يُعد الأرز الحساوي أحد أنواع الأرز الأحمر الذي تشتهر به محافظة الأحساء، ويعدّ جزءاً أساسياً من قائمة الأطعمة في تراث المنطقة وبين أهاليها، ويتميز بطريقة طهيه، وبالعناصر الغذائية المعدنية، والفيتامينات الغذائية المكونة منه. ومواكبة لبدء موسم الزراعة الذي يوافق مطلع شهر أغسطس من كل عام، رصدت عدسة وكالة الأنباء السعودية فرحة وسعادة المزارعين ببدء موسم زراعة "الأرز الحساوي" ومباشرتهم لها، مؤكدين تجهيزهم واستعدادهم للزراعة منذ وقت؛ للاستثمار في هذا الموسم والذي يسهم في زيادة دخلهم. وأوضح مدير عام مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بمحافظة الأحساء المهندس إبراهيم الخليل أن فرع الوزارة بالمنطقة الشرقية يولي اهتماماً كبيراً بالمحاصيل الزراعية حسب الميز النسبية للمنطقة، مبيناً أن الأحساء تشتهر بكثير من المحاصيل الزراعية من ضمنها "الأرز الحساوي" ذو القيمة الاقتصادية العالية. وأشار إلى أن الأرز يحتاج خلال مراحل نموه إلى 48 درجة مئوية، ووفرة في المياه والتربة الطينية الثقيلة ذات الحموضة الخفيفة التي تحتفظ بالماء، وهذا ما تمتاز به تربة الأحساء. وحول طريقة زراعته أوضح المهندس الخليل أنه يتم الحصول على الشتلات بزراعة البذور بصورة مركَّزة في قطعة أرض خصبة، وهذا يكون خلال شهري (يونيو- يوليو) وحتى ينبت أول الأرز يتم تركيز الماء عليه، من 8 إلى 14 يوماً، وبعد هذه المدة يُسقى بطريقة اعتيادية طيلة 40 يوماً، ثم يُرفع عنه الماء 10 أيام، موضحاً أن عملية نقل الشتلات تبدأ في شهري (يوليو وأغسطس) إلى الأراضي الرئيسة المسماة «الضواحي»، وهي الأراضي الشاسعة التي تتعرَّض للشمس بشكل مباشر، وتكون عادة محاطة عند أطرافها بالنخيل، وفي هذه «الضواحي»، تتم زراعة الأرز بشكل نهائي إلى حين حصاده. ولفت إلى أن مزارعي الأحساء يطلقون على موسم حصاد الأرز اسم «الوسمي»، والذي يكون في أوائل شهر ديسمبر، ويُعد من الأيام السعيدة في الأحساء، وتكون عملية الحصاد بشكلٍ يدوي، ويترك معرّضاً للشمس لبضعة أيام حتى يجف نهائياً وبعد ذلك تأتي عملية الدِّراس أو (التذرية)، وهي عملية فصل الشلْب عن النبتة الأصلية للأرز. من جهة أخرى أكد بحث علمي صدر عن كلية العلوم الزراعية والأغذية بجامعة الملك فيصل أهمية الأرز الغذائية في العالم وخاصة في البلدان الفقيرة، ويأتي في المرتبة الثانية بعد القمح، ويزداد الطلب عليه لسد الفجوة الغذائية، والأرز الحساوي معروف بجودته العالية والذي يُعد المنتج المحلي الوحيد بمحافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية في المرتبة الثانية من حيث الإنتاج بعد التمور. وأوضح البحث أن الكلية عكفت على إجراء العديد من البحوث لتحسن إنتاجية وقيمة الأرز الحساوي، الذي يُزرع في واحة الأحساء منذ مئات السنين، وينتج بكميات وفيرة تفي حاجة المجتمع ويصدر للمناطق المجاورة، وأشارت الدراسات إلى أنه صنف من مجموعات Indica و Japonica و Javanica ويتبع إلى مجموعة Indica التي نشأت وانتشرت نحو جنوب شرق وجنوب آسيا، وصُنف إلى (حساوي 1) تم استيراده وأقلمته تحت ظروف الأحساء البيئية منذ ما يزيد على 50 عاماً، و( حساوي 2) نتج عن التهجين بين صنفي ( IRI112/Hasswi-1) وهو ما يسمى (Hasswi-2)، وهو أرز ذو حبة قصيرة لكنه يقع تحت مجموعة الأرز الهندي- الياباني (Idica-Japonica Type) أي أنه خليط بين مجموعة الأرز الهندي ومجموعة الأرز الياباني. وأكد البحث أهمية الأرز الحساوي الغذائية لما يحتويه على النشويات والبروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية والمركبات الحيوية النشطة ومضادات الأكسدة بالمقارنة مع أنواع الأرز الأبيض سائدة الاستهلاك، حيث بلغت نسبة النشويات فيه أخفض بنسبة 15 % مقارنة بأنواع الأرز الأخرى، ونسبة الألياف الغذائية أعلى بنسبة زيادة بلغت 65 % ، ومن البروتين أعلى بنسبة 30 % ، وتبلغ نسبة الدهون 1.99 % وهي في معظمها دهون غير مشبعة، إضافةً إلى احتوائه على مركبات حيوية نشطة تحافظ على صحة جسم الإنسان وحمايته من الأمراض المزمنة، ويمكن تصنيفه بخاصية مضاد لمرض السكري لاحتوائه على الألياف الغذائية والمركبات الفينولية التي تخفض استجابة جلوكوز الدم، وتزيد من الشبع وتقليل الشهية، مما يؤدي بدوره إلى التحكم في السعرات المتناولة وتقليل مخاطر الإصابة بزيادة الوزن والسمنة، كما يحتوي على ضعف ما هو موجود في الأرز ، و3 أضعاف من فيتامين الثيامين، والأعلى من الفينولات والفلافونويدات ومضادات الأكسدة. وأشار البحث إلى أن محصول الأرز يمكن أن يفقد ما يعادل ثلث الإنتاج بسبب الإصابة بالآفات والأمراض مما يؤكد أهمية عمليات الوقاية والمكافحة للحد من الخسارة بسبب الأمراض كاللفحة، والأمراض البكتيرية، إضافةً إلى الآفات الحشرية منها نطاطات الأوراق التي تنقل الأمراض الفيروسية. وقد اهتمت كلية العلوم الزراعية والأغذية بجامعة الملك فيصل، بمحصول الأزر الحساوي وكونت فرقاً بحثية لدراسة الأهمية الغذائية له وعمليات تسويقه وكذلك دراسة الآفات والأمراض وكيفية الحد من انتشارها وأضرارها، ودراسته على المستوى الجيني وتحديد جينات مقاومته لبعض الأمراض وكذلك جينات المقاومة للملوحة والجفاف بهدف تطوير وتحسين أصناف الأرز الحساوي والحفاظ عليه والتوسع في زراعته بصفته أحد المحاصيل التي تعد إرثاً غالياً وعلماً بارزاً لمنطقة الأحساء. فيما تعاونت الكلية مع مراكز أبحاث لدراسة جينات المقاومة لمرض اللفحة والأنماط الجينية، وتوصلت إلى أن الأرز الحساوي يعد مصدراً لعدد من جينات المقاومة لمرض لفحة الأرز، وكذلك دراسة تقييم لبعض الأنماط الجينية للأرز لمدى مقاومتها لحفار ساق الأرز توصلت لمعلومات قيمة لتقييم التنوع الوراثي في الأرز المحلي وجد أن بعض السلالات تحمل عدداً من جينات المقاومة يمكن استخدامها في برامج التربية لمنح مقاومة ضد الإصابة بحشرة حفار الساق في الأرز. واستعمل الباحثون التقنية الحيوية لتحقيق تحسين خصائص الأرز الزراعية وإمكانية توسيع استخدامه بالطرق الحديثة، مما يتطلب توافر نظام لاستبات المحصول نسيجياً وتطوير النظام معملياً. في دراسة أجريت استوفت تطوير النظام المطلوب، تبعتها دراسة نمو الكالس وتراكم البرولين استجابة للإجهاد الأسموزي الناجم عن السوربيتول والسكروز في الزراعة النسيجية للأرز تم استخدامها في إنتاج المركبات الثانوية ذات المنافع الطبية في الأرز الحساوي، شملت إنتاج ونشاط مضادات الأكسدة من زراعة الخلايا، وتأثير محفزات إنتاج المركبات الأيضية مثل حمض الساليسيليك، ومستخلص الخميرة والبكتين، هذه النتائج من شأنها أن تسهل الإنتاج المعملي للمركبات الثانوية على النطاق التجاري. وخلص البحث إلى أن العديد من الدول تسعى لإنتاج أصناف أرز ذي مواصفات خاصة أو ما يسمى Special Rice ، فهناك دول في شرق آسيا لديها الآن أصناف عديدة بها محتوى عالٍ من البروتين والعناصر الغذائية المختلفة مثل الـBlack Rice وغيرها من الأصناف التي تستخدم للتغذية والعلاج، لافتاً إلى وجود الأرز الحساوي في المملكة وبهذه المواصفات فهو يضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة في الزراعة وهو ما يحتاج دوماً إلى تحديث وتطوير.
مشاركة :