كانت الساعة الثالثة صباحا، لم يكن مكانا عاديا، كانت ساحة فسيحة تعج بالبياض، وسحائب المطر تغطي سماءها، كنت وحدي أنظر حولي ولا أجد أحدا، لا أسمع سوى صوت أجنحة الطيور ترفرف دون أن أراها، وفجأة ظهر سرب حمام أبيض اللون يحمل غصن الزيتون طالبا السلام، وكنت وحدي أقول للحمائم ما أجمل سعيك وما أسمى هدفك وما أروع مطلبك!، اقتربت حمامة مني وكأنها تتفحص وجهي لتتأكد وكأنها تقول لنفسها هل أنت من بني البشر؟ وقبل أن أتفوه بحرف واحد، عاودت الطيران؛ لتقود سرب الطيور مرة أخرى إلى وجهة أخرى. وكنت أنادي بحرقة بأعلى صوت: عد يا سرب السلام فما الحياة بلا سلام؟! عد يا طائرا أبيض فقد مللنا حياة اتشحت بالسواد، عودي ياحمامة بيضاء وانثري أغصان الزيتون على رؤوس البشر؛ ليعم الوئام أرض المعمورة، وكأني أخاطب الهواء، فلا الحمامة التفتت إليّ ولا السرب عاد ليبشر بالسلام. وفي خضم حسرتي على رحيل سرب الحمام الأبيض، لاح لي من بعيد غراب دميم يسبقه سواده الكئيب وصوت نعيقه يسوق نحيب الشؤم إلى المكان قبل وصوله، يحمل بين أقدامه أحجية حلها فتنة ورماها في الساحة واستدار ليعود أدراجه، وفي لحظات تحول كل البياض حولي لرماد أسود، والغيوم البيضاء تلبدت فجأة بالغيوم ثم انهمر المطر كحمض كبريتي يحرق كل ما يمسه فور لمسه، جحيم يحرق كل شيء، ثم ظهر شاب يافع حاملا درع الشيمة والكرامة وكان يقول قول الحق فنادى باسم ربه داعيا يا الله يارب الكون أعني على إطفاء هذه الفتنة، يا الله إني أعلم أن الخبثاء يحيطون بنا من كل صوب فاكفنا يا الله شرورهم، يا رب الكون أنت تعلم أني أتمنى الخير لأمتي وأحمل همهم وأشاركهم همومهم فأعني يا الله على مجابهة الظالمين وانصرني عليهم، يا رب أنت تعلم أني أحاول لم الشمل وإفشاء السلام والإمعان في نشر ثقافة اتحاد القوة والقوى لكن الفتنة أشد من السلم، وبينما أنا أنظر للشاب وأنصت له وهو يناجي ربه، سمعت صوت أذان الفجر وفتحت عيناي فجأة واستدركت أني كنت أحلم لكنه حلم جميل يدعو للسلام الذي قد يأتي يوما ما، وسنحمد الله حينها على الدوام وسلام على من ينثرون السلام. bassam_fatiny@
مشاركة :