على شواطئ البحر الأحمر وجنوب قناة السويس، تشهد منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني المصري تيدا السويس، والتي احتفلت للتو بعيد ميلادها الخامس عشر، تسارعا في النمو، وباتت منصة مهمة للتعاون الاستثماري بين الصين والشركات المصرية. وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته إلى مصر في يناير 2016، قد وضع جنبا إلى جنب مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حجر الأساس للمرحلة الثانية من منطقة التعاون. وبفضل الاهتمام المشترك من رئيسي البلدين، تحولت منطقة التعاون إلى مشروع تجريبي للبناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق" و"الحزام الاقتصادي لممر قناة السويس". وأصبحت منطقة تعاون جديدة ومثالا جيدا للتحديث الصناعي في مصر وضفتي البحر الأحمر. بعد مرحلتين من البناء، أصبحت منطقة التعاون تيدا السويس تتمتع ببيئة شاملة ومتطورة وكثافة استثمارية وتركز للشركات ذات التمويل الصيني. حيث تمركزت في المنطقة مايزيد عن 140 شركة، باستثمارات فعلية تتجاوز 1.6 مليار دولار أمريكي، ومبيعات تراكمية تتجاوز 3.7 مليار دولار أمريكي، وضرائب ورسوم مدفوعة تتجاوز 200 مليون دولار أمريكي. مما يوفر فرص عمل مباشرة لما يقرب من 6000 شخص، ويسهم في توظيف حوالي 50000 شخص بشكل غير مباشر. وقد وصفها الرئيس الصيني بأنها "أنجح مشروع في المنطقة الاقتصادية لممر قناة السويس في الوقت الحالي"، وقال عنها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بأنها "نموذج للمناطق الصناعية في مصر". وبحسب وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فإنه في ظل الدعم الذي تحظى به منطقة التعاون من قبل رئيسي البلدين، باتت في الوقت الحالي مشروعا نموذجيا للمنطقة الاقتصادية للقناة وحتى مصر ككل. وقد ساهمت بشكل فعال في تعزيز التبادلات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصين والتعاون في مجال الاستثمارات. بدأت شركة جوشي الصينية عملياتها الاستثمارية في مصر منذ عام 2012. وفي نهاية عام 2013، أطلقت المرحلة الأولى من شركة جوشي للألياف الزجاجية، بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 80 ألف طن. ومن المرحلة الأولى إلى المرحلة الرابعة، وصلت الطاقة الإنتاجية الإجمالية لقاعدة إنتاج الألياف الزجاجية لجوشي بمصر 340 ألف طن سنويًا، لتصبح أكبر قاعدة لإنتاج الألياف الزجاجية في القارة الأفريقية. عند الدخول إلى قاعدة إنتاج شركة جوشي بمصر، تجد خطوط الإنتاج مزدحمة ومنظمة. حيث يضم المصنع الكبير أكثر من 2000 عامل وما يزيد عن 30 موظفًا إداريًا وفنيًا صينيًا، أغلبهم من المصريين. كما تفي الشركة بمسؤولياتها الاجتماعية، بما في ذلك تعزيز حماية البيئة ومساعدة تنمية المجتمع، وتقديم المساعدة الخيرية في حدود قدرتها إلى دور الأيتام المحلية والمقيمين الفقراء، والتبرع بمواد التدريس والمعيشة للمدارس الخيرية. ويرى مصطفى مدبولي أن بناء خط إنتاج ضخم جديد يعكس قوة شركة جوشي. وقال إن قيام الشركة بتوسيع استثماراتها في مصر، قد خلق عددًا كبيرًا من فرص العمل ودفع الصناعة التحويلية المصرية إلى الأمام. يذكر أن "رؤية مصر 2030" قد أشارت إلى أن مصر ستشارك بنشاط في التعاون الاقتصادي الدولي، وستعمل على تعظيم القيمة المضافة، وخلق فرص عمل لائقة ومنتجة، والوصول بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الفعلي إلى مستوى البلدان متوسطة الدخل. إلى جانب تنمية المزيد من المواهب والكفاءات التي تلبي احتياجات التنمية الصناعية في مصر. تحتوي منطقة التعاون أيضا على مصنع شركة "ميديا" لصناعة آلات غسل الأطباق. ويقول تشن وي وي، المدير العام لفرع الشركة بمصر، إن هذا المشروع قد ملأ الفجوة الفنية في مجال تصنيع غسالات الأطباق في مصر. كما أسهم في تعزيز تدريب المواهب المحلّية وتوطين التقنيات الرئيسية مثل تكنولوجيا معالجة المكونات وتقنية غمس المسحوق، الشيء الذي ساعد على تقليل تكلفة وأسعار غسالات الأطباق. كمال هو عامل مصري، من الدفعة الأولى من العمّال المحليين الذين تلقوا تدريبا في مصنع شركة "ميديا". وبعد ثلاثة أشهر من انضمامه إلى الشركة في 2022، أصبح كمال، الذي تعلّم بسرعة، خبيرًا فنيًا في خط تجميع غسالة الأطباق، وتم تعيينه مؤخرًا كقائد فريق مسؤول عن توجيه العمّال الجدد. "أنا سعيد جدًا بالعمل هنا، وسأواصل العمل الجاد لخلق حياة أفضل"، يقول كمال . وأشار تشن وي وي إلى أن الطاقة الإنتاجية الحالية لخط تجميع غسالات الأطباق يمكن أن تلبي طلب السوق في الشرق الأوسط، وفي المستقبل، سيتم إضافة خطوط تجميع جديدة لزيادة الإنتاج. "سنواصل تعزيز توطين البحث والتطوير والتصنيع وتدريب المواهب، والتركيز على سوق المستخدم المحلي لتزويد المستخدمين الإقليميين بمجموعة أكثر ثراءً من الأجهزة المنزلية"، قال تشن وي وي.
مشاركة :