المركزي المصري بين الحفاظ على الأسعار أو تخفيض الجنيه

  • 3/7/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بين الحفاظ على مستوى ثابت للاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، وجذب الاستثمارات الأجنبية مع الحفاظ على الأسعار المحلية، يعيش البنك المركزي المصري حاليًا أوضاعًا لا يُحسد عليها. ويتوجب على المركزي أن يتخذ قرارا بين اتجاهين متناقضين، إما أن يحافظ على سعر صرف الدولار الرسمي الحالي لتجنب ارتفاعات محتملة لمعدلات الأسعار، أو أن يتجه إلى خفض الجنيه وتقليل الفجوة الكبيرة الموجودة حاليًا بين سعر الصرف الرسمي للدولار وسعر السوق الموازية، في محاولة لتوفير العملة الأجنبية وزيادة تنافسية الصادرات وجذب الاستثمارات التي خرجت من السوق لنقص العملات الأجنبية، وعدم قدرتها على مواصلة أنشطتها التجارية وتحويل أرباحها إلى الخارج. وأصدر البنك المركزي بيانًا بالأمس الأحد قال فيه إنه قام بطرح عطاء استثنائي لبيع 500 مليون دولار، بدلا من العطاء المعتاد اليومي، وهو العطاء الأكبر في عهد محافظ المركزي الجديد طارق عامر بعد اشتعال سعر العملة الصعبة في السوق السوداء، كونه يمثل زيادة بأكثر من عشرة أضعاف العطاء الدوري للعملة البالغ 40 مليون دولار، والذي يطرحه المركزي ثلاث مرات أسبوعيًا في مزادات دورية للبنوك. وقال مصدر مسؤول في البنك المركزي إن «عطاء البنك المركزي جاء بالأساس لتغطية سلع استراتيجية أساسية»، وفقا لما نقلته رويترز. وتعتمد مصر على الأسواق الخارجية بشدة، فيما يتعلق ببعض السلع الأساسية كالأقماح والزيوت والوقود ومدخلات الإنتاج المختلفة، والتي سيتأثر سعرها في الأسواق المحلية حال تخفيض قيمة العملة المحلية وزيادة الدولار. ولم يغير المركزي سعر بيع الدولار في عطاء الأمس عن الأسبوع الماضي، الذي باع فيه 38.8 مليون دولار، وثبت سعر الجنيه في آخر عطاء الأمس عند 7.73 جنيه للدولار. في حين واصل الدولار قفزاته في السوق الموازية بمصر ليصل إلى 9.75 جنيه بالأمس لأول مرة، في مقابل 9.50 جنيه الخميس الماضي. ويسمح البنك رسميا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي، لكن السوق السوداء في العملة تنشط مع شح الدولار، دون أي بوادر على انحسار أزمة شح الدولار رغم طرح شهادات دولارية للمصريين العاملين في الخارج، ووصول قروض بالعملة الصعبة للبلاد. ودخل خزينة البنك المركزي المصري نحو 1.4 مليار دولار في صورة قرضين من الصين والبنك الأفريقي للتنمية منذ بداية العام الحالي، وكذلك قام المركزي منذ نحو أسبوع بإصدار شهادات «بلادي» للمصريين العاملين بالخارج بالدولار، كمنتج جديد يسهم في زيادة احتياطي العملات لدى المركزي المصري، ولم يعلن البنك المركزي أو أي من البنوك المشاركة في المبادرة حتى الآن أي معلومات عن مدى الإقبال على الشهادات. ووصف بعض المحللين خطوة المركزي المصري بعد الطرح الاستثنائي بالهامة والتي ستعمل على تهدئة المضاربات في السوق الموازية، في حين قال آخرون إنها جاءت متأخرة بعد أن أوصلت المضاربات في السوق الدولار إلى مستويات غير مسبوقة، وأكدوا على أنه لا بد من خطوات تالية للطرح الاستثنائي لضبط السوق الموازية وغير الرسمية. وتواجه مصر، التي تعتمد بشكل واسع على الاستيراد، نقصا حادًا في الدولار منذ ثورة 2011 والقلاقل السياسية التي أعقبتها، وأدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وتحويلات المصريين في الخارج وهي المصادر الرئيسية للعملة الصعبة، بجانب إيرادات قناة السويس التي لم تحقق حتى الآن الزيادة المرجوة كما كان متوقعًا بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، وذلك