تحديات الأمن الغذائي في مؤتمر تغير المناخ بالإمارات

  • 8/22/2023
  • 02:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يحظى‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬أجندة‭ ‬كوب‭ (‬28‭)‬،‭ ‬مؤتمر‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬المقرر‭ ‬انعقاده‭ ‬بالإمارات،‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إليه‭ ‬الاحترار‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬المؤتمر‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬بالغة‭ ‬لقطاع‭ ‬الزراعة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬وحرائق‭ ‬اجتثت‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬من‭ ‬الغابات،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تعري‭ ‬الغطاء‭ ‬النباتي‭ ‬فيها،‭ ‬وما‭ ‬تؤدى‭ ‬إليه‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭-‬الأوكرانية‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬إمدادات‭ ‬الغذاء‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الاستيراد‭ ‬من‭ ‬طرفي‭ ‬الحرب،‭ ‬وأيضًا‭ ‬الاحتراب‭ ‬الأهلي‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬الذي‭ ‬أحبط‭ ‬آمال‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬التطلع‭ ‬إليه‭ ‬كسلة‭ ‬غذاء‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬كما‭ ‬أدت‭ ‬موجات‭ ‬التضخم‭ ‬التي‭ ‬تعم‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬ما‭ ‬أوجد‭ ‬صعوبة‭ ‬كبيرة‭ ‬للأسر‭ ‬الفقيرة‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬غذائها،‭ ‬وأثقل‭ ‬ميزانيات‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بأعباء‭ ‬دعم‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬الضرورية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تحتضن‭ ‬كوب‭ ‬28‭ ‬هي‭ ‬مستورد‭ ‬صاف‭ ‬للغذاء،‭ ‬يتصل‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬فيها‭ ‬بسلامة‭ ‬وسلاسة‭ ‬إمدادات‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬وتأمينها‭ ‬مخزونا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬وتجاريا‭ ‬كافيا‭ ‬منها،‭ ‬وقدراتها‭ ‬الذاتية‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الغذاء‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الزراعة‭.‬ وكانت‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬2022‭ ‬قد‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬حبوب‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬التي‭ ‬تحيد‭ ‬تدفقات‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الدائرة‭ ‬بينهما،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬خفوت‭ ‬حدة‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬حدوث‭ ‬أزمة‭ ‬غذائية‭ ‬عالمية،‭ ‬ولكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬قد‭ ‬تجدد‭ ‬بسبب‭ ‬انسحاب‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق،‭ ‬وتدمير‭ ‬موانئ‭ ‬الحبوب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وإعلان‭ ‬الهند‭ ‬حظر‭ ‬صادراتها‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬وتأثير‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬المحاصيل،‭ ‬وفيما‭ ‬رفع‭ ‬إعلان‭ ‬الهند‭ ‬حظر‭ ‬صادراتها‭ ‬الغذائية‭ ‬أسعار‭ ‬الأرز‭ ‬بنسبة‭ ‬15%،‭ ‬فإن‭ ‬انسحاب‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬الحبوب‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬زيادة‭ ‬لأسعار‭ ‬القمح‭ ‬والذرة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬أشارت‭ ‬منظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‭ (‬الفاو‭) ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬691‭ ‬و783‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬كانوا‭ ‬معرضين‭ ‬للجوع،‭ ‬بزيادة‭ ‬122‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬عن‭ ‬2019،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬يواجه‭ ‬نحو‭ ‬345‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬مستويات‭ ‬حادة‭ ‬من‭ ‬الجوع،‭ ‬وهذه‭ ‬الأرقام‭ ‬مرشحة‭ ‬للزيادة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭.‬ وفضلاً‭ ‬عن‭ ‬الأحداث‭ ‬السياسية،‭ ‬تعتبر‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العالم‭ ‬حاليًا،‭ ‬لجهة‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬قطاعي‭ ‬المياه‭ ‬والزراعة‭. ‬وتهدد‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي‭ ‬لنحو‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬المحاصيل،‭ ‬بسبب‭ ‬موجات‭ ‬الحر‭ ‬والجفاف‭ ‬والعواصف‭ ‬والفيضانات‭ ‬المدمرة‭ ‬وشح‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬وقلة‭ ‬معدلات‭ ‬الأمطار،‭ ‬وزيادة‭ ‬وتيرة‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قارات‭ ‬العالم،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬التطلعات‭ ‬نحو‭ ‬حلول‭ ‬حقيقية‭ ‬لتحسين‭ ‬وضع‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬محاور‭ ‬كوب‭ (‬28‭) ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭. ‬ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬والفقيرة،‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬أساسًا‭ ‬من‭ ‬شح‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬ونقص‭ ‬الغذاء،‭ ‬وما‭ ‬يفرضه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تحدي‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬الزراعي‭ ‬والغذاء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بحوالي‭ ‬60%‭ ‬لتلبية‭ ‬الطلب‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬الأغذية‭ ‬والمحاصيل‭ ‬الزراعية‭. ‬ومع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬تختل‭ ‬دورة‭ ‬المياه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬اضطراب‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مردود‭ ‬الزراعة‭ ‬المروية‭ ‬والمطرية‭. ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التبخر‭ ‬وزيادة‭ ‬الجفاف،‭ ‬ما‭ ‬يبرز‭ ‬الحاجة‭ ‬في‭ ‬كوب‭ ‬28‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬جديدة‭ ‬مكملة‭ ‬لاتفاقية‭ ‬باريس‭ ‬2015‭ ‬تخص‭ ‬الدورة‭ ‬المائية‭ ‬لكل‭ ‬الأرض‭.‬ وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المقترح،‭ ‬فإن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بقضية‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬كوب‭ (‬28‭) ‬يطرح‭ ‬بعض‭ ‬أفكار‭ ‬مبتكرة‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬مشكلات‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬وهدر‭ ‬الطعام،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الابتكار‭ ‬في‭ ‬الزراعة‭ ‬الذكية،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬توفير‭ ‬التمويل،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬اسفرت‭ ‬عنه‭ ‬قمة‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬بين‭ ‬الإمارات‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭.‬ وفي‭ ‬أواخر‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬لمجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬المعني‭ ‬بالاستدامة‭ ‬المناخية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬تشيناي‮»‬‭ ‬الهندية،‭ ‬شدد‭ ‬‮«‬سلطان‭ ‬الجابر‮»‬‭ ‬الرئيس‭ ‬المعين‭ ‬لقمة‭ ‬المناخ‭ (‬28‭) ‬على‭ ‬أن‭ ‬الممارسات‭ ‬الحالية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي،‭ ‬وتراجع‭ ‬جودة‭ ‬الأراضي‭ ‬الزراعية،‭ ‬وانخفاض‭ ‬مستوى‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬داعيًا‭ ‬إلى‭ ‬تكاتف‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬معاونة‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تضررًا‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬التكيف‭ ‬المناخي‭ ‬يتطلب‭ ‬وضع‭ ‬معايير‭ ‬واضحة‭ ‬للنجاح،‭ ‬عبر‭ ‬مجموعة‭ ‬أهداف‭ ‬منها‭: ‬حماية‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي،‭ ‬واستعادة‭ ‬الأراضي‭ ‬الزراعية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الغابات،‭ ‬وحماية‭ ‬السواحل‭ ‬من‭ ‬التآكل،‭ ‬وضمان‭ ‬عدم‭ ‬تعرض‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬للجوع‭.‬ ودعا‭ ‬‮«‬الجابر‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬تضمين‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬والخطط‭ ‬الوطنية‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستخدام‭ ‬المستدام‭ ‬للأراضي،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬لزيادة‭ ‬مرونة‭ ‬المحاصيل،‭ ‬وتحسين‭ ‬النظم‭ ‬الغذائية،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬المناخية‭ ‬على‭ ‬المنظومة‭ ‬الزراعية‭. ‬وفيما‭ ‬يؤثر‭ ‬ضعف‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬على‭ ‬الصحة،‭ ‬فإن‭ ‬كوب‭ (‬28‭) ‬ستكون‭ ‬أول‭ ‬قمة‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬الترابط‭ ‬بين‭ ‬تداعيات‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬والصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬وخصصت‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬وموضوعاتها‭ ‬يومًا‭ ‬للصحة،‭ ‬كما‭ ‬تستضيف‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬اجتماعًا‭ ‬وزاريًا‭ ‬للمناخ‭ ‬والصحة‭.‬ وتسعى‭ ‬الإمارات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تناول‭ ‬قضية‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬كوب‭ (‬28‭) ‬إلى‭ ‬حشد‭ ‬تعاون‭ ‬دولي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬المساهمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للقطاع‭ ‬الزراعي،‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الحيوي‭ ‬الذي‭ ‬يوفر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2‭ ‬مليار‭ ‬فرصة‭ ‬عمل،‭ ‬ويوفر‭ ‬الغذاء‭ ‬لكافة‭ ‬سكان‭ ‬الأرض،‭ ‬وتعد‭ ‬مبادرة‭ ‬الابتكار‭ ‬الزراعي‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬الإمارات‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬العالم‭ ‬مؤخرًا‭ ‬لتسريع‭ ‬التحول‭ ‬المنشود‭ ‬في‭ ‬النظم‭ ‬الغذائية،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬ثاني‭ ‬أهداف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬التام‭ ‬على‭ ‬الجوع‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬وتركز‭ ‬على‭ ‬تسريع‭ ‬ابتكار‭ ‬أنظمة‭ ‬زراعية‭ ‬وغذائية‭ ‬تدعم‭ ‬العمل‭ ‬المناخي‭. ‬وتضمنت‭ ‬المبادرة‭ ‬منذ‭ ‬انطلاقها‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2021‭ ‬تعهدًا‭ ‬باستثمار‭ ‬أربعة‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬ومشاريع‭ ‬زراعية‭ ‬مبتكرة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬وفي‭ ‬مايو‭ ‬2023‭ ‬تم‭ ‬إعلان‭ ‬زيادة‭ ‬هذا‭ ‬الاستثمار‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬13‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬نمو‭ ‬عدد‭ ‬شركاء‭ ‬المبادرة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬منظمة‭ ‬حكومة‭ ‬وغير‭ ‬حكومية،‭ ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل‭ ‬انضمت‭ ‬الإمارات‭ ‬إلى‭ ‬مبادرة‭ ‬‮«‬التطور‭ ‬الزراعي‮»‬‭ ‬بقيادة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬الزراعة‭ ‬الأكثر‭ ‬مقاومة‭ ‬للمناخ‭ ‬الخيار‭ ‬الأكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬واعتمادًا‭ ‬لدى‭ ‬المزارعين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬وذلك‭ ‬إدراكًا‭ ‬منها‭ ‬لتوافقها‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬مبادرة‭ ‬الابتكار‭ ‬الزراعي‭ ‬للمناخ‭. ‬واتصالا‭ ‬بقضية‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬أطلقت‭ ‬مبادرات‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‮»‬‭ ‬العالمية‭ ‬مبادرة‭ ‬المليار‭ ‬وجبة،‭ ‬ودعما‭ ‬بمقدار‭ ‬5‭.‬5‭ ‬ملايين‭ ‬درهم‭ ‬إلى‭ ‬صندوق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الاستئماني‭ ‬‮«‬يونيت‭ ‬لايف‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬وتيرة‭ ‬الحلول‭ ‬المبتكرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الزراعة‭ ‬وتمكين‭ ‬النساء‭ ‬والأمهات‭ ‬ومكافحة‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬السنغال‭ ‬والنيجر‭ ‬وجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭.‬ كما‭ ‬تسعى‭ ‬كوب‭ (‬28‭) ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬فقد‭ ‬وإهدار‭ ‬الغذاء،‭ ‬وتطوير‭ ‬وتسريع‭ ‬المبادرات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬حض‭ ‬الحكومات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬وقطاع‭ ‬الأعمال،‭ ‬لتسريع‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بخفض‭ ‬مستوى‭ ‬هدر‭ ‬الأغذية‭ ‬للفرد‭ ‬إلى‭ ‬النصف‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬البيع‭ ‬بالتجزئة‭ ‬والاستهلاك،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الخسارة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬سلاسل‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتوريد‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬خسائر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحصاد‭.‬ وسيكون‭ ‬كوب‭ (‬28‭) ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬أمام‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬منكشفة‭ ‬في‭ ‬أمنها‭ ‬الغذائي‭ ‬بسبب‭ ‬الأحداث‭ ‬السياسية،‭ ‬والمشروعات‭ ‬التنموية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬كمشروعات‭ ‬السدود‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬تدفق‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬دجلة‭ ‬والفرات‭ ‬ومشروع‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬الإثيوبي‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬تدفق‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬ومصر،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬المائي‭ ‬والغذائي‭ ‬العربي‭. ‬ووفق‭ ‬تقرير‭ ‬أممي‭ ‬صادر‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬وكالات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمكاتب‭ ‬الإقليمية‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭: ‬نظرة‭ ‬إقليمية‭ ‬عامة‭ ‬حول‭ ‬حالة‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والتغذية‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬التجارة‭ ‬كعامل‭ ‬تمكين‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والتغذية‮»‬‭ ‬كشف‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬53‭.‬9‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬عانوا‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الشديد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬2021،‭ ‬بزيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬55%‭ ‬عن‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬و6‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬عن‭ ‬العام‭ ‬السابق،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬162‭.‬7‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬تحمل‭ ‬كلفة‭ ‬نمط‭ ‬غذائي‭ ‬صحي،‭ ‬البالغة‭ ‬نحو‭ ‬3‭.