تقييم السياسة النقدية لمواجهة أزمة اليورو «2 من 2»

  • 9/2/2023
  • 01:38
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لكن بعد كل هذه الأحداث، بدأنا نواجه اقتصادا بطيئا، وكان علينا التفكير في أدوات غير تقليدية. ورغم أن هذه كانت ثالث أزمة أواجهها ـ الأولى كانت الأزمة المصرفية في بلجيكا، والثانية كانت أزمة اليورو ـ فقد كانت ذات طبيعة مختلفة. فلم تكن ملحوظة بالقدر نفسه، ولم تتكشف أبعادها سوى بشكل تدريجي، وكانت الضغوط الانكماشية تتزايد نتيجة استمرار ضعف الاقتصاد وضعف أداء أسواق الائتمان. وكان علينا أن نفكر في كيفية دعم الطلب الكلي في وقت كانت فيه أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة للغاية بالفعل. ماذا نفعل؟ لقد توصلنا إلى عدد كبير من الابتكارات والإجراءات غير المعتادة. ومن هنا عليك أن تكون منفتحا للغاية مع موظفيك والمتعاونين معك. وعليك أن تفكر خارج الأطر التقليدية وأن تتيح لموظفيك القيام بالشيء نفسه. فالعمل كفريق يعد أمرا جوهريا في جميع المواقف العصيبة. وقد كنت دائما مندهشا من هدوئي النسبي. وأعتقد أن ذلك يرجع أساسا إلى عملي الدائم في فرق متجانسة. بشأن دور صندوق النقد الدولي خلال الأزمة أتذكر إحدى بعثات صندوق النقد الدولي التي كانت تحاول تقييم مزايا إجراء تقييم مستقل بموجب المادة الرابعة في منطقة اليورو، وكان هناك تساؤل حول ما إذا كان هناك توافق كبير بين الصندوق والسياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي، ولم يجد فريق التقييم كثيرا من التناقض أو التعارض. فقد وجدوا أن هناك توافقا كبيرا للغاية مع سياسة الصندوق، وتساءلوا: "ألستم متفقين بدرجة كبيرة مع الصندوق ولا يعد وضعكم حرجا للغاية؟"، وقد رفضت تصديق ذلك بشدة. فعندما تتعامل مع إجراءات غير تقليدية، لن تكون لديك خبرة كبيرة بطبيعة الحال. لكن ذلك لا يصلح في منطقة اليورو بالتأكيد. ورغم أن الخبرة كانت قليلة في اليابان والولايات المتحدة، فإن السياق كان مختلفا. لذلك التقيت كبار الاقتصاديين ممن لديهم خبرات واسعة في مجال السياسات في دول أخرى، وهي تجربة أرى أنها ثرية للغاية. وكان من الضروري أيضا إجراء هذا الحوار مع شريك خارجي مؤهل مثل صندوق النقد الدولي. حول الدروس المستفادة من هذه العلاقة في المستقبل من المهم زيادة الاستثمار في أشخاص ذوي خبرة في صنع السياسة النقدية، وهو أمر يمكن أن يتفهمه الصندوق. والسبب بسيط للغاية: فنحن في بيئة تسودها أسعار الفائدة المنخفضة، بينما قد يتعين، في ذروة الدورة الاقتصادية، تخفيض أسعار الفائدة القريبة بالفعل من الصفر أو حتى السالبة. ويجب أن يكون لديك كثير من الأشخاص الذين يفكرون في تلك الأمور ليس من الناحية النظرية فحسب، لكن أيضا من الناحية العملية. والأمر يختلف عن سياسة أسعار الفائدة التقليدية، لأنك تشتري أصولا أو تقدم وعودا بشأن المستقبل، وهو ما نسميه الإرشادات الاستشرافية. هناك كثير من النقاشات بشأن تحول السياسات غير التقليدية إلى سياسات تقليدية. وهو أمر يتعين شرحه للجمهور وإطلاعه عليه. وينبغي إيلاء عناية خاصة للعلاقة بين الاستقرار المالي والسياسة النقدية في بيئة يسودها النطاق الأدنى الصفري. وعندما تظل أسعار الفائدة منخفضة لفترة زمنية طويلة، كيف يمكن من الناحية العملية زيادة دمج اعتبارات الاستقرار المالي في عملية صنع السياسة النقدية؟ الأمر غير واضح، لأن القيام بذلك يؤدي إلى زيادة احتمالات فقدان التركيز على الهدف الأساسي، وهو استقرار الأسعار. حول تحديات التواصل التي تواجه مسؤولي البنوك المركزية في المستقبل، لست مؤيدا بشدة للتغريدات بشكل عام، ولا سيما تغريدات البنك المركزي، لأنه لا يمكن التبسط إلى هذا الحد. ولا يمكن القول إنه من الصعب للغاية على الشخص العادي فهم ما يجري بالفعل. ويتعين بذل الجهد للتواصل مع الجمهور، ورغم ذلك ينبغي الحرص على عدم استخدام تعبيرات مبسطة للغاية لوصف موقف معقد.

مشاركة :