تحقيق إخباري: العزلة التامة خطر يحدق بسكان غزة تحت هجمات إسرائيل

  • 10/12/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من دون كهرباء وخدمات اتصال أو انترنت تقريبا، يواجه سكان قطاع غزة واقع العزلة شبه التامة تحت هجمات إسرائيل المكثفة لليوم السادس على التوالي. فقد قطعت إسرائيل إمدادات الوقود والكهرباء عن سكان قطاع غزة مع بدء هجومها العسكري غير المسبوق عليه يوم السبت الماضي وقصفت شركتي الاتصالات الرئيسيتين. وأعلن مسؤولون فلسطينيون أمس (الأربعاء) عن انقطاع التيار الكهربائي على عموم القطاع بعد توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة بسبب نفاد مخزون الوقود وحظر السلطات الإسرائيلية توريده إلى غزة، ردًا على هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس تحت اسم "طوفان الأقصى". وصفت سهاد سعد في نهاية الثلاثينيات من عمرها والأم لخمسة أطفال، انقطاع الكهرباء وخدمة الانترنت بأنه قد يوازي خطر غارات إسرائيل الجوية والمدفعية. وتقول سعد لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الشعور بأننا لسنا وحدنا، وقادرين على الوصول إلى الإنترنت ومشاركة الأخبار. والتطورات تمثل نوعا من العزاء لنا وتقوي صمودنا". وتضيف بصوت يائس متقطع "حقيقة أننا في عزلة بدون كهرباء ولا اتصالات أو انترنت، ما يزيد الرعب الذي نعانيه، وهو أمر لم أستطع أن أتخيله في أسوأ كوابيسي". وأعرب سكان عن فزعهم إزاء عدم تمكنهم من تلقي إشعارات من الجيش الإسرائيلي بإخلاء مبانيهم بسبب عدم توفر الكهرباء وخدمة الانترنت ونفاد شحن هواتفهم النقالة. وقال أحمد جعرور (48 عاما) لـ((شينخوا)) إن الجيش الإسرائيلي يعلن مرارا أنه ينذر السكان قبل قصف الأحياء بأكملها، "لكن كيف لنا أن نعرف خاصة وقت الظلام الدامس والاحتماء بمنازلنا دون اتصال مع الخارج". وأضاف "كنا طوال ساعات الليلة الماضية في فزع، نترقب مصيرنا ونتساءل عن حال أقاربنا فيما كل ما يصلنا هو دوي الانفجارات... لا يوجد أشد من الحرب النفسية التي نتعرض لها". ويشن الجيش الإسرائيلي هجمات مكثفة وغير مسبوقة في قطاع غزة مستهدفا أحياء سكنية بأكملها مما تسبب في دمار واسع النطاق ومحو أحياء بأكملها. وبحسب إحصائيات رسمية، قتل 1354 فلسطينيا وأصيب أكثر من 6 آلاف أخرين بجراح مختلفة منذ بدء الهجوم الإسرائيلي واسع النطاق. وتبقي حصيلة الضحايا آخذة بالارتفاع على مدار الساعة تقريبا. وفرضت إسرائيل إغلاقا شاملا على قطاع غزة الذي يقطنه أكثر من مليوني و200 ألف نسمة، بما في ذلك منع إمدادات الكهرباء والوقود، إضافة إلى الاحتياجات الإنسانية والماء. وتفاقمت عزلة سكان غزة أكثر عندما استهدفت غارات إسرائيلية مقري شركتي الاتصالات الرئيسيتين في غزة ((بالتل)) و((جوال)) يوم الاثنين الماضي. ونتيجة لذلك، واجهت وكالة أنباء ((شينخوا)) ووسائل الإعلام الأخرى، مصاعب كبيرة في الحفاظ على التواصل مع مراسليها بسبب الانقطاع المتكرر لإمدادات الطاقة والاتصالات وخدمة الإنترنت. في هذه الأثناء، يشتكي سكان غزة من نقص متفاقم في احتياجاتهم. وقال ناصر الحويطي إنه يضطر إلى المشي لمسافة كيلومترين للحصول على جالون ماء شرب لعائلته التي نزحت إلى مركز إيواء وفرته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وسط رفح. والحويطي (46 عامًا) واحد من عشرات الآلاف الذين فروا من المناطق الحدودية هربا من الغارات الإسرائيلية والتوغل العسكري المحتمل على القطاع. وقال "هنا لا يوجد ماء ولا أكل، كل واحد من الأولاد يحصل على رغيفي خبز يوميًا فقط". وأضاف الحويطي المسؤول