التشاؤم هو التطير، وهو حالة نفسيّة تستند على اليأس والنّظر إلى الأمور بمنظار سوداوي، كالاعتقاد بأن الأمور تسير على غير ما يرام، وعكسه التفاؤل، والتطير قديم الوجود في الأمم، فكان العرب في الجاهلية يتطيرون، فإذا هم أحدُهم للقيام بأمر ما، قصد عش الطائر، فيطلقه ليطير، فإن اتجه إلى اليمين سار الجاهلي في أمره، وإن طار الطائر إلى جهة اليسار تشاءم به ورجع عن أمره. وعندما جاء الإسلام نهى عن التطير، ولكن هناك أناسا لا يزالون يتطيرون، فمنهم من يتشاءم من رؤية القط الأسود، وآخرون يتشاءمون من صوت البوم والغراب، كما أن البعض يتشاءم من رؤية الأعور والأعرج، وهناك من يتشاءم من يوم الأربعاء، وآخرون يتشاءمون من عقد النكاح في شهر شوال، وآخرون ينهون عن تشبيك الأصابع أثناء قراءة عقد القران في حفل الزواجات، وقد أخبرنا الله -تعالى- أن قوم صالح تشاءموا بصالح -عليه السلام-، وكذلك فرعون وقومه تطيروا بموسى -عليه السلام-: «فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ»، وقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عنه، وحث على التفاؤل، وجاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر». التطير موجود عند معظم الأمم، ونجد أن الكثير من الغربيين يتشاءمون من المرور تحت أي سلم خشبي، والسبب في ذلك يرجع الى القرون الوسطى حين كانت عمليات الإعدام في أوروبا تنفذ باستخدام سلم خشبي مستند إلى الحائط، والكثير من الغربيين اليوم يتطيرون بالرقم (13)، ويعتبرونه رقماً مشؤوماً، ولا يرغبون الارتباط به، ويتجنبونه في منازلهم وفي غرف الفنادق، ولا يتناولون الطعام على مائدة يجلس عليها ثلاثة عشر شخصاً، لأنهم يعتقدون بارتباط هذا الرقم بـ (يهوذا) الخائن، الذى خان المسيح -عليه السلام- في قصة العشاء الأخير، إذ كان ترتيبه الثالث عشر من الأشخاص المدعوين، إلا أن الأقدار حتمت عليهم وضع الرقم (13) على علم أقوى دولهم، فالعلم الأمريكي يضم (13) من الخطوط الحمراء والبيضاء، يرمزون إلى عدد الولايات الأمريكية التي كونت الاتحاد عند إعلان الاستقلال عن بريطانيا العظمى، وبعد البحث عن الرقم (13) وجدت أن التشاؤم من هذا الرقم في الغرب يرجع إلى الاسكندنافيين الذين كانوا يعقدون حبل المشنقة بـ 13 عقدة، كما يعتقد بعض الغربيين أن سبب هذا التشاؤم يعود إلى بداية التاريخ عندما أكل آدم -عليه السلام- التفاحة في يوم الجمعة الذي صادف 13 من الشهر كما يزعمون. ويعتقد آخرون أن قابيل قتل أخاه هابيل في 13 من الشهر، كما يقال إن الولايات المتحدة لا تحرك أي من سفنها الحربية في هذا اليوم من الشهر، حتى ناطحات السحاب والفنادق في الولايات المتحدة لا تستخدم الرقم 13 في الترقيم، بل يقفزون من رقم 12 إلى رقم 14، وأحياناً يستبدل الرقم 13 برقم (A12)، وفي بعض المستشفيات لا توجد غرفة تحمل هذا الرقم، وما زاد الطين بلة، أنه في عام 1970م انطلق (ابولو ) 13 في تمام الساعة 13 و13 دقيقة، في يوم الجمعة 13، ثم وقع انفجار في المحرك؛ وهذا زاد من ترسيخ هذا النوع من (الفوبيا) وجعله عقدة ملازمة للعقل الغربي، ولكن الغريب في الأمر هو أنك لو تمعنت في الدولار الأمريكي لوجدت أن الرقم (13) في كل رموزه، فالهرم الموجود على الدولار يتكون من (13) درجة، وأوراق غصن الزيتون عددها (13) ورقة، وكذلك ستجد (13) خطاً على الدرع في وسط الدولار، و13 سهما في جانب الدولار، و13 نجمة فوق النسر، و13 حرفا في الكلمة المكتوبة على الدولار، ومؤخراً قالت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) إن هناك 13 برجاً بدلا عن 12 برجا المعروفة، وقالت إن البرج الثالث عشر هو (برج الأخطبوط)، وربما يأتي من يقول إن هذا التشاؤم الغربي له علاقة -أيضاً- بحرارة الشمس التي تبلغ (13) مليون درجة مئوية في مركزها.
مشاركة :