تحتفي أيام الشارقة المسرحية لهذا العام بالكاتب والمخرج المسرحي الراحل الطيب الصديقي، أحد أبرز القامات في المسرح العربي الذين غادرونا بأجسادهم، إلا أن إبداعهم الفني يبقى حاضراً بتجلياته الفكرية والثقافية. الطيب الصديقي الذي يعد أبا المسرح المغربي، وأحد كبار المخرجين المسرحيين في الساحة المسرحية العربية، وأهم المسرحيين تأثيراً في المسرح المغربي، يستحق أن يكون حاضراً في المهرجان، فهو صاحب الرصيد الكبير، الذي تركت أعماله بصمات واضحة، وهو الإنسان الشغوف بالمسرح، والمبدع فيه تشخيصاً وإخراجاً وكتابة وتكويناً لأجيال من المسرحيين، كما اشتهر الصديقي بتوظيفه للتراث المغربي في مسرحياته، ضمن رؤية تتوخى منح المسرح المغربي هويته وخصوصيته التراثية، من دون الاستغناء عن روح العصر. من خلاله صار للمسرح الاحتفالي وما يندرج في سياقه من عروض تعتمد أشكال الفرجة، حضور واسع في المسرح العربي، مشكّلاً تياراً مسرحياً قاده عدد من المسرحيين المغاربة، كتّاباً ومخرجين ونقاداً، ونظّروا له ببيانات ودراسات، وكتبوا نصوصاً تتمثّل توجهَه، بوصفه فلسفة تحمل تصوراً جديداً للوجود والإنسان والتاريخ والفن والأدب والسياسة والصراع. ولد الصديقي عام 1937 في مدينة الصويرة المغربية المطلة على المحيط الأطلسي من جهة الجنوب، وتلقى تعليمه الابتدائي فيها، حاصلاً على شهادة الثانوية العامة في مدينة الدار البيضاء. وشارك بالصدفة في تدريب مسرحي في منطقة المعمورة، سنة 1954 نظمته وزارة الشبيبة والرياضة تحت إشراف الفرنسيين أندري فوازان وشارل نوك، وكانت مشاركته من خلال فرقة التمثيل المغربي. ثم شارك مع الفرقة في مهرجان باريس لمسرح الأمم سنة 1956 أنشأ الصديقي بعد عودته إلى الدار البيضاء فرقة المسرح العمالي، وأخرج لها في موسمها الأول مسرحية الوارث، تلاها بمسرحيات أخرى منها: المفتش المقتبسة عن غوغول، بين يوم وليلة لتوفيق الحكيم، والجنس اللطيف التي اقتبسها عن نص برلمان النساء لأرستوفانيس. ثم عاد إلى فرنسا لاستكمال تكوينه المسرحي التقني. ومن أشهر أعمال الصديقي المسرحية، إضافة إلى مقامات بديع الزمان الهمذاني، ديوان سيدي عبد الرحمن المجذوب، مولاي إدريس، الحراز، مولات الفندق، في انتظار مبروك، مومو بوخوصة، الغفران، مذكرات أحمد، النقشة، أبوحيان التوحيدي، ألف حكاية وحكاية من سوق عكاظ، وعزيزي التي كانت آخر عمل مسرحي قدمه عام 2005.
مشاركة :