منذ سنين طويلة جداً، ونظرية المؤامرة تتكرَّس وتتجذَّر في رياضتنا، فلا يمكن أن يخسر أي فريق دون أن يكون ضحية لمؤامرة، تحكيم، مكاتب، لجان. هذه النظرية تمت زراعتها ورعايتها في رياضتنا منذ سنين، إلى درجة أن بعض الإعلاميين يتوجهون بعد كثير من المباريات لرؤساء الأندية ولا يسألونهم عن مستوى المباراة، ولا عن أداء فريقهم، بل ما رأيك بحكم المباراة؟! والإعلامي هنا تعوَّد على «جلد» الحكم وتحميله وزر الخسارة، لذلك يريد الإعلامي حديثاً مثيراً ينشره في صحيفته لتحقيق مزيد من التوزيع والانتشار. ومع انتشار التعليم، وارتفاع درجة الوعي في المجتمع، وحدوث تغيّرات وتحولات فكرية وثقافية، إلا أن نظرية المؤامرة ظلت باقية وراسية، وتتجدد، لأنها هي السلاح السهل في أيدي مسيري الأندية الذي يخرجهم من أزمات تحمّل المسؤولية، فهي المخرج الوحيد لتبرير إخفاقهم، وفشلهم في تطوير فرقهم، وهي السلاح السهل للإعلامي إذا أراد تزييف الحقيقة، وهي السلاح الجاهز لدى المشجع الذي خذله فريقه ولا يرغب في الاعتراف بالحقيقة. ولعلنا نشاهد اليوم فريقاً لا يهزم منذ أكثر من نصف قرن إلا بالتحكيم! كما يزعم محبوه وعشاقه ممن تشربوا فكر المؤامرة. والموسم الماضي هبط الأهلي لدوري الدرجة الأولى «يلو» وكان المتهم في ذلك الهبوط المؤامرة، فالفريق في نظرهم تعرَّض لمؤامرة! فالأهلي لم يهبط لأن الفريق سيئ، ولا لأن رجال النادي تخلوا عنه، ولا لأن هناك من إدارات النادي المتتابعة من أدخل النادي في متاهات الديون! فلا يوجد لدى الأهلاوي إجابة عن سبب هبوط الفريق سوى أنه تعرض لمؤامرة! ووصلت نظرية المؤامرة إلى درجة التشكيك في انتماء رئيس النادي! وأنه جاء بفعل فاعل ليدمر النادي! وهناك من لا يكون على وفاق مع إدارة ناديه فيتهم أعضاءها أو بعضهم بأنهم دخلاء! ولا ينتمون للنادي! وأنهم ينتمون للنادي المنافس وتمت زراعهم في النادي لإسقاطه! لقد أصبحت الاتهامات تُلقى جزافاً، وبكل جرأة بلا حساب وبلا دليل، وبلا خشية من لوم أو محاسبة! لقد بدأت شرارة المؤامرة باتهام الحكم، ووصلت إلى اتهام المنظومة كاملة. ولا يمكن محاسبة من زرع هذا الفكر المدمر في رياضاتنا، فتلك أمة قد خلت! ولكن يمكن اليوم إيقاف كل قاذف اتهام عند حده، إما أن يثبت اتهامه، وإما يتحمّل المسؤولية القانونية. الوعي ليس كافياً لدفن نظرية المؤامرة، فلن ينزعها من العقول سوى القانون والتطبيق الحازم. فكل من اتهم آخر عليه الإثبات أو يطبق بحقه العقوبة المناسبة. والأنظمة واللوائح فيها ما يكفل حفظ سمعة الأشخاص، وصون كرامتهم. ولكن ما ينقصنا تطبيق الأنظمة من قبل جهات الاختصاص. زوايا ** الفوضى في الإعلام الرياضي لا يدفع ثمنها سوى المتلقي، الذي يتم تلويث عقله وفكره بأسوأ طرح، فلا فكرة نيرة، ولا كلمة إيجابية، ولا حرص على المصلحة العامة، بل إن الكثير من الطرح فيه كذب متعمد وتضليل وتدليس! طغى ذلك على المشهد الإعلامي بعد استقطاب عناصر من روابط المشجعين وتحويلهم من طبالين وراقصين في المدرجات إلى نقاد حصريين! ** وزارة الرياضة ثم لجنة الاحتراف أكدوا قانونية انتقال اللاعب حسان تمبكتي من الشباب للهلال، ومع ذلك لا يزال هناك من يصر على مغالطة الحقائق، بالتشكيك في ذلك الانتقال، والمصيبة أن المشككين يتخذون من قناتنا الرياضية منصة لإطلاق شكوكهم. ** العقوبة التي طالت مدير الاحتراف لنادي الشباب بالإيقاف لمدة عام والغرامة ثلاثمائة ألف ريال تعتبر مخففة جداً نظير ما قام به من أفعال وتصرفات أثارت الرأي العام، وحملت اتهامات باطلة وإساءات للجهات الرسمية في اتحاد الكرة، وكان حرياً للجنة الانضباط أن تصدر قراراً بإبعاده نهائياً عن العمل الرياضي كون مخالفاته الأخيرة هي الثالثة التي تحدث خلال السنوات القليلة الماضية. ** يتحدثون عن أرقام جنونية وفلكية لصفقات محلية ويقارنونها بصفقة انتقال تمبكتي للهلال! الأرقام المجنونة ليست مقياساً ولا يمكن مقارنتها بالأرقام السوقية الفعلية. ** اللعب احتياطياً في الهلال أفضل من اللعب لأي فريق آخر. ذلك أن اللاعب حتى ولو كان احتياطياً فهو سيتدرب مع مجموعة نخبوية من اللاعبين، تعتبر المشاركة معهم ذات فائدة فنية عالية تفوق أي مباراة رسمية مع فريق آخر. ** بعد توقف لمدة 12 يوماً تعود الحياة من جديد الخميس القادم لملاعبنا، والجميع متشوق لرؤية النجوم بعد خمس جولات مثيرة. ** أكبر كمية «تمصدر» حدثت خلال فترة التسجيل الماضية هي التي تعرضت لها لجنة الاستقطابات والتعاقدات المفوضة من وزارة الرياضة، واتحاد القدم، ورابطة المحترفين! فكل من أراد إضفاء هالة على نفسه بأنه «يجيب العلم» قال بأن اللجنة فعلت كذا، وتوجهت لكذا! ** رفع البطاقة الصفراء أو الحمراء عن أي لاعب لا يتم إلا إذا اعترف الحكم بأنه أخطأ فقط. غير ذلك يعتبر تدخلاً في عمل الحكم يجرّمه «الفيفا».
مشاركة :