‬47‭ ‬دولارات‭ ‬للفرد‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬وفي‭ ‬مقابل‭ ‬هذا‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬نسبته‭ ‬28‭.‬8%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬السكان‭ ‬البالغين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬السمنة،‭ ‬وهذه‭ ‬النسبة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬المعدل‭ ‬العالمي‭.‬ ويذكر‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬الجوع‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬قد‭ ‬ارتفع‭ ‬بنسبة‭ ‬90%‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬20‭ ‬عاما،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬141‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬ثلث‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الغذاء‭ ‬المعتدل،‭ ‬وفاقم‭ ‬ذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم،‭ ‬فيما‭ ‬تستورد‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50%‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬الغذائية،‭ ‬ويعتمد‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬إمدادات‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا،‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬فاتورة‭ ‬الاستيراد‭.‬ ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬مساحة‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬الصالحة‭ ‬للزراعة‭ ‬تقدر‭ ‬بنحو‭ ‬220‭ ‬مليون‭ ‬هكتار،‭ ‬يتم‭ ‬استغلال‭ ‬ثلثها‭ ‬فقط،‭ ‬وتعد‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المناطق‭ ‬تأثرًا‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬نتيجة‭ ‬الانخفاض‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار‭.‬ إلى‭ ‬جانب‭ ‬هذا‭ ‬تحتاج‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬قدراتها‭ ‬الإنتاجية‭ ‬الزراعية‭ ‬رأسيًا‭ ‬وأفقيًا،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التصنيع‭ ‬الغذائي،‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للإنتاج‭ ‬والحفظ‭ ‬والنقل‭ ‬والتداول‭ ‬وتقليل‭ ‬الفاقد‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬الغذائية‭. ‬وستكون‭ ‬مناقشة‭ ‬وضع‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬فرصة‭ ‬لحشد‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬نحو‭ ‬إنهاء‭ ‬حالة‭ ‬الاحتراب‭ ‬الأهلي‭ ‬لدولة‭ (‬السودان‭) ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬84‭ ‬مليون‭ ‬هكتار‭ ‬صالحة‭ ‬للزراعة،‭ ‬لا‭ ‬تزرع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20%‭ ‬منها،‭ ‬ولديها‭ ‬ثروة‭ ‬مائية‭ ‬غير‭ ‬متوافرة‭ ‬لأي‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬آخر،‭ ‬بينما‭ ‬يعاني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬9‭.‬8‭ ‬ملايين‭ ‬سوداني‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬الحاد‭ ‬وفقًا‭ ‬لـ«الفاو‮»‬،‭ ‬وبالقطع‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬قد‭ ‬زاد‭ ‬نتيجة‭ ‬الاحتراب‭ ‬الأهلي‭.‬ ولما‭ ‬كانت‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬تشكل‭ ‬أولوية‭ ‬قصوى‭ ‬في‭ ‬اهتمامات‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وأن‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الخليجي‭ ‬يعتبر‭ ‬هدفًا‭ ‬ثابتًا‭ ‬فسيكون‭ ‬كوب‭ (‬28‭) ‬قوة‭ ‬دفع‭ ‬نحو‭ ‬تطوير‭ ‬استراتيجية‭ ‬خليجية‭ ‬مشتركة‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬وإنشاء‭ ‬لجنة‭ ‬التعاون‭ ‬الزراعي‭ ‬المعنية‭ ‬بتنسيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الموحد‭ ‬لدول‭ ‬المجلس،‭ ‬فيما‭ ‬تدعم‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الجهود‭ ‬السلمية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الأزمة‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والأزمة‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬بل‭ ‬تقدم‭ ‬مبادرات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬ودعا‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬‮«‬جاسم‭ ‬البديوي‮»‬‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬أغسطس‭ ‬إلى‭ ‬استئناف‭ ‬اتفاق‭ ‬تصدير‭ ‬الحبوب‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬كما‭ ‬ستكون‭ ‬كوب‭ (‬28‭) ‬فرصة‭ ‬لتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والمجموعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإدارة‭ ‬ملف‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬إقليميًا،‭ ‬كالمبادرة‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬منظمة‭ ‬جنوب‭ ‬شرقي‭ ‬آسيا‭ ‬‮«‬الآسيان‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬واليابان‭ ‬لنظام‭ ‬معلومات‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الذي‭ ‬يحسن‭ ‬قدرة‭ ‬رصد‭ ‬حالات‭ ‬ومؤشرات‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والتنبؤ‭ ‬بها‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬عبر‭ ‬الآليات‭ ‬القائمة‭ ‬أو‭ ‬المستجدة‭.‬

مشاركة :