تركيا تدير ظهرها لاخوان مصر لتسريع وتيرة مصالحة متعثرة

  • 10/3/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أنقرة - ألقت السلطات التركية القبض على زوجة الإخواني هشام عبد الله الهارب في تركيا، في خطوة جديدة يشتكي الإخوان من أنها مؤشر على تخلي تركيا عنهم للتقارب مصر وتأكيد التزامها بالمصالحة معها. ونشر عبدالله سلسلة تدوينات على حسابه في موقع تويتر قائلا أنه تم اعتقال زوجته غادة نجيب من المنزل لأسباب سياسية، واشتكى من تعامل السلطات التركية القاسي والمهين بحق زوجته. واعتبر عبدالله أن تركيا غدرت به وبعائلته بعد أن أعطتهم الأمان. ولا تختلف لغة عبدالله في الحديث عن الغدر التركي عن لغة الكثير من القيادات الإخوانية التي لجأت إلى تركيا واستعملها الرئيس رجب أردوغان كورقة ابتزاز سياسي لمصر، قبل أن يكتشف أنها ورقة غير مجدية ومن الأفضل التخلص منها لأن لا مصلحة لتركيا في المضي في سياسة استعداء دول المنطقة وخسارة علاقات التعاون السياسي والاقتصادي خصوصا مع مصر. ومنذ أشهر يشتكي الإخوان من المعاملة التركية المسيئة لهم، وقبل فترة تم تداول قصيدة لإخواني مغمور يدعى أحمد بن راشد بن سعيد على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “لصالح من تطردون الجميع”، لقيت سخرية واسعة من تبدل مواقف الإخوان، بعد أن كانوا من أبرز المؤيدين لأردوغان وحزب هالعدالة والتنمية ضد خصومه. ولم يتضح سبب إلقاء القبض على نجيب، إلا أنه صدر حكم في مصر عام 2016 بحق عبد الله وزوجته بالسجن خمس سنوات، في القضية المعروفة بـ"إعلام الإخوان". وتزوجت غادة نجيب من هشام عبد الله في 13 مارس 1999، وكانت تعيش في منطقة العمرانية بمحافظة الجيزة قبل أن تهرب هي وزوجها إلى تركيا بعد ثورة 30 يونيو 2013. وفي عام 2016، أصدر النائب العام المصري قرارًا بالموافقة على وضع كل من الفنان هشام عبد الله وزوجته غادة نجيب على قوائم انتظار الوصول إلى الأراضي المصرية. ويقول متابعون أنه من المحتمل أن يكون توقيف نجيب تمهيدا لترحيلها إلى مصر، فبعد التصريحات التركية الأخيرة ومحاولات التقارب مع مصر وفتح صفحة جديدة في العلاقات، يخشى قيادات جماعة الإخوان من تداعيات المصالحة وما قد ينجم عنها من تسليم بعض عناصرهم للقاهرة. وبعد أيام من الإعلان رسميا عن إعادة العلاقات بين مصر وتركيا ورفع علاقاتهما الدبلوماسية لمستوى السفراء، فرضت تركيا قيودا جديدة على أنشطة جماعة الإخوان وعناصرها المقيمين في الأراضي التركية. وشنت السلطات التركية حملة مداهمات واسعة النطاق على عناصر الإخوان المقيمين في البلاد، وقامت باحتجاز من لا يحمل أية هوية أو إقامة أو جنسية، كما طلبت البعض مغادرة أراضيها. وأكدت المصادر أن السلطات التركية فرضت قيودا مشددة على عناصر الجماعة وطالبتهم بعدم نشر أي أخبار مسيئة أو تدوينات أو تغريدات تنتقد النظام في مصر، أو الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهددت المخالفين لتعليماتها بالمغادرة فورا والترحيل من البلاد. وأكد قادة الإخوان للمسؤولين الأتراك أنهم سيلتزمون بعدم ممارسة أية أنشطة ضد مصر من الأراضي التركية وحتى خروجهم منها، منعا وتجنبا لأي مشكلات قد تؤثر على التقارب المصري التركي، وحفاظا على مصالح أنقرة التي ساندتهم وفتحت أبوابها لهم طيلة 10 سنوات كاملة. ويواجه الكثير من المنضمين للجماعة والموالين لهم المقيمين في تركيا، أزمة تتمثل في عدم وجود أوراق ثبوتية معهم، خاصة بعد انتهاء صلاحية جوازات سفرهم المصرية، وعدم حصولهم على أوراق ثبوتية وهوية في تركيا. وأدت هذه المشكلة لوجود حالات كثيرة لا تستطيع إثباث قيد المواليد الجدد أو إثبات الزواج، كما لا يستطيعون الانتقال إلى بلدان أخرى للإقامة فيها كملاذات آمنة أو استئجار سكن أو التعامل مع البنوك والجهات الحكومية. وقد أسفرت اجتماعات قيادات