عمان - كان الاقتباس من الأعمال الأجنبية أو تعريبها لسنوات حكرا على السينما العربية التي دأب منتجوها على نفي الاستعانة بنجاحات عالمية أو إعادة تقديمها للمتفرج العربي، بينما كانت الدراما لعقود طويلة عربية خالصة، حيث تعالج مواضيع تهم المنطقة العربية باختلاف دولها وثقافاتها. ومنذ العام 2014، حاول كتاب سيناريو ومخرجون كسر هذا الحصار، حيث عُرض المسلسل الكوميدي "هبة رجل الغراب" الذي أُخذ عن آخر كولومبي باسم "أنا بيتي، أقبح واحدة” والذي قُدّم منه أكثر من 12 نسخة، ليصبح رائدا في مجال الاقتباس من أعمال أجنبية ومن ثم تعريبها وعرضها لجمهور مصري وعربي. حاز العمل آنذاك على اهتمام الجمهور، لتتوالى الأعمال المعربة إن صح التعبير، مثل "غراند أوتيل" و"ليالي أوجيني" وغيرها من المسلسلات. ومنذ ثلاث سنوات بدأت المنصات العربية وكبرى القنوات التلفزيونية في تقديم نسخ عربية لمسلسلات تركية شهيرة منها "عروس إسطنبول" و"ستيلتو" و"كريستال"، وهي نسخ مشوهة، حيث تحافظ على العمل الأصلي دون تغييرات كبرى، ما عدا ما يتعلق بالممثلين. برهان سعادة: الأعمال المقتبسة لا تعالج مشاكل وقضايا المواطن العربي برهان سعادة: الأعمال المقتبسة لا تعالج مشاكل وقضايا المواطن العربي أما على مستوى الدراما الأردنية تحديدا، فلا تزال في منأى عن الاقتباس حيث تدور الأعمال المنتجة في فلك البيئة البدوية أو التاريخية أو المسلسلات الاجتماعية التي تعالج قضايا وطنية وتحمل في ثناياها رسائل موضوعية هامة، وتعد الأعمال العربية أو الدراما المشتركة هي المساحة الوحيدة التي تمكن الجمهور الأردني من مشاهدة أعمال مقتبسة عن مسلسلات شهيرة. وتثير هذه الأعمال آراء متناقضة بين من يرى فيها فرصة لتوسيع الإنتاج العربي وخلق فرص عمل جديدة وبين من يرى أنها لا تقدم إضافة تذكر، بل هي أحد أسباب تراجع الدراما العربية. في هذا السياق، أجمع متحدثون في ندوة حوارية ناقشت "الدراما الأردنية والاقتباس الفكري ما بين الإبداع والإفلاس" في مقر اتحاد الكتاب الأردنيين، على عدم وجود مصطلح الاقتباس من الأعمال العالمية، منوهين إلى أن جميع التجارب التي قدمت عربيا هي استنساخ من باب الاستسهال الذي قد يصل حد السرقة. وفي الندوة التي تحدث فيها المخرجان علي الشوابكة وبرهان سعادة وأدارها المخرج والشاعر عماد الشاعر، فسر المتحدثون الطرق التي اعتمدها معظم من قاموا بتحويل الأعمال العالمية إلى عربية، مبيّنين أن جل هذه الأعمال التي تقدم للجمهور العربي، باعتبارها مقتبسة ومعربة، يتم نسخها بالكامل من بيئتها إلى العالم العربي، دون مراعاة للعادات والتقاليد العربية. ربما يعود ذلك إلى أن شركات الإنتاج الباحثة عن الربح تستسهل التعامل مع الدراما المقتبسة أكثر من صرف الوقت والأموال الطائلة لإنتاج دراما خاصة بها. فالاقتباس تحول إلى حرفة تختصر مرحلة مهمة وأساسية من الإنتاج الفني، وهي مرحلة التأليف التي صارت مع الأعمال المعربة تقتصر على الترجمة شبه الحرفية. كما تضمن هذه الأعمال نجاحها جماهيريا بشكل مسبق لأن الأعمال الأصلية التي يستند إليها العمل المقتبس هي أعمال حققت شهرة ونالت شعبية في الدول العربية. وفي تقديمه للندوة الحوارية، أكد المخرج عماد الشاعر أن معظم شركات الإنتاج تتعامل مع هذه الأعمال باعتبارها مقدسة ولا يمكن المساس بها، غير عابئة بأن قصتها وحبكتها وظروفها تتعارض بالتأكيد مع ما يلائم الحكايات العربية وبيئتها. بدوره، نفى الشوابكة وجود أي أثر للإبداع في الأعمال المقتبسة، وقال "أنا كمخرج مسرحي أنفي وجود أي ملمح من ملامح الإبداع في ما يسمى الاقتباس"، مؤكدا أن "جميع الأعمال التي جرت الإشارة إليها على كونها مقتبسة، هي منقولة حرفيا عن أعمال عالمية". ◙ الأعمال التي تقدم للجمهور العربي، باعتبارها مقتبسة ومعربة، يتم نسخها بالكامل من بيئتها إلى العالم العربي دون مراعاة للعادات والتقاليد العربية والاقتباس هو نقل أو تكرار العمل الفني، وينقسم إلى الاقتباس المباشر، يعني النقل الحرفي من المصدر، والاقتباس غير المباشر الذي يقوم على مبدأ العزل والاختيار أي اختيار جزء من المحتوى الدرامي يتوافق مع خصوصية جمهور النسخة الجديدة وثقافة البلد الذي سيعرض فيه العمل، وهناك أيضا الاقتباس الجزئي الذي يقتبس جزءا محددا من العمل الأصلي فقط ويغير في بقية أحداث العمل وشخصياته ومكان وزمان الحدث. ويقول المخرج الشوابكة "نحن أمام حالة انتقال شكل ثقافي مكرس إلى ثقافة أخرى، وعالمياً كرس الأديب الإنجليزي وليام شكسبير شكل المسرح، حيث كانت بريطانيا هي أول من صدر شكل المسرح إلى العالم، على الرغم من أن الحضارة الإغريقية هي أساس المسرح وتليها الحضارة الفرعونية". من جهته بين سعادة أنه لا وجود لحالة تسمى "الاقتباس" في الدراما والسينما العربيتين، ضارباً المثل بالأعمال التركية التي يتم تسويقها درامياً في العالم العربي باعتبار أنها مقتبسة ومعربة. وقال "جميع هذه الأعمال يتم نقلها حرفيا بمشاكلها وإرهاصاتها إلى النص العربي، بحيث لا يعالج المسلسل العربي بعد اقتباسه وتعريبه أي مشكلة أو قضية تمس المواطن العربي".
مشاركة :