لم تكن ظاهرة التشاؤم في حياة الإنسان إلا نتيجة لتفاعل عوامل حضارية واجتماعية أحاطت بالفرد، فأثرت في ثقافته وفهمه وتركيبه النفسي والفكري، وعملت في نهاية المطاف على تشكيل شخصيته وصنع سلوكه وعلاقته مع نفسه ومع العالم والمجتمع المحيط به. فهناك من يتشاءم حين يرى قطة سوداء أو طائر الغراب أو بومة، ويخشى القيام بأي عمل خوفًا من حدوث مكروه له، بل وصل الأمر إلى التشاؤم من الأرقام أيضًا، حيث إن الرقم 13 أصبح شؤمًا لكثير من الناس حول العالم. وفيما يلي يقدم «المصري لايت» أسباب التشاؤم من الرقم 13:No Title No Description يقول الدكتور إبراهيم مجدي حسين، استشاري الطب النفسي، جامعة عين شمس، لـ«المصري لايت»: «إن التشاؤم عامة كان موجودًا في عصر الفراعنة حيث كانوا يتشاءمون من قتل القطط، كما أن العرب أيضًا كانوا يتشاءمون من الغربان والبوم». وأرجع أسباب التشاؤم من الرقم 13 إلى توارث الأجيال هذا التشاؤم دون أن يصيبهم سوء يؤدي للتشاؤم من هذا الرقم، بل هو تشاؤم يتوارث من جيل إلى جيل حتى يصبح ظاهرة خطيرة لا أساس لها، وأكد أن الثقة بالله عز وجل وطرد الهواجس النفسية هما الحل للتخلص من فوبيا التشاؤم عامة، سواء من الرقم 13 أو غيره، واستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: «من ردّته الطيرة من حاجة فقد أشرك»، فقالوا: يا رسول الله، ما كفارة ذلك؟ قال: «أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك». والطيرة هنا في الحديث الشريف هي التشاؤم. ويعتبر الكثيرون في أوروبا وأمريكا الرقم 13 رقمًا مشؤومًا، ولذا لا يرغب بعضهم أن يرتبط هذا الرقم بأي شيء يخصهم، فهم يتجنبون أن يكون رقم منزلهم 13، أو رقم غرفتهم 13 في الفندق أو المكان الذي يسكنون فيه، ولا يرغبون في تناول الطعام على مائدة عليها ثلاثة عشر شخصًا؛ وفقًا لما جاء بموقع elaph.com. الخوف من الرقم 13 (باللاتينية ديكتروفوبيا وأصلها من الإغريقية: τρεισκαιδέκα) هو خوف غير عقلاني من الرقم 13، وتعتبر خرافة انبثقت من الخوف من الجمعة الثالث عشر. ومصدر التشاؤم من الرقم 13 يرجع إلى السريان، (وهم سليلة حضارة سوريا والشام وبلاد ما بين النهرين)، فقد كانوا في بداية المسيحية يستعملون القوى العددية للأرقام، وبما أن يوم الأحد هو يوم الراحة الأسبوعية، فلا يجوز العمل فيه، بل يُكرَّس للعبادة، فكان السريان يعتقدون أن مَن يعمل يوم الأحد سيصيبه الشؤم والحزن ولن يُوفَّق في عمله في هذا اليوم، لأن غضب الله سيحلّ عليه، والقوة العددية ليوم الأحد هي 13، حيث إن الألف رقم واحد والحاء رقم 8 والدال رقم 4، (وفقًا لترتيب الحروف باللغة الإنجليزية)، وبذلك يكون مجموع القوى العددية ليوم الأحد 13. ويقال إن روما القديمة كانت تجتمع فيها الساحرات في مجموعات تضم 12، أمّا الرقم 13 فهو الشيطان، والإسكندنافيون القدماء كانوا يعقدون حبل المشنقة 13 عقدة. وفي