدرت قرارًا يحظر عبور المسافة الفاصلة بين المخفرين الحدوديين الروسي والفنلندي على الدراجات الهوائية، متذرّعة بخطورة الطريق في فصل الشتاء واحتمال تعرض اللاجئين للتجمد بردًا. إلا أن اللاجئين تمكنوا من تجاوز هذه العقبة، وأخذوا يشترون سيارات قديمة بأسعار لا تتجاوز ألف دولار للسيارة لعبور الحدود، وقد أدى ذلك إلى انتعاش سوق السيارات المستعملة في مقاطعة مورمانسك. إلا أن شيئًا لن يساعد مع اللاجئين العالقين حاليًا عند «الممر القطبي» بعد حظر عبورهم من جانب السلطات الفنلندية. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أكد لاجئ من دولة أفريقية، عالق في مدينة كاندالاشك على الحدود مع النرويج أن عددًا محدودًا من الأشخاص الذين كانوا في الفندق ينتظرون العبور إلى فنلندا قد عادوا إلى موسكو، وبعضهم سيحاول العودة إلى البلد التي وصل منها، بينما يبقى مجهولاً مصير عشرات آخرين ما زالوا هناك، أنفق غالبيتهم كل ما كان بحوزته من مال للوصول إلى الحدود والعبور بعد ذلك نحو أوروبا.
مشاركة :