يجمع فيلم "علي صوتك" من إخراج نبيل عيوش وسيناريو مريم التوزاني بين طاقم عمل موهوب وقدرة على عكس الاهتمام الكبير بالتفاصيل والقصص الإنسانية، ويثبت مرة أخرى موهبة مخرجه نبيل عيوش في إثراء السينما بأعمال تترك أثرًا عميقًا. تتمحور أحداث فيلم "علي صوتك" الذي يضم أنس بسبوسي إسماعيل ، مريم نقاش، نهيلة عارف، عبد الإله بسبوسي، وزينب بوجمعة حول شخصية أنس، الذي كان في السابق مغنيًا للراب، ولكن تم تعيينه للعمل في مركز ثقافي يوجد في حي الطبقة العاملة في مدينة الدار البيضاء. في هذا المكان يلتقي بمجموعة من الشباب الموهوبين في مجال التأليف والغناء، وبتوجيه وإشراف معلمهم الجديد يسعون جميعًا للتحرر من قيودهم والتعبير عن مواهبهم وشغفهم من خلال فن الموسيقى. ويبرز الفيلم أيضا مواضيع مهمة مثل حرية التعبير الفني الذي يكشف عن ذوات الشخصيات. إذ أنه يسلط الضوء على الفرصة التي يمكن أن يوفرها الفن كوسيلة للتحرر والتعبير عن الذات. بالإضافة إلى ذلك، يقدم العمل رؤية عميقة لحياة الشباب في الأحياء الهامشية، ويركز على الدور القوي للفن في تغيير الواقع وتحسين الظروف الاجتماعية. وتعالج الحبكة الدرامية في الفيلم فن الراب كوسيلة للمقاومة والتمرد الفني.باعتبارها نافذة يطل من خلالها الشباب على العالم بنظرة فنية متمردة، وذلك من خلال تجربة شخصية للمخرج نبيل عيوش، مما يعطي العمل منحى من التحليل الذاتي. وعرف الفيلم مشاركة قوية من قبل الشباب الذين يجسدون أدوار الهيب هوب في سيدي مومن ويقدمون أداءً مميزًا على الشاشة على الرغم من أنهم يواجهون تجربتهم السينمائية لأول مرة في هذه الفترة. هذه المشاركة القوية تعزز من قيمة الفيلم وتضيف عمقًا إلى الشخصيات والقصة. وتركز معظم المشاهد بشكل رائع على أصوات وأداء الشباب من خلال فن الموسيقى، مما يجعل العمل قصةً تعكس روح الابداع و الابتكار. ويعتبر نوع العمل موسيقيًا ويشبه أفلامًا مثل "ويست سايد ستوري"، مما يمنحه طابعًا فنيًا خاصًا. كما يشير الفيلم إلى الجهود المبذولة لتعزيز فن الهيب هوب في المجتمع ويُظهر امتنانًا للرابر السابق أنس بسبوسي الذي أسس برنامجًا تدريبيًا للهيب هوب في المغرب. وعلى العكس، تعتبر بعض اللقطات غير متطورة بما فيه الكفاية من الناحية السينمائية ويعاني من بعض الشخصيات الثانوية غير المتجانسة. كما يُلاحظ أنه يشوبه تصميم بصري يشبه التلفزيون وتكرار بعض العناصر في التصوير. ومع ذلك يظل العمل قيمًا بسبب موضوعه القوي وهيكله العام الذي يكشف الهيب هوب كتعبير فني وسياسي ووسيلة للتحرر من القيم التقليدية. كما ينوه 'علي صوتك' بأن الفن أكثر من مجرد موقف تمثيلي للتمرد والحرية، اذ يبين الأبعاد الفنية المتعددة للموسيقى والثقافة. ويضع السيناريو الأصبع على رسائل تحمل تصورا تعبيريا وإبداعيا، مُقدمًا فكرة قوية بأن صوتك الفريد وحريتك في التعبير من بين الوسائل الفعّالة