تعتبر القصص الشعبية من الثروات الثقافية وأحد أكثر المحاور إلهاماً لمواهب الفنون الناشئة في تجسيد أفكارهم وإبداعاتهم في دبي، كونها تعكس عبر تصاميمها ومشروعاتها ومضات من تراث وتاريخ دولة الإمارات، وتحمل في طياتها قيم وتجارب الناس، وترتكز على المورث الذي يشكل مخزوناً جوهرياً لا ينضب للهوية المجتمعية ويمثل أداة معرفية لمسارات الفنون وتأثيراتها المعاصرة. تواصل إنساني وحول دور القصص الشعبية في إثراء الفنون البصرية الناشئة يقول خليل عبدالواحد، مدير إدارة الفنون التشكيلية بهيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، تتمحور رسالة الفنون بشكل عام في إلهام المجتمعات وتعزيز الشعور الإنساني الذي تنقله رسائل تلك الفنون عبر تقنياتها وأفكارها، والتي بشكل أو بآخر تسهم في الحفاظ على التراث الثقافي وتطوير الخيال الفني. لذا، ينبغي على الفنانين والمبدعين أن يستوحوا من هذه القصص الشعبية وأن يجسدوا قيمها وتعابيرها في أعمالهم الفنية لتحقيق تنوع وغنى في الفنون البصرية المعاصرة، فعندما يستكشف الفنان أو المصمم قصص الشعوب المختلفة يتمكن من استنباط أفكار جديدة وتصورات فنية فريدة، يمكن لهذه القصص أن تشكل قاعدة للإبداع والتجديد في الفنون البصرية الحديثة. موروث شعبي وتؤكد القيمة الفنية والرئيسة لشركة «همزة» للاستشارة الإبداعية هند بن دميثان، أن الفنانين الناشئين يقدمون رؤية متجددة ومبتكرة للتعبير عن مورث القصص الشعبية، وينقلونها إلى لغة فنية معاصرة تعكس التحديات والتجارب الحالية، قد يتجلى هذا في استخدام تقنيات جديدة ومواد معاصرة في العمل الفني، بالإضافة إلى تفسير الرموز والموضوعات الشعبية بأساليب مبتكرة وشخصية، بما في ذلك الفن الرقمي والتركيبات وفن الأداء والعروض المتعددة الوسائط، هذا التفاعل الديناميكي بين الفن التقليدي والتعبير الفني المعاصر يعزز بالفعل الحوار الثقافي بين الثقافات ويشجع على استكشاف فني خارج القوالب المعتادة. شخصية محلية من جهتها، توضح الفنانة التشكيلية أمل الرميثي، أن اهتمام الفنان الإماراتي الناشئ بالحكايات الشعبية لم يكن أمراً عبثياً أو غير مدروس على الإطلاق تماماً كونها تعد جزءاً من ثقافة المجتمع والموروث الشعبي للإمارات، ويمكن اعتبارها إحدى القنوات الاجتماعية التي تسهم في تشكل البناء المجتمعي مثل النسقين السياسي والاقتصادي. وتجذرت الحكايات الشعبية في المنطقة منذ عصور والتي تمثلت على شكل أشعار ترددها الأم لوليدها، والقصص الشعبية ذات الطابع الخرافي وأخبار الغواصين ومغامراتهم وأهازيجهم التي تحكيها الجدات لأحفادهن، فكانت موجهة ومكثفة لبناء شخصية الفنان المحلي، الذي استقى من ذاكرته العديد من العناوين العريضة لمشروعات فنية ملهمة. مصدر إلهام من جانبها، تؤكد الفنانة التشكيلة هند راشد، أن القصص الشعبية مصدر إلهام قوي للفنانين والمصممين، فهذه القصص تحمل في طياتها عوالم سحرية وشخصيات غريبة وأحداثاً مشوقة، يستخدم الفنانون هذه العناصر في أعمالهم الفنية لإيصال رسائل وتعابير مختلفة، سواء كان ذلك في الرسم، النحت، الفنون التجسيمية، أو حتى في تصميم الأزياء والديكور. من خلال تجسيد الشخصيات والأحداث القصصية الشعبية، يتمكن الفنانون من إحياء ثقافة الشعب وتعزيز الانتماء الثقافي لدى الجمهور، فالقصص الشعبية تعكس تفاصيل حياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم، وبالتالي تشجع على الحفاظ على هذا التراث الثقافي القيم. روح الانتماء ويعتقد الفنان التشكيلي خالد البنا، بأن القصص الشعبية هي محور مهم من ذاكرة الفنان الإماراتي بوجه عام ولها دلالات كثيرة في مراحل زمنية مختلفة من حياه الفنان الناشئ، الذي بدأ يؤسس لحضوره وشعبيته على خارطة الفنون المحلية وكذلك العربية كنقطة انطلاقة إلى العالمية، وتعطي أعماله الشديدة التأثر بالجانب الشعبي في شخصيته إضاءات واضحة عن علاقته بالمكان وهويته التي تكمن في فعل الانتماء، وهو واقع الفنان الإماراتي الذي أنتج وما زال ينتج أعمالاً تستلهم روح الماضي برؤى المعاصرة وربطها بسرد لوني وقصصي أيضاً مفعم بالحنين والذكريات، كونه هو الملاذ الذي نتكئ عليه في لا وعينا وكل الإبداعات الإنسانية انطلقت من التراث والماضي. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :