عاد العراق إلى مربع الخلافات وبدأت الأوضاع فيه تأخذ منحى تصاعدياً في أعقاب حرب غزة، بعد أن تحولت صواريخ ومسيرات الفصائل المسلحة إلى استهداف القواعد العسكرية الأمريكية وقواعد قوات التحالف الدولي. وأعلن عدد من الجماعات المسلحة عما سموها «حرب استنزاف» ضد إسرائيل، بحسب أبوعلي العسكري القيادي في كتائب «حزب الله» العراقية، فيما زعمت مجموعة أخرى تطلق على نفسها «الوعد الصادق»، أنها أرسلت 5 آلاف مقاتل إلى حدود إسرائيل، كمرحلة أولى. وهدد زعيم منظمة بدر هادي العامري بالتدخل واستهداف الولايات المتحدة، وقال زعيم «العصائب» قيس الخزعلي إنه يراقب الأوضاع في غزة.. «مستعدين غير متفرجين». واللافت أن هذا التصعيد يجري للمرة الأولى منذ استلام تحالف الإطار التنسيقي السلطة في نهاية العام الماضي، إذ كانت الهجمات قد توقفت قبل ذلك التاريخ بأشهر قليلة، ما يعني انهيار اتفاق عمره أكثر من عام بين الحكومة والفصائل بسبب مهاجمة القوات الأمريكية وشن الإطار التنسيقي حملة شعواء على الحكومة بعد أن قررت ملاحقة مطلقي الصواريخ. وتواجه الحكومة العراقية مصاعب في تحديد هوية المهاجمين، إذ مر أكثر من أسبوع منذ أعلنت ملاحقة الجهات التي تستهدف المعسكرات دون اعتقال أحد، في وقت تجاوز عدد الهجمات الـ10 بحسب تقديرات أمريكية. وحول إذا كان ما يجري انقلاب على التفاهمات السابقة، قال قيادي في الإطار التنسيقي: إن الحكومة ومنذ لحظة تكليف محمد شياع السوداني، أبرمت اتفاقاً مع المقاومة بعدم مهاجمة المصالح الأمريكية. ووفق القيادي الذي تحدث لـ«عكاظ»، فإن الاتفاق يقضي بأن تلجأ الفصائل إلى الحكومة في كل ما يخص التعامل مع أمريكا، سواء فيما يتعلق بالتصريحات أو استخدام السلاح، وأن تكون الحكومة قناة اتصال مع واشنطن، إلا أن العدوان الإسرائيلي على غزة نسف هذا الاتفاق، بحسب قوله. وكانت الحكومة العراقية تتوقع في البداية أن يقتصر التصعيد ضد إسرائيل على محاولات عبور مسلحين إلى سورية أو لبنان. يذكر أن رئيس الوزراء العراقي أرسل بعد يوم من أول هجوم على قاعدة عين الأسد، وزير الدفاع ثابت العباسي لزيارة المعسكر وتفقد الحدود مع سورية. وأفادت معلومات آنذاك بأنه جرى وضع ترتيبات جديدة على الشريط الحدودي لمنع تدفق المسلحين إلى سورية. فيما هاتف الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيس الحكومة، وطلب منه عدم توسيع دائرة الصراع. وقبل أن يصدر السوداني قرار ملاحقة المهاجمين، حاولت الحكومة مع «الإطار» إيقاف الهجمات، لكن يبدو أن هذه المحاولات لم تنجح حتى الآن. ومع ارتفاع وتيرة الخلافات بين الحكومة و«الإطار التنسيقي» خرج زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ليدعو الحكومة والبرلمان بالتصويت على «إغلاق السفارة الأمريكية». ومن ثم باتت الأوضاع في العراق على المحك، وسط توقع أكثر من برلماني باحتمالات تفاقمها حال حدوث اجتياح إسرائيلي بري واسع في غزة.
مشاركة :