الفلسفة تقرأ عبقرية حمزة شحاتة

  • 9/6/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تساءل الباحث الدكتور عبدالرحمن الخنيفر، من أين استقى الشاعر والأديب السعودي الراحل حمزة شحاتة معارفه الفكرية ليصيغ هذا النص الفلسفي بعبقرية لغوية؟ ورجَّح وقوف شحاتة على ثمانية مصادر فلسفية - لم يسبق الإشارة إليها - منها: "كتاب الأخلاق" لأرسطو، و"قصة الفلسفة الحديثة" لزكي نجيب محمود، و"هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه، ومقالات أحمد أمين ونصيف المنقبادي في مجلة "الرسالة"، وكلها مصادر سبقت إلقاء المحاضرة بعدة سنوات. جاء ذلك في فعالية نظَّمتها جمعية الفلسفة السعودية ضمن برامج قراءات فلسفية في الفكر السعودي بعنوان: "الفضائل المرذولة: قراءة في محاضرة حمزة شحاته: الرجولة عماد الخلق الفاضل" مع الباحث عبدالرحمن الخنيفر المختص بفلسفة الأخلاق. واستهل الخنيفر محاضرته بالحديث عن القيمة التاريخية لمحاضرة حمزة شحاتة: "الرجولة عماد الخلق الفاضل"، والتي ألقاها بجمعية الإسعاف الخيرية بمكة المكرمة، فبراير 1940م، إذ اعتبرها "علامة فارقة في التراث الثقافي السعودي"، لم تأخذ حظها وصداها في الصحافة العربية -حينئذ- وتحديدًا المصرية. فلو قُدِّر لشذرات منها أن يُنشر في مجلة "الرسالة" أو "الثقافة" أو "المقتطف" لأمكن قيام معارك فكرية تحدث حراكًا ثقافيًا بين الأدباء السعوديين والأدباء المصريين، وهذا ما لم يتحقق لإصرار شحاته على عدم نشرها حتى آخر حياته. ونُشرت بعد وفاته بنحو تسع سنوات، ما تسبب في أسطرتها (أسطورة) في المخيال الثقافي السعودي. وعن محاضرة شحاته قال د. الخنيفر، إنها تبدو للوهلة الأولى غير نسقيَّة بل متناقضة؛ لحديثه في أولها عن نشأة الأخلاق بعيدًا عن الدين، وختم محاضرته بالحث على الأخذ بالفضائل الدينية. ولكن بعد إدمان النظر فيها وقراءتها عدة مرات، يظهر للقارئ نسقية شحاته وعُلو كعبه الفلسفي، وقدرته على ابتكار مفاهيم أخلاقية من مفردات كانت في حكم الموات في التراث العربي. فشحاته يُعيد بعث الأخلاق الفاضلة من خلال تجديده لمفاهيم "الرجولة" و "الحياء" و "الأنانية المهذبة" وغيرها. جاعلًا من "الرجولة" رمزًا للقوة المعنوية التي يقهر بها الإنسان أنانيته ويهذب بها نفسه؛ لتجود على الآخرين إحسانًا وعطاءً. أمَّا "الحياء" فهو قوة النفس وموقظ الضمير للترفع عن ترابية الإنسان وماديته. وهو قِوام جميع الفضائل، فلا دافع للخلق الفاضل كدافع "الحياء" من النفس والآخرين. وأكَّد الخنيفر أن شحاته لم يكن نيتشويًا لكنه تأثر بنيتشه، أمَّا عن الأسباب المحتملة لعدم نشر شحاته محاضرته - حينها - فرجَّح أن ذلك عائد لمزاج شحاته المتقلب وعدم رضاه عمَّا ينشره وتمزيقه لأفكاره وخواطره، وسبب آخر يتصل بخشية شحاته من سهام النقد التي وجهت إليه من بعض الأدباء الذي حضروا المحاضرة كعبدالله عريف، ممن لم يرتضوا تعريف شحاته للرجولة والفضيلة. د. عبدالرحمن الخنيفر خلال المحاضرة

مشاركة :