يوسف بكّار يكشف المخفي من تجربة وحياة الشاعر 'عرار'

  • 8/30/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

 يواصل الناقد والعلاّمة الأردني الدكتور يوسف بكار اشتغاله النقدي منذ أكثر من نصف قرن مضى، حيث رفد المكتبة العربية بأكثر من ثمانين كتابا في النقد والترجمة والبحث العلمي الرصين وتعد إصداراته مرجعا هاما للباحثين والدارسين وطلبة العلم في الجامعات والمعاهد العربية. ضمن هذا السياق صدر له حديثا عن دار الآن ناشرون وموزعون، كتاب حمل عنوان "مصطفى وهبي التل.. "عرار" أضواء جديدة" على تجربة وحياة شاعر الأردن "عرار"، يقع في 153 صفحة من القطع الكبير. ونقرأ في تنوير حيث يقول المؤلف د. بكار "كثيرة هي الدراسات كتبا وبحوثا ومقالات التي كتبت عن مصطفى وهبي التل وما أبدع، وهي تجمع بين العلمي الأصيل، والحماسي السريع، والإنشائي المرتجل، والمكرر المعاد، وقد أدرك عدد من الباحثين والدارسين هذا ونبهوا عليه، وذهبوا إلى أن مجال القول فيه ما زال واسعا". ويضيف د. بكار "فأما هذا الكتاب فهو ثمرة مطالعات كثيرة دقيقة متأنية عن الشاعر وما أبدع، وقد عزفت عمدا عن أن أعرض فيه لسيرته وآثاره لأنني فصلت القول فيها في مقدمة تحقيقي لترجمته لعدد من رباعيات الخيام وفي كتابي "الترجمات العربية لرباعيات الخيام: دراسة نقدية" و"الترجمات الأردنية لرباعيات الخيام: دراسة نقدية" وهو يكشف، أول مرة كما في العنوان، عن مسائل وقضايا جديدة في فصوله الستة القصيرة كافة". ويدرس الدكتور بكار في فصول كتابه "عرار"، ففي الفصل الأول يكشف عن حقيقة كل من لقبه، وعنوان ديوانه، واسم مدينته التي وُلد فيها ومات، وكثرة ما قيل عن ريادته للشعر الحر "التفعيلة" كما كان يطلق عليه بدءا دون معرفة بحقيقة ما ينطوي عليه، كل هذا بتقص علمي دقيق مدعم بالأدلة والشواهد خلافا للشائع والمتداول العصي على التراجع. وفي الفصل الثاني من الكتاب، حيث ينبه المؤلف على ما استدركه من الباحثين على إبداعات الشاعر شعرا ونثرا، وعلى أهمية رسائله الثماني التي بعث بها إلى صديقه محمد صبحي أبوغنيمة أيام كان في دمشق والتي لا تخلو من دلالات عن مئوية الدولة الأردنية ونشرت في "سيرة منفية: أوراق صبحي أبوغنيمة"، وكما نبه على أخبار مجهولة جديدة ذكرها محمد نزال العرموطي، وزياد أبوغنيمة تؤكد ما عرف عن مصطفى من نزوع وطني قومي. ويطالعنا في الفصل الثالث، عن عرار المترجم فيعرض بدءا لحقيقة معرفته اللغات الثلاث الفارسية والتركية والفرنسية ومداها خلافا لما اعترف به هو نفسه، ويقف المؤلف عند ترجمته للرباعيات وتحقيقها وما نجم عنه من كشوف كعدم الدقة، وبعض الأخطاء، والتصرف زيادة ونقصا، وقد نبه عليها د. بكار جميعا وقام بتصحيح ما هو في حاجة إلى التصحيح، ثم يدرس السمات العامة، وما اعتراها من مشكلات، ناهيك بالكشف عن ريادة المترجم المبكرة وما لها من دلالات تاريخية وعلمية وفنية. ويأخذنا المؤلف د. بكار في الفصل الرابع ليعرض لنا في ثلاثة محاور عما كان للترجمة من أصداء وأبعاد في الأردن والوطن العربي، ففي المحور الأول أصداء الترجمة ومخرجاتها كتب عنها ودرسها أربعة من الأردن: الدكتور إبراهيم خليل، الروائية سميحة خريس، المفكر حسن التل، والأديب جعفر العقيلي، ومن العراق الشاعر والباحث جمال علي الحلاق، ومن مصر الدكتور محمد السيد أبودومة، ومن تونس نور الدين صمود. أما المحور الثاني نظم الترجمة شعرا، نظم الشاعر المصري عاطف مصطفى محمود أربع عشرة منها خمسة شطور من بحر الرمل، ونظم الطيب العراقي الشاعر هشام سلطان الترجمة كلها على بحر الطويل. المحور الثالث والأخير إدراج رباعيات من الترجمة كغيرها من بعض الترجمات العربية، فوضع المترجم الإماراتي الشاعر الراحل محمد صالح القرق صورة مصطفى مع صور عدد من المترجمين الأجانب والعرب في ترجمته، وأدرج المترجم الإماراتي ، كذلك محمد عبدالله نور الدين الست رباعيات في ترجمته "رباعيات الخيام: ترجمة وتأويل"، وأدرج الدكتور جعفر الداكي ترجمة عرار كلها في "موسوعة ترجمات عربية  لرباعيات الخيام" فكان صنيعه هذا طبعة خامسة ولها من تحقيق المؤلف د. بكار. وكما يكشف الفصل الخامس عن حقيقة "خيامية" عرار التي تتمثل في مرحلتين: الأولى احتذائية احتذى فيها الخيام احتذاء تاما، وتأثر به مسلكا وإبداعا كما مثلته الرباعيات بقضها وقضيضها التي لا يعرف، إلى الآن صحيحها من منسوبها إلى الخيام، والأخرى عقلية علمية شك فيها، بعد طول متابعة واطلاع، الرباعيات، وانتصف للخيام بنفي كثير مما نسب إليه مسلكا وفكرا جراء الرباعيات أيضا، والكشف عنه عالما وحكيما وفلكيا من خلال ما اطلع عليه من معلومات جديدة فائتة بدءا، فنال بكل هذا قصب السبق على من كشفوا مثل هذا وأكثر من إيرانيين ومستشرقين وعرب. وكما نرى في الفصل السادس والأخير حيث ينبه على فضاءات خمسة منسية للشاعر لم يفطن إليها أحد من قبل، هي: خمس عشر "رباعية" وتسع "مثنيات" وعدد من "المخمات" مفردة وفي قصائد، و"مثلثتان" اثنتان إحداهما مفردة، والأخرى قصيدة، و"مسبعتان" اثنتان فقط. يُذكر أن يوسف بكّار حصل على شهادة الدكتوراه في النقد الأدبي عام 1972، عمل في التدريس متنقلاً بين الجامعات الأردنية، بالإضافة إلى جامعة الفردوسي بإيران، وجامعة قطَر. وأعيد تعيينه في جامعة اليرموك أخيراً برتبة "أستاذ شرف". ونال بكّار جائزة التفوق في التدريس من جامعة الفردوسي 1973، وجائزة التفوق في البحث العلمي من جامعة اليرموك 1984، وجائزة الدولة التقديرية في الدراسات الأدبية والنقدية 1992، وجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي/فئة الإنجاز 2020. وله عشرات الأعمال الأدبية في النقد والتحقيق والترجمة، منها: "اتجاهات الغزل في القرن الثاني الهجري"، "من بوادر التجديد في شعرنا المعاصر"، "أوراق نقدية جديدة عن طه حسين" وغيرها.

مشاركة :