القرن التاسع عشر، كانت شركة لويدز للتأمين البحري في لندن ترفض تأمين أي سفينة تبحر يوم جمعة يوافق 13 من أي شهر، وفقًا لما جاء بموقع elkhabar.com.No Title No Description والخوف من مصادفة تاريخ 13 يوم جمعة ليس اعتياديًّا، بل هو مرض اسمه «باراسكافيدكاتريافوبيا» ويعانيه في الولايات المتحدة وحدها 21 مليون شخص؛ ويقوم علماء النفس بمعالجته، يقول الطبيب دونالد دوسي، إن العوارض التي تصيب 21 مليون أمريكيًّا في مثل هذا اليوم تتراوح بين التوتر الخفيف والاضطراب والإحساس القوي بالتشاؤم والذّعر. والبعض لا يترك سريره أو يغادر منزله، في حين يقوم آخرون بكل أنواع الطقوس لصد تأثيرات هذا اليوم، وكثيرًا ما تظهر العوارض قبل أسبوعين من الموعد وتزداد سوءًا مع اقترابه وتختفي بمجرد انقضائه. ومن أمثلة المشاهير الذين سيطرت عليهم خرافة «الجمعة 13»، القائد الفرنسي الكبير، نابليون بونابرت، الذي رسخ قواعد الدولة الفرنسية بعد الثورة الفرنسية، وبنى إمبراطوريتها وغزا الشرق، فكان هذا البطل المغوار يصيبه الفزع من رهاب الرقم 13. ومن القصص الغريبة والمأساوية التي حدثت في التاريخ وأدت إلى تأصيل التشاؤم من الرقم 13، قصّة تقول: «إن البحرية البريطانية أرادت ذات مرة في القرن الـ18 أن تمحو رهاب الثالث عشر (الجمعة 13) من نفسيات وعقول الشعب البريطاني، فأطلقت رحلة بحرية في هذه الليلة تحديدًا وسميت الرحلة برحلة (الجمعة 13)، حتى إنهم اختاروا بحّارًا يسمى جيمس فرايداي للإبحار بها، وكانت المفاجأة الكبرى والفجيعة غير المتوقعة أن اختفت السفينة في ظروف غامضة»، بحسب موقع «عربي 21». وهناك أحداث واقعية تشترك في تاريخ «الجمعة 13»، وربّما زادت في غموض هذه الخرافة، التي سيطرت على عقول قادة ومشاهير غربيين، منها تحطم طائرة «الإنديز» الرحلة 571 لسلاح الجو «الأوروجوياني»، في الجمعة، الثالث عشر من أكتوبر 1972. وإعصار «تشارلي» الذي بلغ اليابسة في جنوب فلوريدا في الجمعة الثالث عشر من أغسطس 2004. كذلك الإعصار الذي ضرب «بوفالو»، بنيويورك، في الجمعة، الثالث عشر من أكتوبر 2006، وفقًا لما جاء بموقع elaph.com. وحسبما جاء بموقع elkhabar.com، يقول الدكتور مارتين لوثركينغ: «إنّ أكبر حاجات الإنسان هو أن يجعل نفسه فوق مستنقع الدّعايات الكاذبة، فالأشخاص المصابون بالأمراض والضّعف النّفسي يستسلمون بسرعة للخرافات، ويظلّون في حالة قلق وخوف دائم، يخافون من يوم الثالث عشر من الشّهر، ومن القطة السوداء التي تضع يديها فوق بعض على شكل صليب. ولقد لاحظتُ شخصيًا عندما كنت في مصعد كهربائي في فندق كبير بنيويورك أن الفندق ليس فيه طابق برقم 13، بل يوجد طابق 14 بعد طابق 12، فسألتُ موظف المصعد عن السبب فأجاب بأن هذه العادة متّبعة في معظم الفنادق، لأنّ عددًا كبيرًا من النُّزلاء يخافون الإقامة في الطابق الـ13.No Title No Description
مشاركة :