انتهى دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الـ17 بتعاون حكومي نيابي نتج عنه إقرار أربعة قوانين مهمة، وها نحن مقبلون على دور الانعقاد الثاني وسط تباين حكومي نيابي عن أولويات اللجنة التنسيقية بين مجلس الأمة والحكومة وفقًا لما تبثه بعض وسائل الإعلام وتحت ضغوط الشارع يتضح للمتابع أن الخلاف على تلك الأولويات بات ظاهرا خاصةً فيما يتعلق بقضية العفو والحريات والقضايا المتعلقة في تحسين مستوى معيشة المواطنين. لا شك أن المواطنين فرحوا بهذا التوافق وهذا التعاون بين السلطتين، بل كانوا سببا في نشأته لتفاؤلهم بالمرحلة الجديدة، لكنهم أحبطوا خلال العطلة البرلمانية التي كانت فرصة للحكومة بأن تقدم إنجازات منفردة كإصلاح الطرق وتسكين المناصب القيادية وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين التي من شأنها أن تزيد شعبيتها وتضمن استقرارها، إلا أن ذلك لم يحدث وهو أمرٌ سيعقّد المشهد السياسي القادم وسيربك اللجنة التنسيقية، بل سيستغله خصومها السياسيون للإطاحة بها. التوافق الحكومي النيابي طريق للاستقرار المنشود على أن يكون تعاونا مثمرا وبنّاء لما فيه مصلحة البلاد والعباد، وليس لبقاء السلطتين إن كان الهدف منه بقاءهم أطول فترة زمنية خصوصا أن المواطنين هم الركيزة الأساسية لهذا الاستقرار، الأمر الذي جعلنا كمتابعين نتيقن أن دور المجلس كان وما زال إيجابياً بل عقلانياً حتى أنه منح الحكومة فرصة لتثبت جديتها في الإنجاز والتعاون، إلا أنها أخفقت وتقاعست في أداء دورها ولسان حالها يقول «مو مني كل الصوج». الحكومة ورئيسها لم ينالا ثقة القيادة السياسية فقط بل نالا ثقة 48 نائبا وغالبية الشعب، وهو أمر لم يحدث لأي حكومة سابقة في التاريخ السياسي، الأمر الذي يؤهلها لتحقيق الإنجازات وتطلعات المواطنين وإصلاح كل ما دمر خلال الفترات السابقة، لكنها لم تفعل ولم تستغل هذه الفرصة، وكأنها اصطدمت بسد منيع لم تدرك قوته ولم تجهز نفسها لتجاوزه، وستتعثر ما لم تدرك واقعها وتتعامل معه بحكمة في المرحلة المقبلة مع بدء الانعقاد القادم. يعني بالعربي المشرمح: سياسة «يا ويلي منك ويا ويلي عليك» لن تمكن الحكومة من تجاوز الضغوط النيابية القادمة، فالتعاون لا يعني التهاون وضغوط الشارع تزداد وتتفاقم، وخصوم الحكومة فرحون ببطء إنجازاتها وضعف إدارتها وعدم إدراكها عامل الوقت الذي قد ينعكس عليها سلبا، وحتى يستمر التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية يجب إعادة الأمل للشارع الذي تفاءل بقدومها، وعقد آماله وتطلعاته بها من خلال تقديم أولوياته وحل مشاكله العالقة، وإثبات جديتها في محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين، وإلا فإن القادم سيعيدنا للمربع الأول، وسيصبح التعاون تصادما، وستكون حالة عدم الاستقرار سيدة الموقف، وهذا ما لا نتمناه كمواطنين عانينا الأمرين بسبب العبث السياسي وعدم الإحساس بالمسؤولية.
مشاركة :