الإخوان للتباحث حول التقارب التركي المصري إلى الاتفاق على تأمين المدانين بأحكام قضائية بالإعدام أو المؤبد وذلك بتوفير ملاذات أخرى آمنة خارج تركيا، في دول لا ترتبط مع مصر باتفاقيات لتبادل المجرمين. أما المدانون بأحكام بسيطة تتراوح بين 3 و7 سنوات، فيجري التنسيق مع السلطات التركية لمنحهم إقامة مؤقتة. وسبق أن كشف عاصم عبد الماجد، القيادي الإخواني الهارب إلى تركيا، تفاصيل عن استعدادات جناح من الجماعة وخططه للمواجهة تحسبا لغدر السلطات التركية والرئيس أردوغان الذي اتهم قيادات إخوانية أخرى بالخيانة والغدر، معلنا عن تحالفهم السري مع حزب السعادة التركي المحسوب على جماعة الإخوان لإسقاط أردوغان. وكان عبد الماجد الذي يعتبر محسوبا على الجماعة وأحد مؤسسي حركة تجرد الداعمة للإخوان إبان حكمهم لمصر، أكد سابقا أن الإخوان تحالفوا مع حزب السعادة، ما أدى إلى سقوط مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة أردوغان خلال الانتخابات البلدية التي جرت عام 2019 في أنقرة واسطنبول وأزمير وأنطاليا، حيث خاض الحزب الانتخابات بمرشحين كانت فرصهم في الفوز منعدمة، من أجل تفتيت أصوات الإسلاميين، وإخلاء الساحة لمرشحي المعارضة للتفوق واكتساح الانتخابات. ورفضت السلطات التركية منح الجنسية لوجدي غنيم الداعية الإخواني المصري المدرج في قوائم الإرهاب في مصر. وقال غنيم في فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقا على الرفض، إنه رغم فرحته وسعادته بفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بولاية رئاسية جديدة لمدة خمس سنوات، فإنه حزين بسبب رفض أنقرة منحه الجنسية. وأضاف أنه تقدم بطلب للحصول على الإقامة والجنسية منذ 9 سنوات على أمل أن يسمح له بحرية الحركة والتنقل والحصول على العلاج في تركيا. وذكر أنه فوجئ برد الحكومة بالرفض، وذلك قبل ساعات من إعلان فوز أردوغان. وأفاد بأنه يبحث عن بلاد جديدة تؤويه بعدما بات لا يستطيع العيش والإقامة في تركيا. في الإطار ذاته، رفضت السلطات التركية منح الجنسية لنحو 12 عنصرا إخوانيا آخرين، كما بدأت في دراسة إمكانية نزع الجنسية من نصر الدين غزلاني ومجدي سالم، اللذين سبق أن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، إدراجهما بقوائم الإرهاب لصلاتهما بتنظيم القاعدة. واتهمت واشنطن من قبل مجدي سالم، وهو محامٍ مصري مقيم في تركيا بكونه أحد الميسرين الأساسيين لمجموعة من أنشطة القاعدة، كما اتهمت محمد نصر الدين الغزلاني، وهو مصري يعمل خبيراً في تيسير أمور التنظيم باستخدام التحويلات النقدية لدعم القاعدة، وتوفير الأموال وتحويلها لحسابات عائلات أعضاء التنظيم المسجونين. وكان غزلاني قد دِين بالإعدام في قضية أحداث كرداسة التي وقعت في مصر العام 2013، كما كان أحد المتورطين في قضية خان الخليلي في التسعينيات، وانضم لتنظيم طلائع الفتح مع محامي الجماعات الإرهابية مجدي سالم، وتم اعتقاله والحكم عليه بالسجن ثم أُفرج عنه بعفو من الرئيس الراحل محمد مرسي. أما مجدي سالم، المصري الثاني المعاقب من وزارة الخزانة الأميركية والمقيم في تركيا، والذي فرضت أنقرة قيودا على تحركاته، فقد كان أحد قيادات تنظيم الجهاد وتولى اختيار أعضاء التنظيم المسافرين إلى أفغانستان للتدريب هناك بتعليمات من أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، ويعودون للقيام بعمليات عنف وإرهاب في مصر. وألقت السلطات المصرية القبض على عدد من هؤلاء الإرهابيين في العام 1993، ووجهت لهم النيابة اتهامات بالانضمام إلى جماعات محظورة والتخطيط لأعمال إرهابية بهدف الإضرار بالأمن. وبعد ذلك بشهور قليلة ألقت السلطات المصرية القبض على مجدي سالم وصدر ضده حكم بالسجن وخرج بعفو من الرئيس المعزول محمد مرسي، ثم فرّ بعدها إلى تركيا في العام 2013 برفقة أسرته واستقر هناك.

مشاركة :