بعيدًا عن التصنيفات العالمية للجامعات وأكبر المدن وخطوط الطيران وتصنيف الفيفا العالمي وعدد السياح وأطوال البنايات والمزيد من التصنيفات في مختلف مناحي الحياة، هذه التصنيفات جاءت بناءً على معايير دولية مختلفة، وربما تختلف تلك المعايير وفي التصنيف نفسه كما في تصنيف الجامعات العالمية، أتساءل هل لدينا تصنيف محلي للجامعات السعودية في القطاعين العام والخاص؟ مفهوم التصنيف شبه متفق عليه وهو عبارة عن عملية تمييز الأشياء بعضها عن بعض وترتبينها وتقسيمها وفق تشابهها إلى مجموعات وفق معايير. الناس يختلفون من حيث المعتقدات والديانات والمناهج والأفكار، ويختلفون من حيث المستويات العلمية والبحثية، وكذلك يختلفون من حيث المهن والتخصصات وبالأصح الناس معادن، وكما يقال ليس كل ما يلمع ذهب. هذا القول يعجبني حين يطبق على أرض الواقع في تفاصيل الحياة، نصادف في الدنيا أناسًا مختلفة صفاتهم وأسلوبهم ومميزاتهم كل إنسان له صفة وميزة معينة ومختلفة عن الآخرين. من الصعب أن يغير الإنسان معدنه، فالمعادن لها خاصية غير قابلة للتغير. من معادن الناس الهادئون والبسيطون، المترددون، الباردون والبطيؤون، المعارضون، القساة، النرجسيون، الفوضويون، العاقون، الكريمون، البخلاء، المزاجيون، المتكبرون والإنسان العصبي. الإنسان الحصيف هو ذلك الإنسان الذي يعرف كيف يتعامل مع الآخر يحسب تصنيفه، وهذه قاعدة أتبعها في علاقاتي مع من حولي من الناس. كما ذكرت الناس معادن لكن المعادن تتفاوت من حيث الجودة، فقد يكون ذهباً خالصاً، وقد يكون ذهباً مشوباً، وكذلك الفضة فهي وإن كانت دون الذهب إلا أنها من أنفس المعادن أيضاً، وهي متفاوتة في نفسها. لماذا السفر يكشف معادن الناس؟ إن السفر ما سمي سفراً إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ويبين معادن الناس ولذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا شهد عنده رجل لرجل قال هل سافرت معه؟ هل عاملته بالدينار والدرهم؟ فإن قال نعم قبل منه وإن قال لا قال لا علم لك به. ليس من الدين وليس من الحكمة أن تصنف الناس بحسب أنسابهم وعائلاتهم، فالناس سواسية وإن اختلفوا في ألوانهم ولغتهم. اشتهرت عبارة (الدين المعاملة) بين الناس حتى ظنّوا أنّها حديث، ولكنها ليست حديثًا، وقد صحّ أنّه لا أصل لها، ولكنها صحيحة من حيث المعنى، إلّا أنّه يجب التنبيه على أنّ الدين المعاملة اشتهرت قياساً على وزن قوله -عليه الصلاة والسلام-: (الدين النصيحة). المعاملة الحسنة بين الناس هي قمة الدين المعاملة. إن أحد أنجح الأدوية لعدم تصنيف الناس هو التسامح، لا شيء يطهر ذكريات الناس والعائلات بعد تشتتها وانقسامها كالتسامح، والابتعاد عن التصنيف بحسب الأهواء. لقد سجن نيلسون مانديلا سبعة وعشرين عاماً، لا لشيء إلا لمطالبته بأن يساوي الأسود بالأبيض وألا يعتبر الإفريقي نصف إنسان في أرض آبائه وأجداده. إن داء الحكم على الآخرين داء عضال ساهم في تصنيف الناس إلى فئات متعددة دون معاملة وهذا خطأ يقع فيه الكثير.
مشاركة :