محمد الأمين: الشعر الحميني ظاهرة تجمع النخبوي والشعبي

  • 3/6/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

نظمت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة مساء الخميس جلسة نقاشية حول كتاب الشعر الحميني اليماني للدكتور عمر عبدالعزيز، الصادر حديثاً عن الدائرة، وتحدث في الجلسة التي أقيمت في النادي الثقافي العربي في الشارقة محمد الأمين السملالي الباحث في الدائرة وسكرتير تحرير مجلة الرافد، وأدار الجلسة الزميل محمد ولد محمد سالم. قال الدكتور عمر عبدالعزيز في مستهل الجلسة إن نشر الكتاب: يأتي ضمن برنامج جديد تنفذه الدائرة بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ويهدف هذا إلى توثيق الثقافة اليمنية بمختلف جوانبها، وذلك مساهمة في الحفاظ عليها من الانهيار في ظل ما تشهده اليمن من صراع، وسوف يتضمن المشروع إصدار كتب وتنظيم معارض وندوات وأنشطة فولكلورية. محمد الأمين السملالي توقف في البداية عند عنوان الكتاب، مشيراً إلى أن تخصيص الشعر الحميني اليماني هو تحديد جغرافي لمجال الدراسة لا يلغي كون هذا الشعر له امتدادات خارج هذا التحديد الجغرافي، كذلك أشار إلى أن لوحة الغلاف التي تستحضر البيئة اليمنية التقليدية بطبيعتها الخلابة وخصوصية عمرانها، هي من إنجاز المؤلف الذي هو أيضاً فنان تشكيلي. وقال محمد الأمين إن المؤلف تتبع تسمية الحميني، فقال إن هناك خلافاً حول أصلها فالبعض يرجعها إلى قرية الحُمينية في مرتفعات اليمن، التي كانت حاضنة لنهضة علمية وأدبية وتصوفية في العصور الماضية، وازدهر فيها الشعر بشكل خاص، والبعض الآخر ينسبه إلى شاعر اسمه حُمان وأنه أول من ابتكر هذا اللون الشعري، والشعر الحميني هو نوع من الشعر يقع في الوسط بين العامي والفصيح فمن ناحية الإيقاع فهو يخلص للأوزان الخليلية ومن ناحية اللفظ فالمفردة فيه تحافظ على فصاحتها، لكن الشاعر يتجاوز فيها قليلاً تأثراً باللفظ الشعبي، وهو أيضاً ظاهرة تتجاوز الشعر لتشمل التلحين والأداء الصوتي، حيث إنه ينشد مترافقاً مع الموسيقى، ولهذا فهو شعر نخبوي وشعبي في الآن نفسه، وقد كان في عصر اختراعه يلبي الأغراض الثقافية لبيئة يمنية متعددة المستويات بين ثقافة النخبة وثقافة عامة الشعب، لكنها رغم تعددها كانت تحتاج إلى ما يجمعه على بساط واحد، ويجعلها تكاملية، وهذا هو الشعر الحُميني. وأشار محمد الأمين إلى أن الكتاب يغوص في هذه الظاهرة متتبعاً أنساق الترابط بين الشعر الحُميني كظاهرة يمنية خالصة، والشعر العربي الأصيل من جهة، ذلك الترابط الذي يجعله ابن شرعي له، وبين أنواع الشعر الملحون العربي خاصة في الجزيرة العربية، فالحُميني ينتمي إلى ذاكرة ثقافية تاريخية معرفية، تتجاوز حدود المحلية الضيقة لتتاخم فضاء الثقافة الشعرية والموسيقية العربية الغائرة الجذور في التاريخ والجغرافية الذوقية العربية الشاملة، فلغته وأوزانه وتحولاته في البناء الشعري، وانتظامات الكلام العالم في طياته، كلها تؤشر إلى ما يتجاوز النمط المحلي، ليعانق فضاء الثقافة الشعرية والموسيقية التاريخية العربية، ومن هنا كثر الجدال حول أصل المُسمى، وبيئته الجغرافية الثقافية، وعلاقته بالأنساق الشعرية الفصيحة والشعبية، وإمكانية صياغة الفكرة التي تحيله على منطقة بذاتها في اليمن التاريخي، وما إلى ذلك من أسئلة ومجادلات لم تسفر حتى اللحظة عن بيان قاطع مانع. وعن أوزان هذا الشعر قال محمد الأمين: إن الكاتب يؤكد أن تفعيلات بحور الحميني لا تخرج عن تفعيلات الخليل، لكن القصيدة من ناحية البناء لها هيكلية خاصة تقارب هيكلية القصيدة الأندلسية، فهناك المبيت: وهو نمط يتكون كل مقطع فيه من ٣ أو ٤ أسطر بقافية تختلف عن المقاطع الأخرى، والموشح وهو مشابه للموشح الأندلسي، بفقراته الثلاث الدور الأول والدور الثاني والخانة، ومنه الملحون وهو على نسق القصيدة التقليدية إلا أنه من لفظه أبعد في الشعبية من ألفاظ الأنماط الأخرى والتجوز في أوزانه أكثر. واستعرض السملالي بعض أمثلة الحُميني للتدليل على مختلف أوزانه الشعرية ومواضيعه، ومنها قصيدة للشاعر اليمني ابن شرف الدين في الغزل يقول فيها: صادت فؤادي بالعيون الملاح وبالخدود الزاهرات الصباح نعسانة الأجفان هيفا رداح في ثغرها السلسال بين الأقاح ✽ ✽ ✽ ✽ فويتنه في خدها وردها سويحره هاروت من جندها في مزحها لاقت وفي جدها افدي بروحي جِدها والمزاح ✽ ✽ ✽ ✽ جنانيه مثل القمر حوريه تزرى بحور العين فردوسيه بحسنها لي ملهيه مسليه إن همت فيها ما علي جناح ✽ ✽ ✽ ✽ غزال تلحظني بأجفان ريم رقت معانيها كمثل النسيم لها كلام يطرب ونغمه رخيم تهزني مثل اهتزاز الرماح

مشاركة :