تمكّن مقاتلو الجيش السوري الحرّ من السيطرة على معبر التنف الحدودي مع العراق الذي كان يسيطر عليه تنظيم داعش، بينما اتهمت المعارضة النظام السوري والطيران الروسي بخرق الهدنة في جنوب ووسط وشمال سوريا، عبر قصف جوي ومدفعي لمناطق سيطرة المعارضة، والتسبب بقتل عدد من المدنيين. في حين وثّقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» الخروق والمجازر التي ارتكبها النظام وحلفاؤه خلال شهر فبراير (شباط) الماضي. هذه الخروق ما زالت تعزز شكوك المعارضة بإمكانية صمود الهدنة التي بدأت قبل تسعة أيام، وإذ دعت مصادر بارزة في المعارضة إلى «الضغط على النظام وحلفائه لاحترام الهدنة». وقالت لـ«الشرق الأوسط» موضحة «إن الخروق المتزايدة تضاعف مخاوفنا من عدم صمودها». وأكدت أن قوات المعارضة «لم تقم بأي خرق على جبهات النظام بينما النظام ارتكب أكثر من 90 خرقًا، ولم تسلم جميع المدن من قصفه وغاراته الجوية». وأشارت مصادر المعارضة إلى أن «الحادثة الوحيدة التي يدعي النظام وقوعها، هي حادثة يتيمة تتمثل في اتهام (جيش الإسلام) بقصف دمشق من الغوطة الشرقية، وهي حادثة غير مؤكدة، أرادها كذريعة لمهاجمة الغوطة»، ولفتت المصادر إلى أن «القصف الروسي مستمر، ولم يستهدف داعش ولا جبهة النصرة، إنما استهدف الجيش السوري الحر، بذريعة النصرة». وفي المشهد الميداني، نفّذ مقاتلو المعارضة ليل الجمعة - السبت، هجومًا على معبر التنف الحدودي مع العراق وانتزعوا السيطرة عليه من تنظيم داعش. وهو يبعد 240 كيلومترا عن مدينة تدمر التي يسيطر عليها التنظيم منذ منتصف العام الماضي. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «مقاتلي المعارضة السورية سيطروا على معبر التنف الحدودي الذي يقع أيضًا بالقرب من الحدود السورية الأردنية». وأكد أن «هؤلاء المقاتلين دخلوا من الأراضي الأردنية». وكان تنظيم داعش قد استولى على هذا المعبر من قوات النظام خلال شهر مايو (أيار) الماضي، وكان آخر معبر حدودي مع العراق تحت سيطرة قوات الأسد، في حين لا يزال التنظيم يسيطر على معبر البوكمال بين سوريا والعراق قرب دير الزور. في هذا الوقت وثّقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» في تقرير لها، خروق النظام وحلفاءه للهدنة التي بدأت يوم السبت في فبراير الماضي، إذ سجلت 37 خرقًا، 22 منها عبر عمليات قتالية على يد قوات النظام، و15 عبر عمليات اعتقال بينها 9 على يد قوات الأسد، و6 على يد قوات الإدارة الذاتية الكردية، ليصبح مجموع الخروق 253 خرقًا منذ بداية الهدنة. وشكك التقرير في مستقبل الهدنة لكونها مرعية من قبل دولتين فقط (روسيا والولايات المتحدة). وقال: «كما هو معلوم فإن روسيا لا يمكن لها أن تلعب دور الراعي، لكونها تصطف بشكل مباشر إلى أحد أطراف النزاع وهو النظام السوري الذي خرق سابقًا عشرات المرات قرارات مجلس الأمن الدولي، البعض منها تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة، ولم تتخذ أي إجراءات بحقه». وأكد التقرير أن «أبرز ما يعتري الهدنة هو إمكانية النظام السوري وشريكه الروسي توجيه ضربات لمناطق شاسعة تحت سيطرة المعارضة السورية في الشمال تحديدًا وبسبب التواجد المحدود جدًا لـ(جبهة النصرة) في الجبهة الجنوبية»، لافتًا إلى أن «الخروق توزعت عبر العمليات القتالية على كافة المحافظات السورية تقريبًا، فكانت: 8 في ريف دمشق، 5 في درعا، 4 في حماه، 3 في إدلب، و2 في اللاذقية». وأفاد تقرير «الشبكة» أن «خروق قوات النظام توزّعت عبر عمليات الاعتقال إلى 2 في كل من محافظة الحسكة ودمشق وريفها، وخرق واحد في كل من اللاذقية ودير الزور وحمص. بينما توزعت خروق الإدارة الذاتية الكردية عبر عمليات الاعتقال إلى 4 في الحسكة، و2 في مدينة تل أبيض بالرقة». التقرير وثّق أيضًا المجازر المرتكبة من قبل أطراف النزاع في سوريا، مستعرضًا حصيلة مجازر فبراير 2016. وقد أحصى «وقوع 40 مجزرة في فبراير 2016، منها 13 على يد القوات الحكومية، و21 على يد القوات الروسية، و3 مجازر على يد فصائل المعارضة المسلحة، و2 على يد تنظيم داعش، و1 على يد جهات لم نتمكن من تحديدها». وأكد تلك المجازر «تسببت بمقتل 452 شخصًا، بينهم 123 طفلاً، و105 سيدات، أي أن 51 في المائة من الضحايا هم نساء وأطفال، وهي نسبة مرتفعة جدًا، وهذا مؤشر على أن الاستهداف في معظم تلك المجازر كان بحق السكان المدنيين». بدوره أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «135 شخصا قتلوا في الأسبوع الأول من الهدنة الهشة في سوريا، وتحديدًا في المناطق التي يشملها اتفاق وقف الأعمال القتالية»، مشيرًا إلى أن «أكثر من 552 شخصًا قتلوا في المناطق التي لا يشملها الاتفاق الذي بدأ سريانه يوم 27 فبراير شباط الماضي». أما بشأن الخروق التي وقعت أمس، فقد نفذت طائرات حربية روسية غارات على مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، ترافق مع قصف قوات النظام لمناطق في المدينة، في حين قصفت طائرات حربية مناطق في قرى سرجة وطومان والشماوية والمديونة بريف حلب الشرقي. وتحسبًا لسقوط مفاجئ للهدنة، تستكمل فصائل المعارضة المسلحة تعزيزاتها العسكرية، وأعلن موقع «الدرر الشامية» أن «فيلق الشام» أصدر أمس السبت بيانًا، أعلن فيه عن «فتح باب التطوع في صفوفه بمحافظة إدلب الخاضعة لسيطرة الثوار». وقال البيان «تعلن القيادة العامة لفيلق الشام قطاع إدلب الشمالي عن رغبتها لتطويع عدد من الشباب من أعمار 18– 22 سنة وذلك ضمن جيش فيلق الشام، حيث يتم تقديم الطلبات في مقر فيلق الشام بكفرتخاريم اعتبارًا من تاريخ 1-3-2016 ولغاية 25-3-2016». وأوضح البيان أن «الشباب المتطوع سيخضع لدورات عسكرية وشرعية لمدة شهرين ثم يلتحق الناجحون بالدورة بعملهم».
مشاركة :