الديموقراطية.. نعم أو لا؟!

  • 10/8/2023
  • 02:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الإسلام‭ ‬لا‭ ‬يرد‭ ‬كل‭ ‬وارد‭ ‬من‭ ‬الآخر‭ ‬لذاته،‭ ‬بل‭ ‬لما‭ ‬يؤول‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬فساد‭ ‬أو‭ ‬إفساد،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬تأكد‭ ‬لديه‭ ‬فساده‭ ‬وعدم‭ ‬صلاحيته،‭ ‬بل‭ ‬ومعارضته‭ ‬للنصوص‭ ‬قطعية‭ ‬الثبوت،‭ ‬قطعية‭ ‬الدلالة‭ ‬رده‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬آسف‭ ‬عليه،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬ثبت‭ ‬صلاحه،‭ ‬واتفاقه‭ ‬مع‭ ‬النصوص‭ ‬القطعية‭ ‬الثبوت‭ ‬والدلالة‭ ‬قبله،‭ ‬ورحب‭ ‬به‭ ‬وأنزله‭ ‬منزلة‭ ‬الشرعية‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭.‬ إن‭ ‬المسلمين‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لا‭ ‬يشعرون‭ ‬بعقدة‭ ‬النقص‭ ‬تجاه‭ ‬الآخر،‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬يعتزون‭ ‬بما‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬تشريعات‭ ‬محكمة،‭ ‬وبما‭ ‬أنعم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬النعم‭ ‬الجليلة‭ ‬والسابغة‭.. ‬هم‭ ‬يؤمنون‭ ‬بإله‭ ‬واحد‭ ‬لا‭ ‬شريك‭ ‬له،‭ ‬وبما‭ ‬جاء‭ ‬به‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ ‬ً‭ ‬والإيمان،‭ ‬والإحسان‭ ‬التي‭ ‬تضبط‭ ‬حركتهم‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وتسدد‭ ‬خطاهم‭ ‬على‭ ‬صراط‭ ‬مولاهم‭ ‬المستقيم،‭ ‬وتحميل‭ ‬تجمعهم‭ ‬وحدة‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬التوحيد‭ ‬الخالص،‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬إن‭ ‬هذه‭ ‬أمتكم‭ ‬أمة‭ ‬واحدة‭ ‬وأنا‭ ‬ربكم‭ ‬فاعبدون‭) ‬الأنبياء‭/ ‬92‭.‬ وهم‭ ‬أصحاب‭ ‬معجزة‭ ‬خالدة‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬محفوظ،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬إنا‭ ‬نحن‭ ‬نزلنا‭ ‬الذكر‭ ‬وإنا‭ ‬له‭ ‬لحافظون‭) ‬الحجر‭ / ‬9‭.‬ ولقد‭ ‬تعهد‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬بصيانته‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬عبث‭ ‬بالزيادة‭ ‬أو‭ ‬النقصان،‭ ‬فقال‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭: (.. ‬وإنه‭ ‬لكتاب‭ ‬عزيز‭ (‬41‭) ‬لا‭ ‬يأتيه‭ ‬الباطل‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬خلفه‭ ‬تنزيل‭ ‬من‭ ‬حكيم‭ ‬حميد‭ (‬42‭)) ‬فصلت‭.‬ إذًا،‭ ‬فالمسلمون‭ ‬يملكون‭ ‬موازين‭ ‬القسط،‭ ‬وحين‭ ‬يعرضون‭ ‬ما‭ ‬يردهم‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬أو‭ ‬الغرب‭ ‬عليه‭ ‬ليروا‭ ‬ما‭ ‬يناسب‭ ‬أحوالهم،‭ ‬وما‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يأمرهم‭ ‬به‭ ‬قرآنهم‭ ‬وينهاهم‭ ‬عنه‭ ‬لهذا،‭ ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يشعرون‭ ‬بالخوف‭ ‬من‭ ‬مواجهته،‭ ‬وإعلان‭ ‬موقفهم‭ ‬منه‭ ‬بصراحة‭ ‬شديدة،‭ ‬فما‭ ‬يرونه‭ ‬حسنًا،‭ ‬وطبقًا‭ ‬لموازين‭ ‬العدل‭ ‬عندهم‭ ‬قبلوه‭ ‬وعملوا‭ ‬به،‭ ‬وما‭ ‬يرونه‭ ‬غير‭ ‬صالح،‭ ‬وفيه‭ ‬مخالفة‭ ‬واضحة‭ ‬لمبدأٍ‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬الإسلام،‭ ‬أو‭ ‬حكمًا‭ ‬قطعيًا‭ ‬من‭ ‬أحكام‭ ‬الإسلام‭ ‬نبذوه‭ ‬بقوة،‭ ‬ولنضرب‭ ‬بمثال‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬نظرية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والحكم‭ ‬استحدثها‭ ‬الغرب‭ ‬لينظم‭ ‬بها‭ ‬حركة‭ ‬حياته،‭ ‬ويضع‭ ‬الأسس‭ ‬لكيفية‭ ‬تداول‭ ‬السلطة،‭ ‬وهي‭ ‬كما‭ ‬قلنا‭ ‬نظرية‭ ‬واردة‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬معناها‭ ‬ومضمونها،‭ ‬وهي‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬موسوعة‭ ‬ويكيبيديا‭: ‬‮«‬حكم‭ ‬الشعب،‭ ‬وهي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الحكم‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬المواطنين‭ ‬المؤهلين‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة،‭ ‬إما‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ممثلين‭ ‬عنهم‭ ‬منتخبين‭ ‬في‭ ‬اقتراح‭ ‬وتطوير‭ ‬واستحداث‭ ‬القوانين‮»‬‭.