عن أسرة مكونة من 8 أطفال، إضافة لوالديه المسنين، "منذ ثلاثة أيام، لم يغتسل أحد من أسرتي وحتى الكهرباء فقدنها اليوم". وتعيش أسرة عبدالله إبراهيم في حي النصر في غزة بين كومة من الركام داخل منزلها المتضرر، فيما فقدت إمدادات الكهرباء والمياه منذ اليوم الأول للهجوم على غزة. وقال إبراهيم (52 عامًا) "في الليل نعيش كوابيس مرعبة جراء القصف، ومعظم الوقت أحتضن أطفالى وفي النهار أخرج سيرًا على الأقدام من أجل تأمين الطعام والماء". أما محمد بارود من حي النصر غرب غزة، فقال "لا نستطيع التحرك أو شراء احتياجات أطفال... بين كل غارة وغارة تقع غارة جديدة هنا... ما يحدث أمر جنوني". وأضاف بارود الذي يعمل سائق أجرة إن الشوارع في معظم الأحياء جرى تدميرها وحتى من يخرج لمحاولة التزود بالاحتياجات قد يتعرض للقصف والموت في أي لحظة. وبفعل الهجمات على مدينة غزة، أصبحت مسألة التنقل عبر المركبات ضربا من الخيال، فقد سوت الهجمات الإسرائيلية طرقا وشوارع وبنية تحتية أساسية وأحياء مثل الرمال وأبراج الكرامة والمخابرات ومنطقة التفاح بالأرض. ووضعت تهاني جابر أطفالها لدى والدتها المسنة في حي الشيخ رضون شمال مدينة غزة من أجل تأمين بعض الأدوية لطفلها الرضيع الذي يعاني من ارتفاع حرارة لليوم الثاني على التوالي. وقالت جابر التي كانت تتنقل على أقدامها لـ((شينخوا)) "أشعر بأنني أقترب من الموت في كل لحظة، لكن حياة أطفال أهم". وأعلنت الأمم المتحدة أنها تعمل وشركاؤها في المجال الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة على تلبية الاحتياجات الملحة في غزة ولا سيما المأوى في ظروف خطيرة. ومع ذلك، فقد تم أيضًا قطع إمكانية وصول موظفي الإغاثة الإنسانية والإمدادات إلى غزة، كما أن شدة أعمال العنف تحد من قدرة الموظفين على إيصال المساعدات، بحسب المنظمة الدولية. وقال رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية ظافر ملحم لـ((شينخوا)) إن الوضع في غزة "خطير جدا خاصة أن هناك 10 خطوط مغذية للكهرباء متوقفة من إسرائيل كانت تغذي القطاع بـ120 ميغاواط". وأوضح ملحم أن انقطاع الكهرباء في غزة، "له تداعيات كبيرة وتحدث أزمة إنسانية غير مسبوقة، لأن بقية القطاعات سوف تتضرر لاسيما المستشفيات وتوقف معالجة مياه الصرف الصحي وبالتالي وقف تزويد السكان بمياه صالحة للشرب". ولفت إلى أن الإغلاق الشامل على قطاع غزة يمنع أي إمكانية لإدخال مواد ومعدات لعمل صيانة لخطوط الكهرباء لمشاريع الطاقة البديلة وهو ما يزيد من تعقيد الوضع القائم. ووجهت أوساط رسمية وحقوقية فلسطينية مرارا في اليومين الأخيرين مناشدات للمجتمع الدولي باتخاذ خطوات عملية للضغط على إسرائيل لوقف سياسة العقاب والقتل في غزة. وقال رئيس سلطة المياه الفلسطينية مازن غنيم لـ((شينخوا)) إنه إلى جانب الهجمات الدامية فإن سكان غزة مهددون بالوفاة عطشا بعد وقف الخدمات الأساسية كعقوبة جماعية. وذكر غنيم أن سكان غزة محرمون حاليًا من أي مصدر لمياه الشرب تقريبا، لاسيما بعد قطع إسرائيل إمدادات المياه بشكل كامل. فيما أدى انقطاع الكهرباء عن غزة إلى توقف محطتي تحلية وتقلص كميات المياه من محطة ثالثة إلى النصف، بالإضافة إلى توقف آبار المياه الرئيسية أو انخفاض معدلات الضخ منها بسبب أزمة انقطع الكهرباء، بحسب غنيم. وأشار إلى أن عمل محطات معالجة الصرف الصحي الثلاث في قطاع غزة يهدد بحدوث مكرهة صحية خطيرة جراء سيول المياه العادمة، وستؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض، إضافة إلى إعادة تلويث الخزان الجوفي والبحر في غزة.

مشاركة :