الدراما السورية تدافع عن القضايا العربية وتحتضن النجوم العرب

  • 9/20/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

من أسباب نجاح وانتشار الدراما السورية وتسيدها المشهد العربي بشكل لافت في العقود الماضية، ليس جودتها فحسب، بل أيضا اشتباكها مع قضايا عربية وعدم اكتفائها بطرح المواضيع المحلية. وهو ما جعلها في شتى أنماطها، الاجتماعي والتاريخي وغيرهما، صوت العرب الذي يعبر عنهم، كما صارت صانعة النجوم بامتياز. إلياس أبو جراب دمشق - انطلاقا من إيمان سوريا بالقضايا العربية وسعيها الإنساني الدائم للوقوف إلى جانب الشعوب العربية ومساندتها ومناصرتها في مواجهة الاحتلال والاستعمار والإرهاب، عملت الدراما التلفزيونية السورية منذ سنوات على تجسيد وتكريس هذا الانتماء وهذه المساندة من خلال الإنتاج ومنذ تأسيس التلفزيون العربي السوري وحتى يومنا هذا. كانت البداية في هذا التمشي مع أول تمثيلية درامية “الغريب” عام 1960، التي قُدّمَت على الهواء مباشرةً بالأبيض والأسود، وتحدثت عن الثورة الجزائرية وبطولاتها وأمجادها، وهي من تمثيل ياسر أبوالجبين وبسام لطفي وثراء دبسي، ومن إخراج سليم قطايا. منذ الستينات تتالت الأعمال الدرامية عن هذه القضية كمسلسل “تمر حنة” 2001، من تأليف أحمد حامد وإخراج محمد فردوس أتاسي الذي تعمّق في تفاصيل ثورة الجزائر مبرزا دور المرأة في الحياة الوطنية بصورة المناضلة جميلة بوحيرد، وأيضا مسلسل “ذاكرة الجسد” 2010 المأخوذ عن رواية تحمل العنوان نفسه للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، وأعدت له السيناريو والحوار ريم حنا، وأخرجه نجدة إسماعيل أنزور، حيث يتحدث العمل عن رسام اسمه خالد فقد ذراعه أثناء الحرب التحريرية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي، ويقع في غرام فتاة جميلة، هي ابنة مناضل جزائري. قضايا عربية ◙ القضية الفلسطينية المركزية حاضرة دائما في أذهان ووجدان الكتّاب السوريين ◙ القضية الفلسطينية المركزية حاضرة دائما في أذهان ووجدان الكتّاب السوريين وبالنسبة إلى القضية الفلسطينية المركزية فهي دائمة الحضور في أذهان الكتّاب، والدراما السورية قدمت ولا تزال تقدم العديد من الأعمال، منها الباكورة التلفزيونية “عزالدين القسّام” 1981، تأليف أحمد دحبور وبطولة الفنان أسعد فضة، و”نهارات الدفلى” 1995، تأليف فواز عيد وإخراج محمد زاهر سليمان، و”التغريبة الفلسطينية” 2004، وفي العام نفسه مسلسل “عائد إلى حيفا” عن رواية الأديب الفلسطيني غسان كنفاني، إعداد سيناريو وحوار غسان نزال وإخراج باسل الخطيب، ومسلسل “الاجتياح” 2007، إخراج شوقي الماجري، و”سفر الحجارة” 2009، تأليف هاني السعدي وإخراج يوسف رزق، و”أنا القدس” 2010، تأليف تليد وباسل الخطيب وإخراج الأخير. وضمن السيرة الذاتية قدم السوريون مسلسل “في حضرة الغياب” عن الشاعر الفلسطيني محمود درويش 2011، تأليف حسن م يوسف وإخراج نجدة إسماعيل أنزور، و”حارس القدس” سيرة المطران السوري إيلاريون كبوجي 2020، تأليف حسن م يوسف أيضاً وإخراج باسل الخطيب. وتوجد