‬ والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬محرجًا‭ ‬لبعض‭ ‬المسلمين‭ ‬هو‭: ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هل‭ ‬يرفضها‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا‭ ‬أو‭ ‬يعرضها‭ ‬في‭ ‬حرية،‭ ‬وثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬على‭ ‬القرآن‭ ‬الحكيم،‭ ‬وما‭ ‬يملكونه‭ ‬من‭ ‬شرائع‭ ‬تقنن‭ ‬لحاضرهم‭ ‬ومستقبلهم،‭ ‬فما‭ ‬وجدوه‭ ‬حسنًا‭ ‬ولا‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬الإسلام‭ ‬قبلوه،‭ ‬وما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬قرآنهم‭ ‬وشرائعهم،‭ ‬وخاصة‭ ‬المحكمة‭ ‬ردوه‭ ‬في‭ ‬أدب‭ ‬جم،‭ ‬وسماحة‭ ‬قد‭ ‬اشتهروا‭ ‬بها‭ ‬يشهد‭ ‬لها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المنصفين‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الغرب‭ ‬ومفكريه‭.‬ وتؤكد‭ ‬الموسوعة‭ ‬ويكيبيديا،‭ ‬فتقول‭: ‬يتفق‭ ‬الإسلام‭ ‬مع‭ ‬الديمقراطية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إعطاء‭ ‬العامة‭ ‬حق‭ ‬إبداء‭ ‬الرأي‭ ‬ومشاورة‭ ‬الحكام‭ ‬للمحكومين،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬يأمر‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬الشرعية‭ ‬كقول‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬فظًا‭ ‬غليظ‭ ‬القلب‭ ‬لانفضوا‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬فاعف‭ ‬عنهم‭ ‬واستغفر‭ ‬لهم‭ ‬وشاورهم‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬فإذا‭ ‬عزمت‭ ‬فتوكل‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬يحب‭ ‬المتوكلين‭) (‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬59‭).‬ إذًا،‭ ‬فالإسلام‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬الديمقراطية‭ ‬على‭ ‬إطلاقها،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يرفضها‭ ‬على‭ ‬إطلاقها،‭ ‬بل‭ ‬يعرضها‭ ‬على‭ ‬موازينه‭ ‬المحكمة،‭ ‬فيقبل‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬تقبله‭ ‬هذه‭ ‬الموازين‭ ‬ويرفض‭ ‬ما‭ ‬ترفضه‭ ‬هذه‭ ‬الموازين،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬بحث‭ ‬واستخلاص‭ ‬الأدلة‭ ‬على‭ ‬صلاح‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭ ‬أو‭ ‬فسادها،‭ ‬وهذا‭ ‬حق‭ ‬مشروع‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تروج‭ ‬له‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وتنادي‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬الرأي،‭ ‬وحق‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الأدلة‭ ‬التي‭ ‬تستخلص‭ ‬الصالح‭ ‬من‭ ‬الفاسد‭ ‬فيما‭ ‬يردنا‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭.‬وهنا‭ ‬مثال‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬يطيب‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نستخلصه‭ ‬لندلل‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬مناقشة‭ ‬ما‭ ‬يرد‭ ‬إلينا‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬والشرائع،‭ ‬واستشارة‭ ‬الثقاة‭ ‬من‭ ‬أولي‭ ‬الرأي‭ ‬والمشورة،‭ ‬وهذا‭ ‬المثال‭ ‬القرآني‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬بلقيس‭ ‬ملكة‭ ‬سبأ‭ ‬حين‭ ‬أرسل‭ ‬إليها‭ ‬نبي‭ ‬الله‭ ‬سليمان‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬مع‭ ‬النبوة‭ ‬الملك،‭ ‬وملكه‭ ‬عريض‭ ‬وعظيم‭ ‬اختصه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬دون‭ ‬باقي‭ ‬الأنبياء‭ ‬بملك‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لأحد‭ ‬بعده،‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬قال‭ ‬رب‭ ‬اغفر‭ ‬لي‭ ‬وهب‭ ‬لي‭ ‬ملكًا‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لأحد‭ ‬من‭ ‬بعدي‭ ‬إنك‭ ‬أنت‭ ‬الوهاب‭) (‬ص‭ / ‬35‭).