ناشد البطريرك الماروني بشارة الراعي الرئيس اللبناني ميشال سليمان بالقول: «فخامة الرئيس، أنت وحدك أقسمت أمام البرلمان يمين الإخلاص للوطن اللبناني والدستور (المادة 50 من الدستور)، وأنت نفسك أعلنت عزمك أكثر من مرة على تسليم الوديعة للرئيس الجديد المنتخب قبل 25 أيار (مايو) المقبل. نرجو من حكمتك ألا تسمح بشطر الاستحقاق الرئاسي، لأنه سيكون، إذا حصل لا سمح الله، قتلاً للبنان، فشطر الرئاسة هو بمثابة قطع الرأس عن الجسد». ترأس البطريرك الراعي قداس رأس السنة في كنيسة السيدة في بكركي، في حضور سفير لبنان في الفاتيكان جورج خوري، النائب السابق ميشال خوري وحشد من الفاعليات والمؤمنين. وألقى عظة هنأ فيها «كل إخواننا في المواطنة من مختلف الأديان، في لبنان والشرق الأوسط وبلدان الانتشار في العام الجديد 2014، ملتمسين أن تكون السنة الجديدة الطالعة سنة أخوة وسلام، وفق رغبة البابا، وسنة استقرار ونهاية للحروب والنزاعات وممارسات العنف والإرهاب». وقال: «لا بد من أن يؤدي الخلاص الروحي والخلاص الاجتماعي إلى الخلاصِ الوطني من كل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية. شعبُنا الذي يتحمل بصبر وخلقية كل هذه الأزمات، إنما يستحق حقاً خلاصه الوطني والسلام الدائم والعادل والشامل. إننا نحيي كل ذوي الإرادات الحسنة الذين في المجالات السياسية والمالية والاقتصادية والأمنية يعملون من أجل توفير هذا الخلاص الوطني والسلام في البلاد». وأضاف: «في المناسبة نهنئ الدولة اللبنانية والجيش على الهبة الكريمة والمشكورة من خادم الحرمين الشريفين عاهلِ المملكة العربية السعودية الملك عبدالله بن عبد العزيز، المخصصة للجيش اللبناني لتقوية قدراته الدفاعية، وهذا بفضل تضحيات الجيش ووحدته وصموده وشهدائه وحكمة قادته، وبنتيجة مساعي فخامة رئيس الجمهورية في إعلاء شأن لبنان لدى الأسرتين العربية والدولية. ونود أيضاً تقدير الوعد من الدولة الفرنسية، بشخص رئيسها السيد فرنسوا هولاند، بأنها ستتعاطى إيجاباً مع أسعار السلاح، ما يرفع قيمة الهبة». وزاد: «لا يسعنا في المناسبة إلا أن نشكر الدعم الدولي للبنان الذي أعلنت عنه الدول الخمس الكبرى في عضوية مجلس الأمن، في أيلول (سبتمبر) الماضي، وما زالت تعمل في سبيله». وأمل الراعي «مع الشعب اللبناني بأن تكون المبادرة السعودية فاتحة مبادرات سياسية تساعد على التفاهم بين الفريقين السياسيين المتنازعين للخروج من أزمة الحكومة بالتوافق من أجل ضمان نجاحها في تأمين مصلحة البلاد والمواطنين، وفي معالجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية المُقلقة، وبخاصة في إعداد الاستحقاق الرئاسي بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في موعده الدستوري. ونرجو أن تستــحث هذه المبادرة السياسيين اللبنانيين على التضحية والتجرد في سبيل حماية لبنان بكيانه ومؤسساته، وبخاصة رئاسة الجمهورية التي تجب حماية استحقاقها من أي انتكاسة بسبب الخلاف القائم حول صيغة الحكومة الجديدة، فالاستحقاق الرئاسي هو الأساس والجوهر، وهو باب خلاصنا الوطني». وبعد القداس، استقبل الراعي في صالون الصرح المشاركين الذين قدموا التهاني بالأعياد، وفي مقدمهم وزير الداخلية مروان شربل. وكانت مناسبة لعرض المستجدات على الساحة الداخلية إضافة إلى الأوضاع الأمنية السائدة في البلاد. نقض للحضارة المسيحية والإسلامية أما رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، فأشار خلال قداس رأس السنة على نية السلام العالمي إلى أن «تفتيت الشرق إلى مذاهب متناحرة ليس سوى انتحار جماعي أكيد، وهو نقض للحضارة المسيحية والإسلامية المتلاقيتين في الحضارة العربية التي يسجل لها على العالم فضل كبير»، لافتاً إلى أن «الأثمان المدفوعة جراء هذا الخطأ التاريخي الرهيب تتــمثل بمئات الآلاف من القتلى، وبالملايين ممن صاروا مشردين في بلدانهم أو على أبواب الله الواسعة، وبالخراب الاقتصادي والاجتماعي الذي يغذي الأحقاد في القلوب إلى حد تلاشيها»، متسائلاً: «هل هذه الأثمان لا تكــفي للإقرار بأننا مخــطئون وبــأن علينا العودة عن هذا الخطأ الفادح لنفتدي المستقبل ونعيد فيه الأخوة إلى دعوتها الأولى؟». وقال مطر: «الوطن للجميع وللجميع كلمة يجب أن تسمع، إذ ذاك نضمن مصلحة الوطن الواحد ونصون المصير اللبناني الأوحد للجميع، لهذا فإن الحوار يبقى الوسيلة الوحيدة لتخطي هذا الانقسام الرهيب، الذي ليس فيه خدمة لأحد ولا للبنان، على أن يكون هذا الحوار صريحاً إلى آخر حدود الصراحة لأنها حدود تلامس حدود الأخوة الجامعة والوطن الواحد»، لافتاً إلى «أننا نطلب منكم سلاماً للبنان أيها المسؤولون وكرامة للوطن وضمانة المواطنين، وكونوا على ثقة بأن أي لبنان آخر غير لبنان الذي صنعنا وصنعتم، لن يكون أبقى ولا أجمل ولا صاحب قيمة عالية بقدر ما لهذا الوطن من قيمة أمام الله والناس». وقال: «لتكن هذه السنة باستحقاقاتها الدستورية كلها، أي بتأليف حكومة تضمن مصالح الشعب، وانتخاب رئيس للجمهورية يضمن استمرار الوطن، سنة انطلاقة جديدة لسلام لبنان وخير بنيه».
مشاركة :