تونس: توتر بين رئاسة الجمهورية والبرلمان بسبب النظام البرلماني المعدل

  • 3/17/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أفرز النظام البرلماني المعدل، الذي اعتمدته تونس بعد الثورة، توترا بين رئاسة الجمهورية والبرلمان، إثر توجيه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي رسالة لوم وعتاب إلى مجلس نواب الشعب (البرلمان) بسبب «البطء الكبير في المصادقة على عدد من مشاريع القوانين ذات الطابع الاقتصادي والمالي والاجتماعي بالخصوص»، إلا أن الخلافات بين الجانبين لا تقف عند هذا الحد، ذلك أن العلاقات بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة تعيش بوادر خلافات عميقة حول الصلاحيات الممنوحة لكل سلطة من السلطات الثلاث. وعلى المستوى البرلمان التونسي أكد مصدر برلماني لـ«الشرق الأوسط» أن البرلمان تفاعل إيجابيا مع هذه الرسالة، حيث أعلنت رئاسة المجلس مجموعة من الإجراءات، من بينها التطرق إلى مسألة الغياب المتكرر للنواب في البرلمان، ووضع مشروع روزنامة العمل البرلماني إلى نهاية الدورة الحالية، ودراسة كيفية التنسيق بين الحكومة والبرلمان في إطار مهام المجلس المتعلقة بمراقبة العمل الحكومي، ثم إحكام إجراءات المسار التشريعي لمشاريع القوانين. كما اتخذ البرلمان قرارا بخصم مائة دينار تونسي (نحو 50 دولارا) عن كل يوم غياب من قبل أي عضو من أعضاء البرلمان. وبهدف الوصول إلى إنهاء المشاريع العالقة التي أشار إليها الرئيس التونسي، اتخذ محمد الناصر، رئيس البرلمان، قرارا يتعلق بتمديد أيام العمل في الأسبوع الواحد إلى 6 أيام، بدل 5 أيام، غير أن هذا القرار لم يرق كثيرا لنواب الشعب الذين اعتبروا أن عطلة نهاية الأسبوع، أي يوما السبت والأحد، تخصص دائما للاتصال بالجهات والناخبين. وكانت الرسالة التي وجهها الباجي إلى رئيس البرلمان منذ نحو أسبوع، بمثابة الشرارة الأولى لسلسلة من التوترات حول الصلاحيات المخولة دستوريا للرؤساء الثلاثة، إذ شهدت العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة توترا إضافيا بعد استقبال الباجي قيادات النقابات الأمنية، وتقديم وعود بتسوية أوضاعهم المادية متجاوزا رئاسة الحكومة السلطة التنفيذية في هذا المجال، ومتجاوزا أيضًا الضغوط المادية المسلطة على وزارة المالية التونسية نتيجة المطالبات المتكررة بالزيادة في الأجور. ووفق متابعين للشأن السياسي المحلي، فإن الخلافات تعمقت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إثر استدعاء الرئيس الباجي قائد السبسي للرئيس المدير العام لشركة فوسفات قفصة (شركة حكومية) دون استشارة رئيس الحكومة. وفي هذا السياق، قال قيس سعيد، الخبير في القانون الدستوري، إن مثل هذا التوتر يمكن أن يحصل في ظل نظام برلماني معدل، تتقاسم فيه الرئاسات الثلاث الصلاحيات. وحذر من مغبة التمادي في هذا التوتر، لأنه قد يؤثر على العمل الحكومي ويؤخر تنفيذ البرامج التنموية. لكن مجرد توجيه رسالة من رئيس إلى آخر حول التعجيل بتنفيذ مطالب المواطنين الاجتماعية والاقتصادية، لا يمكن اعتباره مبادرة سلبية، على حد تعبيره. وكانت التعيينات المتكررة، التي أجراها رئيس الحكومة على تركيبة الحكومة وكبار المسؤولين، محل انتقاد من قيادات حرب نداء تونس، (الحزب الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي)، وكان لقرار إقالة والي (محافظ) قفصة (جنوب غرب) خلال الأيام الأخيرة وقع سلبي على تلك العلاقة، حيث أثار غضب قيادات من حزب النداء، على اعتبار أن الوالي المعفى من مهامه من بين المنخرطين في حركة نداء تونس. وعلى الرغم من مظاهر التناغم بين رأسي السلطتين، بالنظر إلى أن الرئيس السبسي هو الذي كلف الحبيب الصيد بتشكيل الحكومة وقيادتها منذ أكثر من سنة، فإن الخلافات الخفية بين حزب النداء الفائز في انتخابات 2014، والرئيس السبسي المتمسك بالحبيب الصيد على رأس الحكومة من ناحية، ورئيس الحكومة وقيادات حزب النداء من ناحية ثانية، قد تطرح تساؤلات عميقة حول مدى نجاح النظام البرلماني المعدل في إنجاح الانتقال الديمقراطي في البلاد، خصوصا في ظل تنازع الصلاحيات بين الرؤساء الثلاثة.

مشاركة :