النوع الشائع المعروف منذ القدم في التمويل العقاري في المملكة يتم بطريقة المرابحة، التي تكون نسبة الفائدة فيها ثابتة طوال مدة العقد، لكن بعد الانخفاض الكبير في معدلات الفائدة عقب الأزمة المالية 2008، حيث أصبحت الفائدة الرسمية نحو 0 في المائة في أمريكا ومتدنية جدا هنا في المملكة، حينها بدأت البنوك الترويج للتمويل العقاري بفائدة متغيرة، ما يعرف بأسلوب الإجارة. وبعد ذلك بأعوام قليلة صدر في المملكة نظام التمويل العقاري الذي تطرق للفائدة المتغيرة وحدد بعض الشروط والضوابط، يمكن للمهتمين الرجوع إلى مقال كتبته في 2013 تطرق لأهمية النظر فيما إذا كانت اللوائح الصادرة في ذاك الوقت كافية لحماية المقترضين من خطر أسعار الفائدة المتغيرة. الذي حدث أنه بالفعل تم إبرام عقود تمويل عقاري بأسلوب الإجارة، كون هذه الطريقة مفيدة للبنك في حال ارتفعت أسعار الفائدة مستقبلا، وغير مفيدة كثيرا للمقترض، لأن أسعار الفائدة كانت في القاع ولم يكن هناك مجال لانخفاضها ليستفيد المقترض من انخفاض مبلغ الأقساط الشهرية لاحقا. لم تكن التجربة ناجحة لأن معدلات الفائدة ارتفعت فجأة في 2018 نتيجة ظروف معينة في أمريكا فارتفعت أقساط التمويل العقاري على الأفراد بشكل سريع ومفاجئ وأحدثت صيحات وتذمرات عديدة في ذلك الوقت. السؤال: هل الوقت الآن مناسب للعمل بأسلوب الإجارة وإتاحته بشكل أوسع للمقترضين؟ الجواب المباشر نعم، إنه من الأفضل الآن طرح عقود الإجارة للتمويل بفائدة متغيرة، والسبب أن الوضع الحالي مختلف تماما عن قبل عشرة أعوام نتيجة كون الفائدة على التمويل العقاري ارتفعت بشكل حاد خلال عام ونصف فقط، وحتى لو أنها ارتفعت أكثر فلن تكون حدة الارتفاع بالشكل الذي رأيناه في 2018. ومع ذلك كثير من التوقعات تشير إلى احتمالية استقرار أو تراجع الفائدة على المدى الطويل، وفي كل الأحوال أسلوب الفائدة المتغيرة المعمول به في كثير من الدول والمقدم من بعض البنوك في المملكة هو أسلوب الفائدة المتغيرة المرنة، أي أن تكون الفائدة ثابتة لمدة خمسة أعوام ومن ثم تتغير حسب أسعار الفائدة فيما بعد. كمثال على مستوى الفائدة في أمريكا، التي تعد الأسعار فيها أقل قليلا مما هو متاح هنا في المملكة، تجاوز متوسط تكلفة التمويل العقاري لمدة 30 عاما في الولايات المتحدة الأمريكية 7.5 في المائة هذا الأسبوع، ويعد ذلك أعلى نسبة تمويل عقاري منذ عام 2000، ويأتي نتيجة الرفع غير المسبوق لمعدلات الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي وخفض التقييم الائتماني للحكومة الفيدرالية في الأسابيع الماضية، إضافة إلى تلاشي احتمالية حدوث ركود اقتصادي لهذا العام، ما يعني ضعف احتمال حدوث خفض في معدلات الفائدة. نسبة 7.5 في المائة هي الفائدة الثابتة لمدة 30 عاما وتختلف من بنك لآخر، وكذلك تختلف بحسب التقييم الائتماني للفرد، حيث تحدث فروقات تصل إلى 1 في