نظرا لتباطؤ النمو العالمي وتأثر حركة التجارة. وتقلصت الاحتياطيات الأجنبية لدى مصر إلى أكثر من النصف لتصل إلى نحو 16.53 مليار دولار بنهاية فبراير (شباط). نزولاً من نحو 36 مليار دولار حتى يناير (كانون الثاني) 2011. وكان البنك المركزي قد أعلن الخميس الماضي، عن ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي بنحو 56 مليون دولار في فبراير، مقارنة بيناير، ليصل إلى 16.533 مليار دولار. * احتمالات تخفيض قيمة الجنيه المصري وعن خطوات محتملة لتخفيض قيمة الجنيه المصري قالت مؤسسة كابيتال ايكونوميكس للأبحاث ومقرها لندن في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي «نعتقد أن الخطوات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي المصري تشير إلى أن خفض الجنيه الذي طال انتظاره قد يكون وشيكا. وسيؤدي ذلك حتما إلى بعض المعاناة في الأمد القصير لكنه سيساهم في المدى البعيد في إرساء الأساس لفترة من النمو الأقوى». وأضافت المؤسسة البحثية في تقريرها «نعتقد أن سعر الجنيه الرسمي بحاجة للنزول إلى نحو 9.50 جنيه للدولار.. والخبر السار هو أن صناع السياسات باتوا يدركون على ما يبدو أن تخفيف قبضتهم على العملة قد يكون أقل الخيارات سوءا». ومن ناحية أخرى، ساهم قرار المركزي قبل أكثر من أسبوعين بزيادة الحد الأقصى للإيداع الدولاري في البنوك إلى مليون دولار شهريا للشركات العاملة في التصدير ذات الاحتياجات الاستيرادية، في إنعاش السوق الموازية وزيادة الطلب على الدولار الشحيح. وتعرض الجنيه المصري لضغوط مع تناقص الاحتياطيات الأجنبية، لكن البنك المركزي يخشى من خفض قيمته، تخوفا من زيادة معدلات التضخم، مع اعتماد مصر بشكل كبير على الاستيراد وبخاصة الكثير من السلع الغذائية الأساسية التي تؤثر في الحياة اليومية للمواطنين. وقام المركزي المصري خلال الأسابيع الماضية باتخاذ عدة تدابير لتوفير الدولار والحفاظ عليه حتى وصلت إلى تقييد عمليات السحب من بطاقات الائتمان بالدولار، والتحويلات الدولارية عبر ويسترن يونيون العالمية. * نقص العملة وهروب الاستثمارات وعلى الرغم من سعي المركزي إلى المحافظة على الاحتياطيات لتمويل واردات الغذاء والوقود والدواء ومكونات الصناعة، عن طريق فرض قيود على الودائع المصرفية والتحويلات المتعلقة بواردات السلع والخدمات غير الأساسية. فإن تلك القيود تعرقل حركة الصناعة والتجارة وتزيد صعوبة تحويل إيرادات المستثمرين الأجانب إلى الخارج. وقالت كابيتال ايكونوميكس في تقريرها عن العملة المحلية بمصر «نعتقد أن خفض العملة قد يجلب فوائد جمة بمرور الوقت. فمن خلال السماح للعملة بالانخفاض سيستطيع المركزي في النهاية فك القيود المفروضة على النقد الأجنبي رسميا ويشجع المستثمرين الأجانب على العودة إلى البلاد». وأكدت المؤسسة البحثية في تقريرها أنه إذا جرى تدعيم ميزان المدفوعات بمزيد من الإصلاحات الاقتصادية فسيساعد على تحقيق نمو اقتصادي أقوى في نهاية المطاف. وقال الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان إن «قيمة الجنيه المصري ليست المشكلة الرئيسية لاقتصاد البلاد، كما أنها ليست الحل لتلك المشاكل»، مشيرا إلى أن المسؤولين المصريين يجب أن يقللوا تركيزهم على قيمة العملة المحلية في حين يحاولون حل المشاكل الاقتصادية للبلاد. وفقا لوكالة بلومبرغ. وأضاف عضو المجلس التنسيقي للبنك المركزي المصري الذي أعيد تشكيله حديثا لتنسيق السياسات بين الحكومة والبنك أن «مصر لا تنتج ما يكفي وتحتاج لكهرباء مستمرة، وإصلاح لنظام الضرائب، وإجراءات جذرية لدعم النمو لتقليل العجز».

مشاركة :