‬ عندما‭ ‬أرسل‭ ‬إليها‭ ‬نبي‭ ‬الله‭ ‬سليمان‭ ‬كتابًا‭ ‬يأمرها‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬تأتيه‭ ‬هي‭ ‬وقومها‭ ‬مسلمين‭ ‬جمعت‭ ‬أهل‭ ‬الرأي‭ ‬والمشورة‭ ‬تستفتيهم‭ ‬في‭ ‬أمرهم،‭ ‬ولنستمع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قصه‭ ‬القرآن‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬أمرها‭ ‬مع‭ ‬قومها،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬قالت‭ ‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الملأ‭ ‬إني‭ ‬ألقي‭ ‬إلي‭ ‬كتاب‭ ‬كريم‭ (‬29‭) ‬إنه‭ ‬من‭ ‬سليمان‭ ‬وإنه‭ ‬باسم‭ ‬الله‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم‭ (‬30‭) ‬ألا‭ ‬تعلو‭ ‬علي‭ ‬واتوني‭ ‬مسلمين‭ (‬31‭) ‬قالت‭ ‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الملأ‭ ‬افتوني‭ ‬في‭ ‬أمري‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬قاطعة‭ ‬أمرًا‭ ‬حتى‭ ‬تشهدون‭ (‬32‭) ‬قالوا‭ ‬نحن‭ ‬أولو‭ ‬قوة‭ ‬وأولو‭ ‬بأس‭ ‬شديد‭ ‬والأمر‭ ‬إليك‭ ‬فانظري‭ ‬ماذا‭ ‬تأمرين‭ (‬33‭) ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬الملوك‭ ‬إذا‭ ‬دخلوا‭ ‬قرية‭ ‬أفسدوها‭ ‬وجعلوا‭ ‬أعزة‭ ‬أهلها‭ ‬أذلة‭ ‬وكذلك‭ ‬يفعلون‭ (‬34‭) ‬وإني‭ ‬مرسلة‭ ‬إليهم‭ ‬بهدية‭ ‬فناظرة‭ ‬بم‭ ‬يرجع‭ ‬المرسلون‭ (‬35‭)) ‬سورة‭ ‬النمل‭.‬ إنه‭ ‬رأي‭ ‬سياسي‭ ‬محنك،‭ ‬وتدبير‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬عظيمة‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الشديد،‭ ‬والغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬بلقيس‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬ملكة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يمنعها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬رأيها،‭ ‬فهي‭ ‬تتحدث‭ ‬وتعني‭ ‬الملوك‭ ‬الطغاة‭ ‬المستبدين‭ ‬منهم‭ ‬لا‭ ‬كل‭ ‬الملوك،‭ ‬وكأنها‭ ‬تريد‭ ‬بهذا‭ ‬الموقف،‭ ‬ووفق‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬الملوك‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تقول‭: ‬إن‭ ‬الملوك‭ ‬ليسوا‭ ‬على‭ ‬صفة‭ ‬واحدة،‭ ‬فهناك‭ ‬الملوك‭ ‬الدستوريون‭ ‬الذين‭ ‬يشركون‭ ‬شعوبهم‭ ‬فيما‭ ‬يأخذونه‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬مصيرية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬صنفا‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الملوك‭ ‬إذا‭ ‬دخلوا‭ ‬قرية‭ ‬أفسدوها‭ ‬وأهانوا‭ ‬شعوبها‭ ‬وأنزلوا‭ ‬بهم‭ ‬الهوان،‭ ‬وهي‭ ‬تريد‭ ‬بإرسال‭ ‬الهدية‭ ‬إلى‭ ‬نبي‭ ‬الله‭ ‬سليمان‭ ‬أن‭ ‬تتأكد‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬الملوك‭ ‬المصلحين‭ ‬أو‭ ‬المفسدين،‭ ‬وسوف‭ ‬تكتشف‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قبوله‭ ‬الهدية‭ ‬أو‭ ‬ردها،‭ ‬وهذا‭ ‬الموقف‭ ‬السياسي‭ ‬الحكيم‭ ‬والسديد‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬قومها‭ ‬قد‭ ‬أحسنوا‭ ‬الاختيار‭ ‬حين‭ ‬اختاروها‭ ‬ملكة‭ ‬تحكمهم،‭ ‬بدليل‭ ‬أنهم‭ ‬قد‭ ‬فوضوها‭ ‬نيابة‭ ‬عنهم‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تبقيهم‭ ‬وقد‭ ‬تفنيهم،‭ ‬ونستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقول،‭ ‬وبلغة‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬أن‭ ‬بلقيس‭ ‬ملكة‭ ‬دستورية‭ ‬لا‭ ‬تنفرد‭ ‬بالحكم‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬تشرك‭ ‬شعبها‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره،‭ ‬وفِي‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬المصيرية‭.‬ إذًا،‭ ‬فالديمقراطية‭ ‬ليست‭ ‬خيرًا‭ ‬مطلقًا،‭ ‬وهي‭ ‬كذلك‭ ‬ليست‭ ‬شرًا‭ ‬مطلقًا،‭ ‬والإسلام‭ ‬يقبل‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬أحكامه‭ ‬القطعية‭ ‬الثبوت‭ ‬قطعية‭ ‬الدلالة،‭ ‬ولا‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬القرآن‭ ‬العظيم‭ ‬لأنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬طاعة‭ ‬لمخلوق‭ ‬في‭ ‬معصية‭ ‬الخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‮»‬‭.‬

مشاركة :