المائة بحسب الشخص المتقدم للتمويل. تكلفة التمويل العقاري تتغير بشكل يومي وتتفاعل بسرعة مع التطورات على صعيد معدل الفائدة الرسمي، لذا فهناك اختلافات كبيرة في التكلفة حسب وقت الحصول على القرض، فتجد هناك استفتاءات وآراء متنوعة عن مسير الفائدة بشكل أسبوعي، ومنها يقرر الناس ما إذا كانوا سيقترضون هذا الأسبوع أو الذي بعده. وبسبب هذه التحديات بدأ كثير من الناس يلجأون إلى أسلوب الفائدة المتغيرة، أي أسلوب الإجارة، فمثلا للقرض ذاته لمدة 30 عاما نسبة الفائدة تبلغ 6.5 في المائة، بدلا من 7.5 في المائة، لكنها ثابتة فقط لمدة خمسة أعوام، وبعد ذلك تتغير كل ستة أشهر حسب سعر الفائدة الرسمي. بالطبع من لديه عقد مرابحة تمويل عقاري تم إبرامه قبل عامين وأكثر فهو في وضع جيد كونه ضمن تكلفة فائدة محددة طيلة أعوام العقد، أما من يحتاج إلى تمويل عقاري جديد فمشكلته أنه قد يلتزم بفائدة ثابتة مرتفعة في الأعوام المقبلة على الرغم من احتمالية تراجع الفائدة. الحل يأتي من خلال عقود الفائدة المتغيرة، لكن يجب الانتباه إلى أنه لا يمكن الجزم بمسار معدلات الفائدة على المدى الطويل، غير أن كثيرا من المحللين يرون احتمال حدوث مزيد من الارتفاعات بعد خمسة أو عشرة أعوام من الآن ضعيفا، ولذا يكون القبول بالفائدة المتغيرة أمرا معقولا. عقود الإجارة متغيرة الفائدة تبدو جذابة أكثر هذه الأيام، وليس لأنها تمنح فائدة أقل لمدة خمسة أو سبعة أعوام، بل لأنها مفيدة للمقترض في حال حصل نزول في معدلات الفائدة بعد فترة الفائدة الثابتة، وفي حال حدوث انخفاض كبير في معدلات الفائدة خلال فترة الفائدة الثابتة فإن نظام التمويل العقاري يلزم البنوك بقبول السداد المبكر، بحيث يستقطع البنك كحد أقصى فائدة ثلاثة أشهر لاحقة ويتمكن المقترض من إنهاء القرض والحصول على قرض آخر. وعقود الإجارة، أو الفائدة المتغيرة عموما تكون أفضل للشخص الذي يخطط لبيع العقار خلال أعوام قليلة، لأنه حتى إن ارتفعت أسعار الفائدة فهو سيقوم ببيع العقار والتخلص من القرض، وبالتالي يستفيد من تدني تكلفة الاقتراض بسعر فائدة متغيرة على المدى القصير، مثلا خمسة أو سبعة أعوام. الخلاصة، إن تجربتنا مع الفائدة المتغيرة في القروض العقارية لم تنجح قبل عشرة أعوام، بسبب كون معدلات الفائدة في ذاك الوقت كانت متدنية جدا، فلم تكن هناك جدوى حقيقية من التعاقد على سعر فائدة متغير بالنسبة إلى المقترض، وفي المقابل كانت هناك بالطبع جدوى كبيرة لمؤسسات التمويل العقاري في الأخذ بأسلوب الفائدة المتغيرة في ذاك الوقت. اليوم ارتفعت تكلفة التمويل العقاري بشكل حاد وليس لدى العميل من خيارات إلا القبول بسعر فائدة ثابت، وهو الذي وصل هذا الأسبوع إلى قمة تاريخية كبيرة، أو أخذ عقود إجارة بفائدة متغيرة لكنها ثابتة وأقل نسبيا من فائدة عقود المرابحة لعدة أعوام، على أمل ألا ترتفع الفائدة بعد ذلك.
مشاركة :