ليسمح لنا بعض الساسة والمنظِّرين والمفكرين ممن يتحدثون بجهل شديد عن أحوال الخليج، وهو أمر إن قُبل ممن يعيشون خارجه فلا يُقبل على الإطلاق ممن يدّعون العلم والمعرفة والتخصص من مواطنيه وأكاديمييه ومثقفيه، أن يحاولوا تقسيم دولنا الخليجية وأنظمتها بالتصريح أو بالتلميح إلى دول ديموقراطية ودول ديكتاتورية... *** ففي البدء لا توجد ديموقراطية حقيقية بالخليج بل فقط صناديق تلقى بها أوراق وعملية تشابه أسماء كحال أن يكون هناك شخصان يتشاركان بالاسم أحدهما لديه دكتوراه والثاني لم يدخل المدرسة قط، الاسم واحد إلا أن المحتوى مختلف تماماً، ومن ذلك فـ «الديموقراطية الحقيقية» المعمِّرة القائمة في الدول المتقدمة تهتم في محتواها بالشفافية والتقدم والرفاه والعدل والمساواة والتنمية المتسارعة وترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وجودة الصحة والتعليم وبقية الخدمات الحكومية وتشجيع القطاع الخاص والبحث العلمي، مما يؤدي إلى التفاؤل والأمل والمستقبل المشرق، بينما يطغى على ما يسمى بـ«الديموقراطية الشرق أوسطية» المدمرة الفساد الشديد ونهب الثروات، وضعف الولاء الوطني لصالح الولاءات البديلة والتعصب وتعثر التنمية والفقر والمجاعات واشتعال الحروب الأهلية وسوء الخدمات الحكومية بسبب التعيينات البراشوتية، وانهيار الاقتصاد وسعر صرف العملة والمستقبل المظلم.. فهل لدينا في الخليج بحق «ديموقراطية»؟ أم هي فقط عملية انتخابية؟! نرجو ضمن نهج تغيير المسار أن نتحول من العملية الانتخابية الماضوية إلى الديموقراطية المستقبلية. *** الحال كذلك مع «الديكتاتورية» التي في حقيقتها كحال ما كان مع ستالين وهتلر وصدام والقذافي.. إلخ، من قمع وطغيان وقتل للشعوب ودمار ودماء وتخلُّف وفقر واستباحة للموارد ومقابر جماعية وكراهية شديدة متبادلة بين الحاكم والمحكوم وخلق لمجتمعات الخوف، وجميعها أمور غير موجودة على الإطلاق في الخليج ودوله الست التي تتميز علاقات الحاكم والمحكوم فيها بالإنسانية والعطف والرحمة ومعها استغلال أمثل للموارد وعمليات تنمية متسارعة وجودة في خدمات الصحة والتعليم وبقية الخدمات حتى قاربت دولنا لمستوى العالم الأول في الرقي والرفاه، ومن يقم بتلك الأمور لا يمكن أن يسمى نظامه بالنظام الديكتاتوري إلا عند أعمى البصر والبصيرة ولو سمي لحلمت أغلب شعوب الديموقراطيات الشرق أوسطية بمثله ولبكت دماً لأجل تحقيق ذلك الحلم! *** آخر محطة: 1) في الدول الخليجية ظهر النفط فحسن استغلاله وعاشت شعوبنا بعزة ورفعة ورفاه وثراء بسبب حكمة وعقلانية وإنسانية الأنظمة الخليجية الست وعدالة توزيع الثروة... 2) في الدول الشرق أوسطية الأخرى وصل النفط الذي لا يقلّ كمًّا وجودةً عن نفط الخليج مع كثير من الموارد الأخرى، ووصلت معه أنظمة ثورية نهبت وأهدرت الثروات وقتلت وقمعت وجوّعت الشعوب فأشرقت شمس النفط وقارب وقت غروبه دون أن يستفيدوا منه شيئاً، وكان الخيار لدى بعض شعوبنا العربية المغلوبة على أمرها إما ديكتاتوريات إباديّة أو ديموقراطيات صورية أشعلت الحروب الأهلية وقضت على الزرع والضرع، ونحمد الله أن لا «ديموقراطية» أو «ديكتاتورية» لدينا في الخليج بل أنظمة إنسانية تتميَّز بالتعقل والرحمة والحكمة.
مشاركة :