أعمال تطرقت إلى المقاومة اللبنانية والفلسطينية، منها “رسائل الحب والحرب” 2007، تأليف أمل حنا وإخراج باسل الخطيب، حيث يوضح العمل قسوة رسائل الحرب من الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وحصار بيروت ووحشية مجازر صبرا وشاتيلا وسقوط الضحايا الأبرياء، وصولاً إلى العدوان الصهيوني في يوليو 2006. وأيضاً مسلسل “البقعة السوداء” 2010، تأليف خلدون قتلان وإخراج رضوان المحاميد، وتطرق العمل إلى الحياة الاجتماعية في دمشق أثناء حرب لبنان ومساعدة الجيش العربي السوري وانعكاس ذلك على الحياة الاجتماعية الدمشقية. ◙ الدراما السورية قامت بطرح القضايا العربية ومعالجتها كمضامين، كما احتضنت أيضا مساهمات النجوم العرب فيها وهناك مسلسلات تحدثت عن الجولان السوري المحتل، من بينها “رجال الحسم” 2010، تأليف فايز بشير وإخراج نجدة إسماعيل أنزور، حيث تحدث عن نكسة حزيران 1967 وجرائم الاحتلال الإسرائيلي، ويحكي قصة المدرس فارس الذي شارك في الحرب دفاعاً عن الجولان وعاد إلى قريته ليكتشف استشهاد أمه وأخيه فقرر الانتقام لهما بتنفيذ عملية فدائية في الأراضي المحتلة، حيث سافر إلى ألمانيا وبحث وكشف عن أسرار تتعلق بالموساد ليفيد وطنه الأم. أما الملف العراقي فتناولته مسلسلات سورية عديدة منها “خبر عاجل” 2007، تأليف بسام جنيد وإخراج غزوان بريجان، ويحكي عن دور الصحافة والإعلام في مكافحة الفساد، واستشهاد العديد من الإعلاميين أثناء الغزو الأميركي للعراق عام 2003. وأيضاً اللجوء العراقي إلى سوريا من خلال مسلسل “هدوء نسبي” 2009، حيث تطرق إلى موضوع مشابه ورصد سفر مجموعة من الإعلاميين إلى العراق قبيل الغزو الأميركي بعشرة أيام، ما اضطرهم إلى البقاء هناك لمدة شهر قبل العودة إلى بلادهم لينقل كل شخص منهم تفاصيل ما رآه. ولم تكتف الدراما السورية بالقضايا الحديثة والمعاصرة بل تناولت الكثير من القضايا الوطنية التاريخية، وضمن مقاومة الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي أنتجت مسلسلات مثل “أبوكامل” بجزأيه 1991 و1993، تأليف الدكتور فؤاد شربجي وإخراج الراحل علاء الدين كوكش، حيث طرحت فيهما فترة الاستعمار الفرنسي والبيئة الشامية وحكايات جانبية عن الوطنيين والمقاومة وطمع البعض في المناصب. وهناك أيضاً أعمال ملحمية تاريخية وطنية، من بينها “أخوة التراب” بجزأيه 1996 و1998، قصة وسيناريو وحوار حسن م يوسف وإخراج الأول نجدة إسماعيل أنزور، والثاني شوقي الماجري، حيث تناولا أحداث الثورة العربية ضد الاحتلال العثماني إلى حين سقوطه وبدء الاستعمار الفرنسي لسوريا، وغير ذلك من الأعمال التي نالت شهرة عربية واسعة. ولاحقا تطرقت أغلب مسلسلات البيئة الشامية إلى موضوع مواجهة الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي بإبراز دور أهالي الحارات وتعاونهم مع رجال الثورة، لكنها وقعت في التشابه وتكرار المضامين والنجوم واتباع أسلوب الأجزاء، ما أفقدها بريقها، وأبرزها سلسلة “باب الحارة”. على صعيد الوحدة العربية تعمقت الكثير من الأعمال في طرح ذلك، من بينها “خان الحرير” بجزأيه 1996 و1998، تأليف نهاد سيريس، حيث دارت أحداث العمل في سوق حلبية وتطرقت إلى رغبة الشعب في الوحدة خلال الخمسينيات وتحقيقها، ثم الصعوبات التي أدت إلى الانفصال. صانعة النجوم ◙ الدراما السورية تطرح بجرأة قضايا الإرهاب ومواجهته كما تنخرط في هموم الشعوب العربية ◙ الدراما السورية تطرح بجرأة قضايا الإرهاب ومواجهته كما تنخرط في هموم الشعوب العربية وأيضاً مسلسل “حمام القيشاني”، وهو أول مسلسل طويل آنذاك بخمسة أجزاء (من 1994 حتى 2003)، تأليف دياب عيد وإخراج الراحل هاني الروماني. وتعمق العمل في فترة الاستعمار الفرنسي وقصف البرلمان مروراً بعيد الجلاء وحرب فلسطين وأفول أحزاب وولادة أخرى، ثم الوحدة السورية – المصرية. وأيضاً مسلسل “ملح الحياة” 2011، تأليف حسن م يوسف وإخراج أيمن زيدان وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، وقد رصد المظاهرات ضد الاستعمار الفرنسي مروراً بالاستقلال وما بعده حتى 1958. ونتيجة للمعاناة اضطر العرب إلى الهجرة واللجوء، وأغلبهم استقروا في دمشق، فطرح مسلسل “سحابة صيف” 2009 موضوع المهجرين من الإخوة الفلسطينيين والعراقيين والسوريين الجولانيين وعيشهم المشترك. وتطرح الدراما السورية بجرأة قضايا الإرهاب ومواجهته كما تنخرط في هموم الشعوب العربية من خلال أعمال متنوعة تناولت القضايا العربية من زوايا مختلفة، تاريخية واجتماعية وسياسية، وغير ذلك من الميزات التي ساهمت في تصدر الدراما السورية الساحة العربية. ◙ إصرار الدراما السورية على المحتويات الهادفة وغنى الكادر البشري جعلها تتربع على عرش الدراما العربية وتنافس غيرها من عدة نواح لم تكتفِ الدراما السورية بطرح القضايا العربية ومعالجتها كمضامين بل احتضنت أيضا مساهمات النجوم العرب في إنتاجها، من شركات إنتاج عربية ومخرجين وممثلين من الوطن العربي، ليس في الدراما التاريخية والبدوية فقط لتطلبهما ذلك، وإنما في المضامين الاجتماعية والكوميدية أيضاً، واستمروا فيها عبر الزمن. من لبنان كان نجومها أحمد الزين وبيير داغر ورفيق علي أحمد وماغي بوغصن وآخرون، ومن الأردن نضال ووائل نجم وصبا مبارك ومنذر رياحنة والراحل ياسر المصري وغيرهم، ومن فلسطين الراحل عبدالرحمن أبوالقاسم وحسن عويتي وتيسير إدريس وأحمد رافع وابنه الشهيد محمد رافع وشكران مرتجى وعبدالمنعم عمايري والراحل يوسف حنا وولداه الممثل المخرج رامي حنا والكاتبة ريم حنا. كما نجد السيناريست تليد الخطيب وشقيقه المخرج باسل الخطيب والكاتب هاني السعدي وبنتيه روعة وريم، ومن العراق أيمن رضا، ومن السودان الراحل ياسر عبداللطيف، ومن المغرب محمد مفتاح، ومن تونس المخرج الراحل شوقي الماجري، ومن الجزائر أمل بوشوشة. ويمكن القول إن إصرار الدراما السورية على المحتويات الهادفة وغنى الكادر البشري جعلها تتربع على عرش الدراما العربية وتنافس غيرها من عدة نواح وتحصد جماهيرية عالية، وتبقى دائمة العرض على القنوات الفضائية العربية لتتسنى لجميع الأجيال مشاهدتها، ومنها ما تُرجم إلى لغات أخرى ووصل إلى العالمية.

مشاركة :