بدأ أكراد سوريون خطوات ملموسة للسير في اتجاه تطبيق مشروع الفيديرالية في سورية، بدعوتهم إلى عقد مؤتمر موسع بمشاركة ممثلي مكونات عربية وكردية لبحث إقامة «إدارات محلية موسعة» تضم مجالس مدنية عربية وأقاليم «غرب كردستان» في شمال سورية وشمالها الشرقي. ويتوقع أن يكون موضوع الفيديرالية أحد الأمور التي ستطرح لدى اجتماع وزراء خارجية «المجموعة الدولية لدعم سورية» في جنيف لدى انتهاء الجولة المقبلة من المفاوضات غير المباشرة بين ممثلي الحكومة والمعارضة في ٢٤ الشهر الجاري. وعلم أن «المجموعة الدولية» توسعت لتضم اليابان وأستراليا وهولندا وأن دولاً بينها تركيا وإيران قد يثيران في ضوء تفاهم مشترك خلال الاجتماع المقبل (الموعد الأولي ٢٣ أو ٢٤ أو ٢٩ الشهر الجاري) تحفظات إزاء دعم روسيا ودول غربية مشروع الفيديرالية خصوصاً أن البيانات السابقة لـ «المجموعة الدولية» أكدت على «وحدة سورية». وقال مسؤول كردي رفيع المستوى لـ «الحياة» أمس، أن لجنة تشكلت من الإدارات المحلية الثلاث التي أعلنت قبل أكثر من سنة بمبادرة من «الاتحاد الديموقراطي الكردي» برئاسة صالح مسلم، وضمت إقليمي الجزيرة وعين العرب (كوباني) شرق سورية وعفرين شمالها ووجهت دعوة إلى المكونات الأخرى في هذه المناطق لعقد مؤتمر بمشاركة حوالى ١٥٠ شخصية لبحث «مشروع فيديرالية بين شمال سورية وغرب كردستان». وتردد أن إعلان الفيديرالية سيحصل في عيد نيروز الكردي في ٢١ الشهر الجاري. لكن المسؤول الكردي أشار إلى أن المواعيد مرتبطة بنتائج المشاورات الجارية بين ممثلي الإدارات وممثلي المكونات. وتجري استعدادات لإعلان تشكيل مجلس مدني في مدينة الشدادي في ريف الحسكة التي سيطرت عليها «قوات سورية الديموقراطية» التي تضم عرباً وأكراداً بعد طرد «داعش» منها بدعم من قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا، كما حصل لدى تشكيل مجلس مدني في مدينة تل أبيض شمال سورية على حدود تركيا ما سهل الربط بين إقليمي الجزيرة وعين العرب (كوباني). وتجري استعدادات لخوض معركة من قوات عربية وكردية بدعم التحالف الدولي لطرد «داعش» من معقله في الرقة، تمهيداً لتشكيل مجلس مدني. وأوضح المسؤول: «الفيديرالية ستكون بين هذه المجالس ضمن نموذج يعمم لكل سورية»، موضحاً: «نريد فيديرالية على أساس المكونات وليس على أساس الجغرافيا»، الأمر الذي يشكل خلافاً أساسياً مع الحكومة السورية وفصائل معارضة أخرى. وكان مسؤولون في دمشق أشاروا إلى أن الفيديرالية مرتبطة بإجراء استفتاء في البلاد، فيما أعلن وزير الخارجية وليد المعلم السبت أن حكومته ترفض الحديث حول الفيديرالية، قائلاً: «كمواطن سوري، أقول إننا نرفض أجراء محادثات حول تقسيم سورية ونحن مع وحدة سورية أرضاً وشعباً». وأكد مسؤولون في المعارضة السورية موقفاً مماثلاً في رفض التقسيم والفيديرالية. وكان المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أشار إلى إمكانية مناقشة الفيديرالية في مفاوضات جنيف التي بدأت أمس. وبدأ الحديث عن الفيديرالية كنموذج لمستقبل سورية بعد إعلان مسؤول في الخارجية الروسية عدم معارضة موسكو هذا الخيار. وقال المسؤول الكردي أمس إن موضوع الفيديرالية «نوقش مع المسؤولين الروس في السنوات الماضية باعتباره الحل المناسب لسورية مستفيداً من تجربة روسيا الاتحادية. سورية لن ترجع إلى الوراء ولا بد من الاتفاق على صيغة للمستقبل والفيديرالية هي النموذج الأفضل». وبدا، بالنسبة إلى المسؤول الكردي، أن تطبيق الفيديرالية مشروطة بأمرين: «الأول، أن تكون على أساس المكونات وليس الجغرافيا. الثاني، أن تقر بمبادئ فوق دستورية بحيث نعرف النتيجة النهائية للمفاوضات كي لا يترك المجال لخداعنا كما حصل سابقاً». وقال: «لا بد من إدارات محلية واسعة الصلاحيات». في المقابل، تفضل الحكومة السورية وأعضاء في «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة خيار الإدارات المحلية واللامركزية على أساس الأقاليم الجغرافية وليس المكونات الطائفية أو العرقية أو الدينية. وإذ يتمسك النظام بدستور العام ٢٠١٢ مع الاستعداد لإجراء بعض التعديلات لتوسيع صلاحيات رئيس الحكومة، فإن المعارضة تطالب بدستور جديد يعبر عن «هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة». لكن الطرفين يتفقان على إقرار مبدأ «اللامركزية» في الدستور الجديد أو الدستور الحالي المعدل. ويسعى الطرفان إلى الحفاظ على «مبدأ وحدة سورية» الذي أكدت عليه بيانات «المجموعة الدولية لدعم سورية» في فيينا مع قبول «اللامركزية» في حال جرى التفاهم على إعلان مبادئ دستورية. وسعت روسيا، التي افتتحت مكتباً للإدارات الذاتية في موسكو قبل أسابيع، إلى دعوة «الاتحاد الديموقراطي» إلى مفاوضات جنيف. ولم توافق واشنطن إلى الآن في شكل رسمي. وعلمت «الحياة» أن «مجلس سورية الديموقراطي» بعث كتاباً إلى الأمم المتحدة يقترح دعوة ٣٣ شخصاً بينهم ١٥ مفاوضاً وهيئة استشارية تضم رئيس «مجلس سورية» هيثم مناع وصالح مسلم.
مشاركة :