حين تختتم الزهور مهرجانها الذي أقيم في ينبع خلال الأسبوعين الماضيين بحصاد بلغ المليون زائر حسب تقرير هيئة السياحة فإن ذلك يمكن له أن يضيف تفسيرا لما شهده معرض الكتاب الذي أقيم خلال الفترة نفسها من حضور حتى وإن ذهبت بعض التقارير أنه كان أقل من حضور معارض أخرى سبقت للكتاب. وإذا ما أضفنا إلى مهرجان الزهور مهرجانات أخرى مماثلة كمهرجان الجنادرية وعكاظ وجدة التاريخية تكاملت الصورة على نحو يجعلنا نطمئن إلى أن كثافة الحضور لهذه المهرجانات والمعارض يعبر عن حب للحياة في مختلف أوجه تجلياتها وتطلع إلى المشاركة في أي مناسبة تحقق التواصل بين الناس وتعقد جسورا تربط بينهم وتمكنهم من أن يلتقوا على صعيد واحد ويتحركوا في مجال واحد. وإذا كان ذلك كذلك لم تكن الزهور هي وحدها المستهدفة بالزيارة، ولم يكن الكتاب كذلك ولا فعاليات الجنادرية ولا عكاظ ولا جدة التاريخية، ليس المستهدف هو ما تتضمنه هذه المناسبات بل المناسبات نفسها لما تحققه من فرصة للخروج من ضيق المكان وضيق النفس بالمكان كذلك إلى رحابة تمنح النفس راحة أن تشاهد الآخرين يشاركونها هذه الرغبة في الخروج. وإذا كان من علامات صحة أي مجتمع من المجتمعات أن يحرص على جماليات مهرجان للزهور وفوائد معرض للكتاب وفعاليات مناسبة تاريخية أو ثقافية فإن من أهم علامات هذه الصحة والسلامة أن يتسم المجتمع بحبه للحياة ورغبته في التواصل وحرصه على البهجة وانفتاحه على الآخرين. وإذا ما أردنا أن نعرف حقيقة مجتمعنا فإن علينا أن نبرأ من اتهامات من يرونه مجتمعا منغلقا على نفسه وأن نضرب صفحا عن دعاوى أولئك الذين يريدون له أن يكون مجتمعا منغلقا على نفسه، وأن ننظر إلى مجتمعنا حين يتدفق مئات الآلاف منه رجالا ونساء، شيوخا وأطفالا، أفرادا وجماعات، يلتقون في معرض للكتاب أو مهرجان للزهور، وعندها يمكن لنا أن نطمئن على حاضرنا ومستقبلنا كذلك.
مشاركة :