التي يمكن استخدامها من خلال فن الهيب هوب للتعبير عن الاحتجاج والمقاومة ضد القيم والمعتقدات الاجتماعية السائدة في المجتمع المغربي. ويتم توجيه هذه الرسالة عبر شخصية أنس، الذي تحول ليصبح معلمًا وموجهًا للشباب في عالم الهيب هوب. ويعكس تطور شخصية أنس التحولات التي يمر بها المجتمع والشباب في مواجهة التحديات. تلعب شخصية أنس دورًا محوريًا في الدراما، حيث يصوّرها المخرج كشخص يعبر عن التحول داخل المجتمع. ومع ذلك يمكن تحسين السيناريو من خلال تطوير الشخصيات الثانوية بشكل أفضل. ويجب استكشاف خلفيات هذه الشخصيات وتفاعلهم مع أنس بشكل أفضل لزيادة التعاطف والتفاعل معهم الشيء الذي يجعل للرسالة السياسية صورة تكشف عمق ما يروج داخل المجتمع. فيما يتعلق ببنية السرد، فهي تعتمد على تقديم مقاطع قصيرة ومنفصلة لاستعراض مختلف جوانب اجتماعية متعددة. حيث يمنح الخط السردي إمكانية عرض صورة شاملة للواقع دون الانغماس العميق في تفاصيل القصة. ومع ذلك نجد هذا الأسلوب قد يؤدي إلى فقدان خيط التتبع المنطقي للسرد الأحداث مما يشوش على المتلقي تأثير الشخصيات. ويمكن تحسين هذا عن طريق توجيه انتباه المشاهدين أكثر نحو عدد قليل من الشخصيات الرئيسة وزيادة تمتين الحبكة. يعكس الإخراج الاستثنائي للمخرج نبيل عيوش رؤيته الفنية وإبداعه بشكل لافت. إذ يجسد ببراعته وواقعيته حياة الشخصيات واللحظات كما لو كانت جزءًا من الحياة اليومية، مما يمنح العمل الفني عمقه الإنساني وواقعية مميزة. تتصف تقنية الإخراج بمهارة كبيرة في نقل رسائله بطريقة تلامس أعماق الجمهور وتثير فيهم مشاعر وتأملات حول الأحداث والشخصيات. كما يظهر المخرج تنوعًا رائعًا في الأساليب المستخدمة، حيث يختار الأسلوب السينمائي الأنسب لنقل صوت الشباب بشكل فريد وفعّال. كما يولي اهتمامًا خاصًا لضمان تميز تقني في صورة الفيلم وإخراجه. ويسهم هذا في إضفاء لمسة فنية التي مجريات الأحداث مما يجعل العمل تجربة سينمائية لا تُنسى وتترك أثرًا عميقًا على الجمهور. يتميزأسلوب المخرج بالتنوع حيث يستخدم التصوير وإخراج الممثلين بمهارة فائقة لخدمة القصة، ويتيح للمشاهدين تجربة مميزة وعميقة من خلال تصويره الرائع وإخراجه الاحترافي. كما يستغل اللغة السينمائية بمهارة لتعزيز تأثير القصة وجعلها أكثر إقناعًا وإلهامًا. تتميز أعمال المخرج نبيل عيوش دائمًا بالنجاح الكبير وجذب الاعتراف من قبل النقاد والجمهور نظرًا لقدرته على تقديم قصص مؤثرة وإخراجها بشكل يجذب المشاهدين ويثير تفاعلهم مع الشخصيات والأحداث مما يجعل أسلوبه الإخراجي يتصف بالتمرد ويعود هذا إلى مهاراته والجودة العالية التي تطبع أفلامه، ونجح عيوش في تحقيق مكانة مهمة في عالم السينما الدولي وأصبح له تأثيرا كبيرا في تناوله للقضايا الإجتماعية والإنسانية. يُمثل العمل مزيجًا فنيًا مدهشًا وسيظل خالدًا في ذاكرة السينما والجمهور.
مشاركة :