خمس دقائق فقط هي التي تفصل الشاب معاذ العامودي للانتقال من حدود قطاع غزة إلى بوابة معبر رفح البري في الجانب المصري، من أجل السفر لدراسة الإعلام في جامعة أيدن التركية، ولكن بفعل إغلاق كل معابر غزة أصبحت تلك المدة تتجاوز سنين عمره. فالمسافة الفاصلة بين غزة والجانب المصري التي لا تتجاوز 50 متراً، لم يتمكن من تجاوزها معاذ منذ عامين، الأمر الذي حرمه من أربعة فصول دراسية، اذ إن معبر رفح البري يعد المنفذ الوحيد لطلبة غزة وجميع سكانها إلى العالم، في ظل إحكام إسرائيل قبضتها على جميع المعابر. الطالب معاذ هو واحد من بين 4000 طالب مازالوا ينتظرون فتح معبر رفح، لاستكمال دراستهم في الخارج، فعلى مدار 10 سنوات ماضية يتكرر مشهد المعاناة والانتظار ذاته مع كل مرة تفتح فيها بوابة معبر رفح البري، التي تحولت إلى مشكلة تواجه عشرات آلاف الفلسطينيين، بسبب إغلاقه المتواصل، وفتحه على فترات متباعدة لسفر أعداد محدودة من أصحاب الحالات الإنسانية. وكانت السلطات المصرية قد فتحت معبر رفح البري ثلاثة أيام متواصلة في منتصف شهر فبراير الماضي، لتكن هذه المرة الأولى بعد إغلاقه لمدة 70 يوماً متواصلة، فيما تفيد الإحصاءات الرسمية لهيئة الحدود والمعابر الفلسطينية، بأن معبر رفح تم فتحه 21 يوماً فقط على فترات متباعدة خلال عام 2015. الطالب معاذ يسارع في كل مرة يعلن فيها عن فتح المعبر إلى هيئة الحدود والمعابر لتسجيل اسمه للسفر، إلا أن الأمل بخروجه يتبدد بعد إعلامه بأن اسمه لن يدرج ضمن سجلات المسافرين، نظراً لوجود آلاف الطلاب والمرضى وأصحاب الإقامات، الذين سجلوا أسماءهم منذ شهور في الكشوفات الرسمية، والذين يبلغ عددهم 250 ألف مواطن. ويقول معاذ لـالإمارات اليوم وملامح الخوف من مصير مجهول تسيطر عليه، أصارع الزمن حتى أتمكن من السفر، والالتحاق بجامعتي في تركيا، واستكمال دراستي، ولكن عمري يضيع دون تحقيق حلمي هذا، لأبقى أسير المعاناة الكبيرة التي نعيشها في غزة، بفعل الأزمة المستمرة لإغلاق المعابر. ويضيف، في حال لم أتمكن من السفر خلال شهر واحد فقط عبر معبر رفح، سأفقد العام الدراسي بأكمله ولن أستطيع الدراسة، وسأتأخر عامين كاملين، وهذا أمر خطير للغاية ولا يمكن أن أتقبل حتى التفكير فيه. معاناة الشاب معاذ لا تختلف كثيراً في تفاصيلها عن التي يتعرض لها الطالب أشرف المدهون، الذي ينتظر هو الآخر فتح معبر رفح في كل لحظة، ليتمكن من السفر إلى ألمانيا. ويقول المدهون بصوت مختنق، أنتظر فتح معبر رفح على أحرّ من الجمر، وأتابع كل خبر ينشر لفتح المعبر، حتى أتمكن من المغادرة إلى ألمانيا بعد قبولي في إحدى الجامعات هناك، ولكن ضياع الوقت دون التمكن من السفر سيقضي على حلمي الذي أنتظر تحقيقه منذ سنوات. ويضيف، حصلت على التأشيرة الخاصة بدخول ألمانيا مرتين متتاليتين، وقد شارفت الأخيرة على الانتهاء، ولم أتمكن حتى هذه اللحظة من السفر، خصوصاً أنني أنفقت مبالغ مالية باهظة من أجل التسجيل للدراسة، وامتلاك الفيزا الألمانية. وحاول الطالب المدهون السفر عبر معبر بيت حانون إيرز شمال القطاع، الذي يسيطر عليه الاحتلال، لكن محاولته باءت بالفشل، بعد أن تم رفض عبوره من الجانب الإسرائيلي.
مشاركة :